شنت السلطات المغربية حربا جديدة على مقاهي الشيشة ومرتاديها، بعدة مدن مغربية شملت الدارالبيضاءوالرباط واكادير ومراكش، الشيء الذي أثار حفيظة أرباب المقاهي ومتعاطي الشيشة، في حين رحبت فعاليات سياسية وأسر مغربية بقرار الحكومة المغربية الخاص بإغلاق المقاهي التي تقدم هذا النوع من الخدمات، على خلفية ماتم تسجيله من مخالفات أخلاقية ومضار صحية أصابت المدمن على′′ الشيشة′′... قرار منع الشيشية "تعسفي" تخوف عدد من أرباب المقاهي من تفعيل وتطبيق مثل هذا القرار بسبب ما اعتبره بعضهم "حربا" عليهم دون سبب منطقي، قد تؤدي إلى إفلاسهم التجاري نظرا لما يدره نشاط تقديم الشيشة للزبناء من أرباح مهمة لهم. هذا التخوف عبر عنه صاحب مقهى بحي التقدم بمدينة الرباط طلب عدم ذكر اسمه، واعتبر القرار الحكومي "تعسفيا" في حقه وحق كل مسيري المقاهي والمطاعم مضيفا "الشيشة تعتبر عامل جذب رئيسي للمراهقين الشباب، الشيء الذي أجني من ورائه أموالا طائلة، وأوفرمن خلالها فرص شغل للعديد من الشباب العاطل". الخمر قبل الشيشة من جهته أبدى نادل بمقهى شعبي بحي العكاري بالعاصمة الإدارية للمغرب، "حسرته" من تسليط السلطات العمومية الضوء على المقاهي في غياب قانون تفعيل منع التدخين في الأماكن العامة، مبديا استغرابه من اتهام الحكومة وبعض البرلمانيين لهم باستغلال الشيشة كذريعة لنشر الفساد والانحلال الأخلاقي، قائلا:′′عن أي أخلاق يتحدثون؟ لو كان الأمر مرتبط بالأخلاق فعلا كما يقولون لكان الأجدر بهم هو منع بيع الخمور التي تؤدي إلى السكر وضياع العقل الذي يفقد المدمن عليه التمييز ومن تم يبدأ في التفوه بالكلام البذيء والفاحش أما ′′الشيشة′′ فهي مجرد نشوة عابرة لا غير". مضيفا في تصريح خاص لصحيفة "أون مغاربية": ′′بإغلاقهم لهذا المقهى سيضيع رزقي ورزق عيالي.′′. الشيشة "ظاهرة دخيلة" ويعتبر عدد من الباحثين والمهتمين الاجتماعيين "الشيشة" من الظواهر الدخيلة على المجتمع المغربي، اكتسحت بشكل واسع فئة الشباب، بعدما كانوا يشاهدونها فقط في الأفلام والمسلسلات المصرية والخليجية والشامية ...، ويرجعون سبب هذا الانتشار إلى انفتاح بعض الأسر المغربية على المشارقة بحكم ُمقامهم في المغرب ، فبعدما كان يقتصر انتشارها على الفنادق التي يرتادها السياح من المشرق العربي خصوصا الخليج، صار الأمر مألوفا وعاديا بكل المقاهي ... "الهرولة" إلى مقاهي الشيشة سمية ابنة 17 ربيعا اعتادت أن ترتاد إحدى المقاهي بعد أن تغادر الثانوية التي تدرس بها، وتنزوي مع عشيقها المفضل ′′الشيشة′′غير آبهة بما يجري حولها دونما حاجة لشخص يكسر عليها خلوتها التي دامت مايقرب الثلاث سنوات بشكل يومي واعتيادي، كما عبرت لنا عن روتينية هذا المشهد:′′ بمجرد سماعي لجرس المؤسسة يرن، أتحرر من كل الحواجز التي تفرضها علي رقابة المؤسسة، وأهرول إلى زاويتي المفضلة بالمقهى، لكي أرتشف الشيشة وأسبح في ملكوتي الخاص...′′ ′′سمية′′ ماهي إلا نموذج مصغر للعديد من المراهقات بالمغرب اللواتي اعتدن ارتياد المقاهي للاختلاء بالعشيق الجديد ′′الشيشة′′، خاصة مع سرعة انتشار هذا النوع من المقاهي كالنار في الهشيم في كل مدن المغرب من الدارالبيضاء مرورا بالرباط واكادير ومراكش، لدرجة أنها أصبحت تركز خدماتها على "الشيشة" بكل أنواعها لجلب الزبون .. إعلان الحرب على الشيشة من جانب آخر قامت عدد من فعاليات المجتمع المدني بتحسيس وتوعية الرأي العام الوطني، وشدد نواب برلمانيون على ضرورة سن قانون واضح المعالم لمنع التدخين بصفة عامة، وتدخين الشيشة في المقاهي والمطاعم على وجه الخصوص، مع اتخاذ عقوبات زجرية قوية للمخالفين من أرباب المقاهي والزبائن أيضا. وتشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد مستهلكي النرجيلة في المغرب في ازدياد كبير، وفي وسط الفتيات وحدهن تؤكد هذه الإحصائية أن 10في المائة منهن أصبحن يدخن النرجيلة، مما دفع بالحكومة المغربية لشن حرب على مرتادي′′ الشيشة ′′، حيث أكد وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي، لدى جوابه على سؤال شفهي طرحه أخيرا حزب العدالة والتنمية في البرلمان المغربي، أن السلطات عازمة على اتخاذ إجراءات تطبيقية لمنع تدخين ′′الشيشة′′ في المحلات المفتوحة للعموم. هذا القرار لاقى ترحيبا من قبل فعاليات سياسية وأسر مغربية، الذي بنته الحكومة في شخص وزير الداخلية على خلفية ماتم تسجيله من مخالفات أخلاقية ومضار صحية أصابت المواطن المغربي. حصاد "محاربة الشيشة" وسرد المسؤول الحكومي أرقاما تهم نتائج محاربة الشيشة بالمغرب خلال سنة 2009، حيث تم توقيف 667 شخصا ، وحجز 738 نرجيلة، وكذا إغلاق 241 مقهى منذ بداية سنة 2009 إلى الآن بسبب استهلاك الشيشة. في الوقت الذي شدد فيه نواب برلمانيون على ضرورة سن قانون واضح المعالم لمنع التدخين بصفة عامة، وتدخين الشيشة بشكل أخص ذكر الوزير بأنه منذ صدور القانون رقم 91/15 الصادر بتاريخ 29 أبريل 1991 المتعلق بمنع التدخين والإشهار والدعاية للتبغ في الأماكن العامة، والدولة تعمل جاهدة من خلال تبنيها إجراءات تنسيقية مع فعاليات المجتمع المدني لتحسيس المواطن بخطورة التدخين والإدمان عليه في الأماكن العامة . مشيرا في معرض حديثه للمجهودات التي تقوم بها جمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان التي تستهدف نشر الوعي بمخاطر التدخين ودعم المقاولات في إرساء خدمات وممارسات لفائدة مستخدميها من أجل الوقاية من التدخين ومحاربة الإدمان عليه. وأضاف أن البرنامج التحسيسي لجمعية لالة سلمى يوجد في طور التعميم على جميع الاعداديات والثانويات... وقد أكد الدكتور عز الدين العبدلاوي أخصائي أمراض الصدر والجهاز التنفسي بالرباط في معرض سؤال عن أضرار الشيشة على المدمنين عليها:′′ أن الشيشة تشكل خطرا كبيرا على صحة المدمن على شربها، حيث تسبب له الالتهاب الكبدي والأمراض الفطرية وورم العينين وانتفاخ الشفاه وما يتبعها من احتمالات الإصابة بسرطان الفم والحلق.′′ وتبقى صحة المواطن المغربي في المحك في انتظار تفعيل الحكومة المغربية لقرار منع التدخين بالأماكن العمومية؟وتبقى مقاهي ′′الشيشة′′ عرضة للإفلاس وتحت طائلة الإغلاق في انتظار إيجاد حل وسط مع الحكومة؟ فمن ينتصر لمن؟؟