أسدل الستار أمس الإثنين 30 ماي الجاري على فعاليات المهرجان الدولي "ماطا" في نسخته الخامسة، والذي نظم من طرف جمعية الغمرة للتنمية والثقافة، وذلك بالقيام بحملة تنظيف وتحسيس بأهمية البيئة والفضاءات الطبيعية، وزيارة للأماكن الأثرية بمنطقة أحد الغربية، خاصة "زيليل" ثاني أقدم مدينة أثرية بالمغرب بعد "وليلي". وفي تصريح لمدير المهرجان نمط بوغابة أكد لأون مغاربية أن هذه الحملة "تعتبر الأولى من نوعها في اختتام مهرجان ماطا، بل وحتى على مستوى المهرجانات الأخرى". من جهته اعتبر عبد السلام سرحان – مسؤول الموقع الأثري "زيليل" – أن المهرجان يعتبر فرصة مهمة لترويج السياحة الداخلية والخارجية بهذا الموقع الأثري الذي كان يستقطب فيما مضى على مدار السنة أكثر من 2000 سائح، مضيفا في تصريح لأون مغاربية :"اليوم رغم أن العدد قل عن السابق حيث اصبح عدد الزوار سنوايا حوالي 600 زائر فإن المهرجان في دورته الحالية لوحده حقق ما مجموعه 260 زائر". وكان اليوم الرابع ضمن المهرجان المذكور قد شهد تنظيم أمسية فنية متميزة، وشاركت فيها فرق موسيقية وأصوات غنائية محلية، وطنية ودولية، كالمطرب الشاب أيوب الحوامي، المطربة ريم، مجموعة الهيب هوب "من كال"، فيما أدت مجموعة أنطونيو كراسكو (إسبانيا) مقطوعات من تراث الفلامنكو، لترتقي بعد ذلك المنصة الشاعرة الصاعدة كوثر البكاري، والتي جعلت من تلك اللحظة صورة من صور التناغم الكلماتي/ الموسيقي، حيث أبدعت في إلقاء ثلاث قصائد أهدت إحداها إلى ساكنة أحد الغربية والجمهور الحاضر، هذا الأخير بادلها حبا، تقديرا وتصفيقا. الأغنية الملتزمة كانت حاضرة بكل قوة من خلال مجموعة السهام بقيادة عبد المجيد مشفق، حيث حظيت أغانيها –كما هو الحال في كل المحافل- بتفاعل الجماهير التي حجت لمنصة المهرجان، وألهبت السهام حماس الكل من خلال عدة مقاطع من روائعها : نفديك يا شهيد، حورية، القطار، باغي نهبل وغيرها، وهي التي نالت النصيب الأكبر على الإطلاق من الإعجاب والتفاعل، وهو ما تجلى في مشاركة الجماهير الحاضرة الغناء للمجموعة الفنية الغيوانية، واهتزت المنصة مرارا وتكرارا عندما رفع العلم المغربي من طرف أحد أعضاء المجموعة، وكذا عندما كانت تردد هاته الأخيرة لمقاطع ترد فيها لفظة "أحد الغربية"، "الصحراء المغربية"، "القدس العربية"...، ونادى الجمهور طويلا باستمرار السهام على المنصة وأدائها لمزيد من أغانيها، تعبيرا عن بهجته وانسجامه خلال هاته السهرة، والتي استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل. فيما شهد اليوم ما قبل الأخير، تقديم عدة عروض موسيقية لها ارتباط وثيق بالتراث الموسيقي/ الفني لمنطقة جبالة بشكل عام و أحد الغربية على وجه الخصوص، وذلك من خلال رقصة الحصادة، تلاها عرض لمجموعة "ربيع الطالب" التي يعتبر اغلب أعضائها طالبات وطلبة بجامعة عبد الملك السعدي. وعرض آخر لمجموعة لحسن بن علالات من تاونات، لينتقل الجميع إلى متابعة مسابقة "ماطا" التي شهدت مشاركة لأجود الفرسان والخيل بمنطقة أحد الغربية ونواحيها، وإذا كانت كلمة ماطا متكونة في إشارتها اللغوية القريبة من أربعة أحرف، الحرفان الأولان منها (ما) والثالث والرابع (طا)، يشكلان الحرفين الأولين من أول وآخر كلمة من الحكمة الشهيرة "ما ضاع حق وراءه طالب"، فإنها في مدلولها التاريخي تحيل على لعبة يمارسها الفلاحون عند الانتهاء من عملية الحصاد، حيث أن نساء القرية يصنعن دمية من الخشب تجسد صورة فتاة، ويتم إلباسها على شكل عروس، ثم تسلم لرئيس فرقة السربة من الخيالة، وتبدأ اللعبة بالعدو ذهابا وإيابا، حيث من المفروض أن يخطف أحسن فارس في السربة تلك الدمية ويحملها إلى الجهة التي يتواجد فيها زملاؤه وأصدقاؤه من نفس قبيلته، لكنه يواجه بمنافسة قوية من باقي الفرسان المنتمين إلى القبائل الأخرى، والذين يحولون دون تمكنه من الاحتفاظ بالدمية، غير أنه وفي حال تمكنه من النجاح فيتوج كفارس بطل للقرية، وهي منافسة مرتبطة أساسا بقيم الشجاعة والتضحية والنبل وغيرها من أخلاق الفرسان. وقد شهدت هاته المنافسة حضور جماهير قدرت ببضعة آلاف، جاءت من كل أرجاء وربوع المغرب، من أجل الاستمتاع بتلك الأجواء والمناظر الطبيعية والمآثر التاريخية بمدينة "زيليل" و "مزورة" لمنطقة أحد الغربية. وفي الأخير أشرف كل رشيد أمحجور - المندوب الإقليمي للثقافة- ، و نمط بوغابة - مدير المهرجان- وعدة شخصيات أخرى على تتويج الفارس الفائز، وتوزيع عدة جوائز وهدايا على باقي المتوجين في وقت لاحق. وتجدر الإشارة أن فرقة أبناء زرياب للطرب الأندلسي بمدينة طنجة كانت مبرمجة ضمن فعاليات المهرجان، وبعد صعودها لمنصة المهرجان بدقائق وتقديم روائع من التراث الأندلسي، اضطر أعضائها لمغادرة المنصة بسبب الأمطار الغزيرة التي حالت دون استمتاع الجماهير بهذه الفرقة الموسيقية.