وجه إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رسالة إلى الملك محمد السادس، بخصوص الاعتداءات الأخيرة غير المسبوقة على المسجد الأقصى من لدن قوات الاحتلال الإسرائيلية. ونوه هنية في رسالته التي نشرتها " هسبريس" ، بمكانة المغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ عقود طويلة، دعا الملك محمدا السادس، رئيس لجنة القدس، إلى نصرة الأقصى في المحنة التي يمر منها منذ ما يقرب الأسبوعين. وجاء في نص الرسالة أن "الاعتداءات الإسرائيليّة على المسجد الأقصى المبارك هي اعتداءات لم يشهد لها المسجد مثيلًا منذ احتلاله قبل نحو 50 عامًا، فالاحتلال الإسرائيليّ عازم أكثر من أي وقت مضى على تنفيذ خطّته بإطباق سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى، وفرض تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا بين المسلمين واليهود، وتكريس نفسه كمرجعية وحيدة لإدارة شؤون المسجد في مقابل تحجيم الدور التاريخيّ لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، الجهة الوحيدة والحصرية المعنيّة بإدارة شؤون المسجد". وأضافت الرسالة ذاتها أن "سلطات الاحتلال أقدمت على إغلاق المسجد الأقصى منذ يوم الجمعة 14/7/2017، ولا يزال المسجد مغلقًا بسبب تعنّت الاحتلال ونصبه بوابات إلكترونيّة على أبواب الأقصى، لتشديد قبضته، وتعزيز سيطرته وتحكمه في حركة الدخول والخروج من المسجد، وفي هذا اعتداء صارخ على قدسيّة مسرى نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم، وشقيق الحرمين الشريفيْن". واعتبر هنية، في رسالته، أن "الجغرافيا – يا جلالة الملك – ليست وحدها التي تجمع الأمم، فبيننا وبينكم لغة ودين وموروث حضاري ونسب أصيلٌ ممهورٌ بدماء آلاف الشهداء المغاربة الذين أراقوا أرواحهم الطاهرة على أرض فلسطين، يشهد على ذلك التاريخ مجسّدًا في باب المغاربة بالقدسالمحتلة"، مضيفا أن "المغرب لم يغادر مربع الدفاع عن فلسطين إبان الحقب المتعاقبة، خاصة في العصر الحديث، منذ مشاركة أبنائها الفاعلة في مؤتمر الحاج أمين الحسيني بالقدس عام 1931، مرورًا بالرفض الملكي لقرار تقسيم فلسطين 1947، وليس انتهاء بالمبادرة المغربية الجليلة المتمثلة بإنشاء لجنة القدس، التي هي الآن برئاستكم الموقرة". وعن التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق، خاطب هنية الملك بالقول: "إنّ المسجد الأقصى المبارك يستصرخ ضمائركم ونخوتكم، فلا يمكن السكوت على محاولات الاحتلال الإسرائيليّ لفرض واقع جديد على الأقصى، يتحوّل فيه الاحتلال إلى المتحكِّم بمصير المسجد". وأضاف : "لقد أصدرت جامعة الدولة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي العديد من القرارات الداعمة للقدس والأقصى، وكان لكم شرف المشاركة فيها، فآن الأوان للعمل على تفعيلها لتعزيز صمود أهلنا في القدس الذين يدافعون عن مقدسات الأمة". واعتبر رئيس المكتب السياسي ل"حماس" أن الحكومات العربية والإسلامية تمتلك الكثير من أوراق القوة الدبلوماسية والقانونية والجماهيرية والإعلامية، و"ما أحوج المسجد الأقصى اليوم إلى تفعيل هذه الأوراق للضغط على الاحتلال في كلّ المحافل والمناسبات، ولا أقلّ من دعم كل الجهود لمقاطعته، وعزله، وملاحقته، ومحاسبته على جرائمه بحقّ شعبنا الفلسطيني، ومقدساتنا". وأبرز الزعيم الفلسطيني أن شعوب الأمة العربية والإسلامية "برهنت أنّ عروقها لا تزال تنبض بحبّ الأقصى، فانطلقت الفعاليات والمواقف في أكثر من بلد في أمتنا، ونتوقع من حكومات أمتنا أن تستثمر حالة التعاطف الشعبية مع الأقصى لتسطير مواقف تنسجم مع مطالب شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية والإسلامية والتي تتلخص بإجبار الاحتلال الإسرائيليّ على رفع يده نهائيًّا عن المسجد الأقصى"، مسجّلا "أننا اليوم أمام فرصة تاريخية لدفع الاحتلال إلى وقف اعتداءاته على الأقصى، وعدم التدخل في شؤونه عبر تكامل الجهود الرسمية والشعبية الضاغطة على الاحتلال الإسرائيليّ". وخلص هنية إلى أن الشعب الفلسطيني "ومعه إخوانه من أبناء الأمة يرفضون أيّ إجراءات إسرائيلية تنتقص من السيادة الإسلامية الحصرية على الأقصى، وهم في الوقت الذي يسجلون فيه أروع ملاحم الصمود والتصدي للغطرسة الإسرائيلية، وإرهاب المستوطنين المتطرفين المدعومين من حكومة الاحتلال، ينظرون بعين الأمل والثقة إلى دوركم الذي له تأثير كبير في معركة الدفاع عن الأقصى". وتابع قائلا: "القدس، اليوم، تناديكم بدماء شهداء فلسطين وشهداء المغرب، الذين لم يكن أولهم الشهيد عمر الوزاني عام 1948، ولم تكن آخرهم الشهيدة رقية الراضي ابنة مدينة فاس التي استشهدت في غزة خلال العدوان الصهيوني عام 2009، وسيسجِّل التاريخ مواقفكم الداعمة للأقصى، ولصمود شعبنا الفلسطيني".