استولى الاسلاميون المتطرفون السبت 31 اغسطس الماضي على مدينة دوينتزا الواقعة على الحدود بين الشمال الذي يخضع لسيطرتهم والجنوب الذي تسيطر عليه الحكومة. وقال شهود عيان ان مقاتلين من جماعة متحالفة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، دخلوا المدينة في قافلة من سيارات رباعية الدفع ونزعوا اسلحة ميليشيا محلية. ودوينتزا مدينة استراتيجية تقع على الطريق المؤدية الى مدينة تمبكتو التي سيطرت عليها في مطلع نيسان/ابريل الحركة الوطنية لتحرير ازواد (انفصاليون طوارق) قبل ان تعلن "استقلال" شمال مالي. وتبعد دوينتزا 170 كيلومترا عن موبتي آخر مدينة يسيطر عليها الجيش على الطريق الى الشمال الذي سيطرت عليه جماعات اسلامية مسلحة في آذار/مارس ونيسان/ابريل. وقال احد سكان المدينة موسى ديكو ان عناصر من حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا دخلوا المدينة صباح السبت، موضحا ان "عناصر حركة التوحيد والجهاد وصلوا في تسع سيارات رباعية الدفع وجردوا عناصر ميليشيا محلية تعرف باسم +ابناء الارض+ (غاندا ايزو) من اسلحتهم". واضاف ان عناصر التوحيد والجهاد "استولوا على كل اسلحة الميليشيا ثم قاموا بطردها"، موضحا ان الاسلاميين عقدوا بعدها "اجتماعا" مع وجهاء المدينة اكدوا فيه ان رجال "ابناء الارض" الذين كانوا وعدوا بالتعاون معهم ليسوا سوى "خونة". وقال ديكو ايضا ان الاسلاميين "يسيطرون على مختلف مداخل ومخارج المدينة". واكد شخص اخر من سكان المدينة هذه المعلومات. وروى المزارع المهدي سيسي "حين استيقظت هذا الصباح شاهدت اليات حركة التوحيد والجهاد تتوجه الى المعسكر. وبعد وقت قصير قيل لي ان جميع افراد ابناء الارض جردوا من اسلحتهم". واضاف "لم يسقط قتلى. انهم الان عند المدخلين الشرقي والغربي للمدينة". ومنذ خمسة اشهر، تسيطر حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا وجماعة انصار الدين، الحركتان المتحالفتان مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، على المناطق الادارية الثلاث في شمال مالي تمبكتو وغاو وكيدال. ويسعى هؤلاء الاسلاميون الى فرض الشريعة الاسلامية في مالي برمتها. وسيطرت حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا وجماعة انصار الدين على شمال مالي باكمله اي ما يوازي ثلثي مساحة البلاد منذ اواخر آذار/مارس وهما تطبقان مذاك احكام الشريعة الاسلامية. وسرع انقلاب عسكري ضد الرئيس امادو توماني توري في 22 اذار/مارس في باماكو في سقوط المنطقة بين ايدي الطوارق وحلفائهم الاسلاميين، ولكن السلطات الانتقالية التي انشئت بعد انسحاب الانقلابيين عاجزة اليوم عن استعادة الاراضي التي خسرتها. وبعيد سيطرتهم على شمال مالي، طرد الاسلاميون حلفاءهم السابقين الطوارق وباتوا يسيطرون على المنطقة باكملها حيث يرتكبون تجاوزات تحت شعار تطبيق الشريعة. وافادت منظمة الاممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) انهم يجندون مئات الاطفال. وفي غياب سلطة فعلية للدولة، شكلت مجموعات عديدة للدفاع عن النفس في مالي تضم متطوعين. وقد تحالف كثير منها مع مجموعة ابناء الارض الميليشيا التي يعرف تاريخيا انها مدعومة من الجيش وشنت في الماضي هجمات على طوارق وعرب ماليين. وكانت السلطات كشفت ميليشيا مماثلة تطلق على نفسها اسم "الموت لا العار" في باماكو واعتقلت قادتها. وقبل اسبوعين حددت الحكومة الجديدة في باماكو هدفا لها "استعادة الشمال" وانهاء الازمة التي نجمت عن الانقلاب العسكري والاعداد لانتخاب رئيس جديد للدولة. وقد شكل الرئيس المالي الانتقالي ديونكوندا تراوري حكومة "وحدة وطنية" بناء على مطالبة دول غرب افريقيا. وتستعد مجموعة غرب افريقيا لنشر 3300 جندي في مالي، لكن مهمة هذه القوة التي تدعمها دول غربية عدة على المستوى اللوجستي لا تزال غير واضحة. وفي هذا السياق، لا تزال تنتظر طلبا رسميا من السلطات الانتقالية في باماكو وتفويضا من مجلس الامن الدولي. وكانت المنظمة الافريقية اعدت خطة تشمل ضمان امن النظام الانتقالي وتدريب القوات المالية قبل اي تدخل في الشمال ضد الاسلاميين. لكن باماكو رفضت ان تتولى قوة اقليمية ضمان امن مؤسساتها.