كشف في الفترة الماضية بعض تفاصيل ما توصف بأنها أكبر فضيحة نهب لأموال الشعب المصري في التاريخ الحديث بشكل رسمي وغطاء من الحكومة ورئاسة الجمهورية، حيث ذكر وزير الاقتصاد المصري الحالي معتز السعيد أن عدد الصناديق الخاصة بلغ 4200 صندوق وأرصدتها تناهز 36 مليار جنيه (5.9 مليارات دولار). في حين قدر الجهاز المركزي للمحاسبات عدد الصناديق ب6361 صندوقا بأرصدة تفوق 47 مليار جنيه (7.76 مليارات دولار)، وأن إيرادات هذه المؤسسات وصلت إلى 98 مليون جنيه (16 مليون دولار) في عام واحد فقط. ويشير تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات الخاصة بالحساب الإداري للدولة في عام 2008-2009إلى أن أرصدة الصناديق بلغت تريليونا و270 مليار جنيه (209 مليارات دولار). وقال رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية عبد الخالق فاروق الأربعاء في برنامج "بلا حدود" الذي تبثه الجزيرة إن الصناديق أو الحسابات الخاصة كانت "أحد مرتكزات دولة الفساد، فقد استعملت أموال هذه الصناديق الخاصة لإفساد الكثير من القيادات في كل المجالات". رئاسة الجمهورية فقانون الموازنة العامة يمنح للرئيس المصري وحده صلاحية إنشاء حسابات أو صناديق خاصة لمواجهة الظروف الطارئة، فأنشأ الرئيس السابق ستة حسابات ضمها لرئاسة الجمهورية، وكانت تتوفر على موارد بقيمة ثلاثة مليارات دولار عشية تنحي حسني مبارك في فبراير/شباط 2011، ولكن لا يعرف الآن مصير هذه الأموال. وتأتي موارد هذه الصناديق أساسا من الرسوم التي يؤديها المصريون في المصالح الحكومية كالمستشفيات، بحيث تحولت هذه الإيرادات لميزانية خفية خارج أي نطاق من المراقبة أو المحاسبة والتدقيق، إذ لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للحسابات ولا أي جهاز من أجهزة الرقابة الحكومية. ويصل فائض حسابات الصناديق الخاصة لدى البنك المركزي والبنوك التجارية حاليا 100 مليار جنيه (16 مليار دولار)، ويقول فاروق إنه إذا لم يبادر وزير المالية الحالي بوقف حركة هذه الحسابات فسيتم تبديد ما تبقى من هذه الأموال العامة. عجز الحكومة ويرى فاروق أن من أسباب عدم تحرك حكومة كمال الجنزوري لإعادة فائض حسابات الصناديق للموازنة العامة أن تلك الأموال دعامة أساسية لقوة مؤسسات كوزارة الداخلية التي لديها فائض في حسابات تديرها بقيمة 1.323 مليار جنيه (218 مليون دولار). والأخطر من ذلك -يقول الاقتصادي المصري- أن إيرادات الغرامات والمصادرة المدرجة في الميزانية، والتي تقوم بتحصيلها وزارة الداخلية ضمن صناديق قاربت قيمة إيراداتها مليار جنيه (165 مليون دولار)، قد اختفت كليا لأنها نهبت بموجب قرارات جمهورية قضت بتوزيع هذه العائدات على كبار قيادات الوزارة على مدار السنوات العشر الأخيرة. وكان كبار اللواءات المقربين من وزير الداخلية السابق حبيب العادلي يحصلون من الصناديق الخاصة على ما بين مليون جنيه (165 ألف دولار) وثلاثة ملايين جنيه (495 ألف دولار) شهريا، تضاف إلى ما يتقاضونه من أجور.