كشف تقرير لنقابة أطر السجون بالمغرب مؤخرا أن أكثر من 86% من موظفي إدارة السجون بالمغرب يعانون من أمراض نفسية وعصبية، وقال 74.6% منهم إن نظرة المجتمع إليهم دونية، و أن أكثر من 95% من موظفي السجون يريدون تغير عملهم. وأمام هذه الارقام الصادمة التي كشف عنها تقرير النقابة ، طعنت إدارة السجون في مصداقية هذا البحث الميداني الذي نشرت نتائجه في تقرير سنوي للنقابة، وقالت إنه مجرد "مغالطات وتلفيقات".، متهما منجزي التقرير بخدمة المصالح الشخصية وليس حبا منهم أو غيرة على مصالح موظفي القطاع. من أجل الوقوف على حيثيات هذا التقرير ارتأى "موقع نون بريس" إجراء حوار شامل مع الكاتب العام لنقابة أطر السجون "مصطفى اجعيبة" للاستفسار على مدى مصداقية التقرير الأول للنقابة و توضيح رد فعل المندوبية العامة لإدارة السجون. وهذا نصه : ما هو موقف نقابة أطر السجون من طعن إدارة السجون في مصداقية البحث الميداني الذي اعتمدت عليه النقابة في التقرير السنوي الأول الصادر مؤخرا؟ مباشرة بعد تعميم نقابتنا لتقريرها الأول على وسائل الاعلام، أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون، في خطوة متوقعة ومنتظرة، بلاغا صحفيا، للرأي العام، يفند ما جاء في التقرير، وخصوصا الأرقام والاحصائيات التي تضمنها، إذ اعتبرت أن كل ما جاء به التقرير لا يعدو أن يكون "تلفيقات واختلاقات" لا تستند إطلاقا على أي أساس علمي ممنهج. وفي هذا الصدد، نود أن نذكر أن نقابتنا تزخر بكفاءات وأطر تتوفر على مستويات علمية عالية تخول لها القيام بدراسات وأبحاث أكثر تشعبا وعمقا من تلك التي جاءت في التقرير، أما بخصوص الأسس العلمية التي اعتمدت للخروج بالإحصائيات التي أثارت حفيظة مسؤولي مندوبية السجون فقد تم اعتماد مجموعة من الآليات الأكاديمية المعتمدة في مجال الإحصاء، إذ تم استطلاع رأي عينة عشوائية من موظفي قطاع السجون بلغ عددهم 928 موظفا وموظفة عن طريق "الاستبيان الالكتروني المغلق"، بالإضافة إلى الاعتماد على مجموعة من الوثائق وتحليل مضامينها خصوصا قوانين المالية العامة والتقارير الملحقة بها، بالإضافة إلى الأرقام الرسمية المعلن عنها من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون سواء عن طريق موقعها الرسمي أو تصريحات مسؤوليها. وبعد جمع وتصنيف البيانات والمعطيات تمت معاجلتها وتفريغها بواسطة نظام التحليل الاحصائي SPSS الغني عن التعريف لدى الأوساط الأكاديمية. هذا بالنسبة لمبرر الإدارة الذي ارتكزت عليه كي تدعي خلو التقرير من أي أرقام صحيحة تعكس واقع موظفي القطاع، وهنا تجدر الاشارة، إلى أن رد المندوبية أو بلاغها الصحفي، نفى ما جاء في التقرير جملة وتفصيلا، في حين أنه لم يبرر تفنيد الادارة إلا من خلال تطرقه لمحور واحد منه، بالرغم من أن التقرير جاء في أربع محاور كبرى، وهنا يطرح التساؤل، لماذا لم تبرر المندوبية موقفها من التقرير بالتطرق لكل المحاور؟ خصوصا أن محور "الخروقات القانونية والحقوقية لمندوبية السجون" تضمن مجموعة الانتهاكات التي طالت أطر السجون جراء موقف المندوبية من تأسيس نقابتنا، ونفس الشيء بالنسبة للمحور الذي تطرق للخروقات الدستورية التي شابت المرسوم رقم 2.16.88 الذي استصدرته المندوبية. ختاما، رد المندوبية العامة كان متوقعا ومنتظرا، وهذا الرد يؤكد ما جاء في التقرير عندما تحدث عن إشكالية التواصل والاستماع للموظفين ويعكس السياسة العامة للمندوبية تجاه موظفيها، وفي المقابل ندعو السيد المندوب العام أن يباشر دراسة مماثلة لكي يطلع على الوضعية المزرية لموظفي القطاع الذي يشرف عليه لقرابة ثلاث سنوات، إذ أنه يتضح جليا، من خلال رد المندوبية، أنه يجهلها أو يتجاهلها. ماهي الخطوات المعتمدة في تأسيس النقابة المغربية لإدارة السجون؟ و ما هي الصعوبات التي وجهتموها لتشكيل النقابة ؟ إن الحرية النقابية كفلها دستور 2011 من خلال الفصول 8 و 9 و29 ، والذي أكد على ضمان الدولة لحرية الانتماء النقابي وتكريس النقابات كفاعل أساسي لا محيد عنه في المجتمع. كما أن الحرية النقابية تجد أساسها في عدد من المواثيق الدولية. بالإضافة إلى التزامات المغرب الدولية إزاء صكوك منظمة العمل الدولية. فتماشيا مع التحول الديمقراطي الذي عرفه المغرب في السنوات الأخيرة، وانخراطه الجدي في بناء دولة الحق و القانون، تأسست بتاريخ 23 نونبر 2013، النقابة الوطنية للأطر المشتركة بالمندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الادماج، تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بهدف الدفاع عن حقوق الفئة التي تمثلها (الأطر المدنية بقطاع السجون) و كذا للمساهمة الجادة في إرساء ثقافة حقوق الانسان بين موظفي القطاع السجني، و خلال هذه الفترة عملت نقابتنا على مراسلة السيد المندوب العام في أكثر من مناسبة قصد فتح باب الحوار كألية أساسية لمناقشة ملفنا المطلبي العادل و لحل المشاكل التي يتخبط فيها أطرنا بسجون المملكة، وكذا للترخيص لنا بتعليق السبورات النقابية كأدنى حق يجب التمتع به في ممارسة الحرية النقابية، إلا أننا قوبلنا برفض تام للعمل النقابي وتعنت مسؤولي المندوبية العامة لإدارة السجون بالرغم من أن القوانين الوطنية و الدولية تخول لنا هذه الحقوق . الأخطر من ذلك أن المندوبية العامة عملت ، مباشرة بعد تأسيس نقابتنا، على صياغة مشروع مرسوم مراجعة النظام الأساسي الخاص بموظفي السجون يهدف إلى الاجهاز على الحقوق المدنية للأطر المشتركة بمندوبية السجون، و إدماجهم، و لو بالاختيار، بهيئة الحراسة و الأمن (الممنوعة من ممارسة الحرية النقابية بمقتضى المادة 47 من النظام الأساسي الخاص بموظفي السجون أنداك)، كما أن المرسوم الحالي الذي هو "موضوع دعوى قضائية تبنتها النقابة قصد إلغائه لدى الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بالرباط" يهدف إلى تقييد العمل النقابي و حصره في فئة "رافضي الادماج" وذلك عن طريق مراجعة معايير التوظيف بقطاع السجون و التخلي عن توظيف الأطر المدنية بالمندوبية العامة مستقبلا، كما جاء في أجوبة السيد المندوب العام على الأسئلة البرلمانية التي سبق توجيهها إليه من قبل المجموعة البرلمانية للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.