حطمت نسب الاكتظاظ بالأقسام داخل المؤسسات التعليمية العمومية أرقاما قياسية غير مسبوقة في تاريخ المدرسة المغربية، بعد أن تجاوز الرقم 72 تلميذا وتلميذة داخل الفصل، في واقع وصفته النقابات التعليمية بالفضيحة المخجلة التي تكشف مسار التعليم العمومي بالبلاد. ورغم أن وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار استبق المؤشرات السوداء التي ارتبطت بالدخول المدرسي الحالي من خلال حديثه في ندوة صحفية عقدت السنة الماضية عن نسب الاكتظاظ التي وصلت إلى مستويات «غير مقبولة» بلغت ما بين 60 إلى 70 تلميذا، فإن مصادر نقابية كشفت أن الأرقام أصبحت تتجه للتصاعد مع حشر مزيد من الأطفال والتلاميذ وسط الأقسام لتجاوز الخصاص في الأساتذة، ما يهدد بجعل المدرسة العمومية عبارة عن معتقلات تنعدم فيها أبسط الظروف للتحصيل الدراسي والتأطير التربوي. وحذرت المصادر ذاتها من أن إغراق المدرسة العمومية في مشاكل الاكتظاظ ونقص الموارد البشرية وتدني مستوى التحصيل وغياب مواكبة التلاميذ، يصب في صالح لوبي التعليم الخاص الذي أصبح يجد سندا واضحا من أطراف سياسية وحكومية لها استثمارات ضخمة في قطاع التعليم الخاص، وهو ما جعل بعض الوزراء يخرجون بتصريحات علنية تدعو إلى إعادة النظر في مجانية التعليم العمومي. وقالت المصادر ذاتها إن الفضائح الحقيقية بالتعليم العمومي الذي كلف47 مليار درهم صرفت في ظرف أربع سنوات تحت غطاء الإصلاح لا يرتبط فقط بالاكتظاظ، بل بفضائح دمج الأقسام وتدريس مستويات مختلفة في نفس التوقيت، وهو ما يحرم الآلاف من أبناء المغاربة، خاصة من محدودي الدخل من فرصتهم في التمدرس، ويعبد الطريق بشكل مباشرة نحو الهدر المدرسي خاصة بالقرى والمدن النائية. وكان بلمختار قد بسط في محاولة لتبييض سمعة الوزارة عددا من التبريرات لمشكل الاكتظاظ الذي قال إنه «مشكل حقيقي لكن يتعين عدم تعميمه»، وكشف الوزير التقنوقراطي الذي يستعد لمغادرة كرسيه مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية عن عدد من الإكراهات التي تواجه الوزارة، ومنها قلة الموارد البشرية التي يتعين معالجتها على مستوى الحكومة، من خلال تخصيص المزيد من المناصب المالية، إضافة إلى الضغط الحاصل في بعض المدن نتيجة الهجرة القروية وتنامي وتيرة تفريخ مشاريع السكن الاجتماعي دون مواكبتها بالبنيات اللازمة، ما يخلق ضغطا كبيرا على بعض المؤسسات خاصة بالمدن الكبرى. وعلاقة بالدخول المدرسي دائما، كشفت المندوبية السامية للتخطيط، انطلاقا من نتائج البحث الوطني حول نفقات واستهلاك الأسر بين يوليوز 2013 ويونيو 2014، أن أسعار قطاع التعليم شهدت ارتفاعا مستمرا خلال السنوات الأخيرة وبوتيرة أعلى من أسعار الاستهلاك، حيث تطور السعر الإجمالي لقطاع التعليم منذ سنة 2007 بنسبة 3.4٪سنويا في المتوسط، مما أدى إلى ارتفاع نهائي يقدر ب40٪. وتعتبر قطاعات التعليم الثانوي والابتدائي الأكثر حيوية في هذا المجال، بزيادة سنوية تقدر ب 4٪. ويلاحظ أن الرسوم الخاصة بالتسجيل حققت أكبر ارتفاع (4.7٪ في المتوسط) بالمقارنة مع رسوم التعليم (3.3٪). وحسب المندوبية، تمثل الأسر التي لديها طفل واحد على الأقل في المدرسة 62.2٪ من مجموع الأسر، وتنفق ما يقرب من 1751 درهما أثناء الدخول المدرسي، أي ما يناهز 26٪ في المتوسط من ميزانيتها الشهرية، كما تنفق الأسر المغربية ما يقرب 844 درهما على كل طفل، ويتغير مستوى هذا الإنفاق حسب وسط الإقامة (1093 درهما لسكان المدن مقابل 443 درهما في القرى)، وأيضا حسب السلم الاجتماعي (2099 درهما بالنسبة ل 20٪ من الأسر الميسورة، مقابل 373 درهما بالنسبة للأسر المعوزة).