اتهمت منظمة " هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، قوات الأمن في ميانمار، بارتكاب جرائم اغتصاب واسعة النطاق، كجزء من حملة تطهير عرقي ضد مسلمي الروهنغيا بإقليم أراكان (غرب). جاء ذلك في تقرير مكون من 37 صفحة، صدر عن المنظمة الحقوقية، الأربعاء، تحت عنوان "جسدي كله تحت سياط الألم: العنف الجنسي ضد نساء وفتيات الروهنغيا في بورما". وحسب وكالة "الأناضول" فإن المنظمة وثقت في تقريرها، جرائم عنف جنسي واغتصاب جماعي، واستعمال القسوة والإهانة من قبل أفراد الجيش وقوات الأمن في ميانمار بحق نساء وفتيات الروهنغيا. وضم التقرير شهادات حية من سيدات وفتيات شهدن قتل أطفالهن الصغار، وأزواجهن، وأولياء أمورهن قبل أن يتمكنّ من الهرب إلى الجارة بنغلاديش. وقالت سكاي ويلر، باحثة حقوق المرأة في مجال حقوق الإنسان ب"رايتس ووتش": "كان الاغتصاب سمة بارزة ومدمرة في حملة التطهير العرقي التي قام بها الجيش البورمي ضد الروهنغيا، وخلفت عددا لا يحصى من النساء والفتيات اللواتي تعرضن للضرر الوحشي والصدمات النفسية". وأوضحت في مقدمة التقرير أنه "منذ 25 غشت 2017، وجيش ميانمار يواصل أعمال القتل، والاغتصاب، والاعتقالات التعسفية والحرق الجماعي للمنازل في المئات من القرى في ولاية راخين الشمالية(أراكان)، ما أجبر أكثر من 600 ألف من الروهنغيا على الفرار لبنغلاديش". وحذّرت ويلر من أنه "إذا لم تعمل هيئات الأممالمتحدة، والدول الاعضاء سويا للضغط على بورما لإنهاء الفظائع وضمان محاسبة المتورطين، فان الهجمات العسكرية المستقبلية على أبناء الروهنغيا تبدو حتمية". التقت "رايتس ووتش" 52 من النساء والفتيات الروهنغيا ينتمين ل19 قرية في أراكان، هربن إلى الجارة بنغلاديش. ومن بين الشاهدات، 29 ناجية من الاغتصاب (منهن 3 فتيات دون سن 18 عاما) فضلا عن 19 ناجية آخري كن يعملن في منظمات إنسانية ووكالات الأممالمتحدة والحكومة البنغلاديشية. يقول التقرير "قام الجنود البورميون باغتصاب النساء والفتيات أثناء الهجمات الكبرى التي شنوها على القرى وأيضا خلال الأسابيع السابقة على تلك الهجمات بعد مضايقات متكررة". وأوضح أنه "في كل حالة تم وصفها لهيومن رايتس ووتش، كان المغتصبون يرتدون الزي الرسمي لقوات الأمن البورمية، وجميعهم تقريبا من العسكريين". في ذات السياق ذكر التقرير أنه "كان هناك قرويون عرقيون في راخين، يقومون بالتنسيق مع الجيش البورمي، ويتعرضون جنسيا للنساء والفتيات من الروهنغيا، وينهبون بيوتهن". ومن بين ما سجله التقرير، شهادة فتاة من الروهنغيا تدعي هالة ، 15 عاما، من قرية "هاتي بارا" في بلدة "مونغداو". وقالت هالة "جردني الجنود من ملابسي ثم أخرجوني عارية من المنزل وجروني إلى شجرة مجاورة حيث تناوب 10 رجال علي اغتصابي من الخلف". وفي ست حالات "اغتصاب جماعي"، قالت الناجيات إن الجنود "قاموا بتقسيم النساء والفتيات إلي مجموعتين ثم اغتصابهن بشكل جماعي"، كما ورد بالتقرير وذكرت الناجيات أنهن شاهدن الجنود وهم يقتلون أفراد أسرهن ويضربون رؤوس أطفالهن في الأشجار ويطلقون النار علي أزواجهن قبل أن يضرموا النار في بيوتهن. وسبق أن أفادت المنظمات الإنسانية العاملة مع اللاجئين في بنغلاديش عن مئات حالات الاغتصاب بحق نساء وفتيات الروهنغيا، بحسب التقرير. التقرير أوضح كذلك أن ما ذكر من حالات "لا يمثل على الأرجح سوى نسبة ضئيلة من العدد الفعلي بسبب العدد الكبير من الحالات المبلغ عنها لضحايا الاغتصاب إضافة إلى الوصمة والشعور بالعار الذي يمنع الضحايا من الإبلاغ عن العنف الجنسي. ولم يبلغ ثلثا الناجيات الذين تمت مقابلتهن عن تعرضهن للاغتصاب". ودعا التقرير السلطات في ميانمار إلي " الإنهاء الفوري للانتهاكات ضد الروهنغيا ، والتعاون بشكل كامل مع المحققين الدوليين، بما في ذلك بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والسماح لمنظمات المساعدات الإنسانية بالوصول دون عوائق إلى ولاية راخين". وطالبت المنظمة الحقوقية في تقريرها مجلس الأمن الدولي بضرورة ب"فرض حظر كامل على بيع الأسلحة لبورما، وعقوبات فردية على القادة العسكريين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأن يحيل الوضع في أراكان للمحكمة الجنائية الدولية". ومنذ غشت الماضي، يرتكب جيش ميانمار ومليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، في إقليم أراكان. وأسفرت الجرائم المستمرة منذ ذلك الحين، عن مقتل الآلاف من الروهنغيا، بحسب مصادر محلية ودولية متطابقة، فضلًا عن لجوء قرابة 826 ألفًا إلى بنغلادش، وفق الأممالمتحدة. وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهنغيا "مهاجرين غير شرعيين" من بنغلادش، فيما تصنفهم الأممالمتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم".