احتل الماء في الحضارات الإنسانية جمعاء مكانة عظيمة ،باعتباره عنصرا حياتيا مهما ، وهو الضامن لاستمرار أي حضارة أو زوالها ،فهو أصل الحياة مصداقا لقوله تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون "، تعود بعض الطقوس والعادات المرتبطة بالاستسقاء وطلب الغيث عند المغاربة إلى عهود غابرة ضاربة في جذور التاريخ ، حينما ينحبس المطر وتجف الأرض ويظمأ الإنسان والحيوان ،تصدح حينها الحناجر بتلك الأرجوزة المتوارثة عبر الأجيال . ومن بين تلك الطقوس ،"تغنجا" ،التي تجعل من الأمطار مرتبطة بقوى إلهية متمثلة في سيد المطر أو إله الخصب .وتغنجا هي كلمة أمازيغية تعني "المغرف الخشبي" ، ويتم لفه بقطعة ثوب على شاكلة عروس ،وتربط بقصبة ،يحملها طفل صغير يحوطه جمع من البنات والأطفال الصغار والنساء ،مرددين أهازيج وعبارات تضرعا وطلبا للغيث. إن ترسخ مثل هذه المعتقدات ،مرده إلى ارتباط معظم الأنشطة اليومية للإنسان المغربي بالماء ،وبالتالي شاعت بين الناس مجموعة من الخرافات والطقوس والقصص والمقولات التي تظهر جليا ،مخيال إنسان تأثر بمحيطه وأثر فيه ،فهذه الخرافات في مكنونها تمزج بين المعقول والخرافي ،مجسدة تصورا جمعيا للماء.باعتباره أصل الحياة وضامنا لاستمرارها.