قالت المملكة العربية السعودية يوم السبت 28 ابريل الجاري انها استدعت سفيرها في مصر لاسباب امنية بعد احتجاجات على القاء المملكة القبض على محام مصري مما يظهر تصدعا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ويمثل سحب السفير السعودي من القاهرة رسالة شديدة اللهجة للسلطة الحاكمة في مصر بأنها في حاجة الى الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الرياض التي وافقت الاسبوع الماضي على ارسال 2.7 مليار دولار لدعم الوضع المالي المتردي بهذا البلد. وتأزمت العلاقات القوية بين الرياضوالقاهرة بالفعل بعد الانتفاضة المصرية التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك المقرب من القيادة السعودية. كما ازعج صعود الاخوان المسلمين في مصر كثيرين في الخليج الذين يخشون من امتداد نفوذ هذه الجماعة الاسلامية. وخلال الايام القليلة الماضية تصاعدت حدة الاحتجاجات ضد اعتقال السعودية لاحمد الجيزاوي في 17 ابريل نيسان وبلغت ذروتها بمظاهرة احتشد فيها نحو الف شخص امام السفارة السعودية في القاهرة يوم الجمعة وجه فيها المحتجون السباب لحكام المملكة. ونقلت وكالة الانباء السعودية عن مصدر لم تحدده قوله ان الاحتجاجات امام السفارة غير مبررة وان محاولات جرت لاقتحام السفارة مما يهدد سلامة موظفيها. وسعى المجلس العسكري الحاكم في مصر الى احتواء تبعات الخطوة السعودية التي وصفها بالمفاجئة ودعا المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة السلطات في الرياض الى "رأب الصدع" الناتج عن هذا القرار بينما اكدت الحكومة على "الحب والتقدير" اللذين تكنهما للسعودية. ورفضت وزارة الخارجية المصرية "التصرفات غير المسؤولة" التي قام بها محتجون امام السفارة وقالت انها تتناقض مع العلاقات المصرية السعودية العميقة. وقالت وكالة الانباء السعودية انه ردا على طلب طنطاوي باعادة فتح السفارة في القاهرة والقنصليتين في السويس والاسكندرية قال العاهل السعودي انه سينظر في الامر خلال الايام القادمة. وقال نشطاء في القاهرة - من بينهم زوجة الجيزاوي - في وقت سابق هذا الاسبوع ان المحامي المصري احتجز فور وصوله الى الاراضي السعودية لاداء العمرة بعد الحكم عليه غيابيا بالسجن لمدة عام و20 جلدة بتهمة اهانة الملك عبد الله. ونفت السفارة السعودية يوم الثلاثاء هذه الرواية للاحداث وقالت ان الجيزاوي احتجز لحيازته اكثر من 21 الف قرص من عقار الزانكس المخدر المحظور في السعودية. وقالت صحيفة عكاظ السعودية يوم السبت ان الجيزاوي هرب الحبوب داخل عبوات حليب وعلب مصاحف. وقالت ان القضية الان بين يدي الادعاء العام السعودي. وفيما بدت خطوة لتخفيف الغضب الشعبي نشرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ما قالت انها نسخة من اعترافات الجيزاوي. واثارت الانتقادات القاسية التي وجهها المحتجون ضد السعودية وملكها الغضب في السعودية حيث نشرت الصحف صورا للمخدرات التي يزعم ان الجيزاوي قام بتهريبها مصحوبة بمقالات تستنكر انتقاد الملك. وقال حسين الشوبكي كاتب المقال في جدة ان الجميع يعلم ان ثورة قد وقعت لكن ذلك لا يعني التحول الى الفوضى ومهاجمة السفارات وتهديد الدبلوماسيين لان ذلك غير مقبول. وقال من الواضح ان السعوديين غاضبون للغاية بسبب ذلك. لكن المصريين تعاملوا مع القضية بوصفها مثالا على ما يقولون انها مشكلة اكبر يواجهها مواطنوهم في السعودية. وتحدث قادة من مختلف القوى السياسية عن القضية التي مست وترا شعبيا. وقال حزب الحرية والعدالة -الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين- في بيان ان الاحتجاجات اظهرت "رغبة المصريين في الحفاظ علي كرامة مواطنيهم في الدول العربية وتعبيرا على أن ما كان يحدث من استهانة بكرامة المصريين في الخارج لم يعد مقبولا بعد الثورة التي أعلت من كرامة المصريين داخليا وخارجيا." وأضاف البيان "يدعو الحزب المجلس العسكري باعتباره القائم علي أمور السلطة التنفيذية الان الى اتخاذ خطوات جادة لحل مشكلة الجيزاوي بالشكل الذي يضمن كرامة المصريين ويحافظ في الوقت نفسه علي متانة العلاقات المصرية السعودية." ويشير محللون الى صعود الاخوان بوصفه مدعاة لقلق السعودية من توجهات مصر بعد مبارك. وقال شادي حامد المحلل السياسي في مركز بروكينجز الدوحة ان السعودية قلقة للغاية من خسارة واحد من اهم حلفائها العرب ومن صعود الاخوان. وقال جريجوري جوز استاذ العلوم السياسية في جامعة فيرمونت "هذا وقت شديد الحساسية لكنه وقت تقتحم فيه المزيد من المشاعر الديمقراطية... السياسة الخارجية وهو ما يعني ان قضايا الفخر الوطني تبرز اكثر مما كانت عليه في الحقبة الدكتاتورية."