يطالب حزب فوكس الإسباني المحسوب على اليمين القومي المتطرف، بضرورة أن تشمل منظمة شمال الحلف الأطلسي مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين بالحماية العسكرية، وقد تقدم بمقترح قانون الى لجنة الدفاع في برلمان مدريد. ويركز هذا الحزب كثيراً على القضايا العسكرية المتعلقة بالمغرب، وهو يحيي بهذا هاجس "العدو الجنوبي". وكان حزب فوكس، الذي يعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد، قد سجل هذه المبادرة خلال يونيو الماضي عندما اندلعت أزمة سبتة بين الرباطومدريد، لكنه الآن يضعها رسمياً، ومنذ أمس الاثنين، للنقاش والبحث في لجنة الدفاع وسيحاول إقناع باقي ممثلي الأحزاب بتبنيها، ولاحقاً الحكومة للقيام بالإجراءات والخطوات اللازمة أمام منظمة الحلف الأطلسي. ويؤكد الحزب أنه في "حالة هجوم عسكري من طرف المغرب على المدينتين (لاستعادة السيادة عليهما)، لن يعلن الحلف الأطلسي مساندة إسبانيا تماشياً مع اتفاقية الدفاع الموقعة في واشنطن، نظراً لعدم امتداد مظلة الحلف إلى حماية المدينتين". ويرى حزب فوكس ضرورة التحرك لإقناع الحلف الأطلسي بضرورة تغيير مضمون البند السادس في اتفاقية الحلف ليقدم الحماية والمساعدة العسكرية لإسبانيا في حالة الحرب مع المغرب بسبب المدينتين. مبرزاً في الوقت ذاته تحقيق إسبانيا هدفين، فمن جهة تضمن المساعدة العسكرية، ومن جهة ثانية سيكون تعديل البند السادس كافياً لردع المغرب بالقيام بأي مغامرة عسكرية ينوي من خلالها استعادة سبتة ومليلية. وقام حزب فوكس المتطرف بتحريك ملف سبتة ومليلية مباشرة بشكل مكثف خلال منتصف ماي الماضي، عندما تساهل المغرب مع آلاف المهاجرين للدخول إلى سبتة كرد فعل على موقف حكومة مدريد إسبانيا الرافض لقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لسيادة المغرب على الصحراء، ثم استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي في مستشفى في مدينة لوغرونيو شمال إسبانيا للعلاج من كوفيد-19. وحصل فوكس على مقاعد مهمة في حكومة الحكم الذاتي في سبتة ومليلية، وتحول إلى مصدر للتوتر السياسي بسبب مواقفه وأطروحاته الرامية إلى بث التفرقة بين ساكنتي المدينتين من أصل مسيحي ومسلم، والترويج لخطر الساكنة من أصول مغربية في المدينتين، حيث يؤكد أنها مقدمة لغزو مغربي منتظر. في الوقت ذاته، يركز "فوكس" كثيراً على القضايا العسكرية المرتبطة في المغرب، ويطرح بين الحين والآخر أسئلة على الحكومة حول صفقات المغرب من الأسلحة وانعكاساتها على الأمن القومي الإسباني. ومما يزيد من هذا الجانب، هو وجود عدد من ضباط الجيش من رتب مختلفة وخاصة جنرالات متقاعدين في صفوفه، يروجون لأطروحة "خطر المغرب" على إسبانيا أو ما يعرف ب"الخطر الأتي من الجنوب". وتكون أحياناً النتائج عكسية بالنسبة لحزب فوكس، فبعد تحريكه ملف سبتة ومليلية خلال مايو الماضي، كانت المفاجأة أن استطلاعاً رسمياً للرأي أنجزه معهد رسمي تابع للدولة الإسبانية وهو "معهد الأبحاث الاجتماعية"، كشف مؤخراً أن 20 في المئة من الإسبان يعتقدون أن سبتة ومليلية ستكونان مغربيتين في ظرف 20 – 25 عاماً. ولا تعترف منظمة شمال الحلف الأطلسي بإسبانية سبتة ومليلية، ولا تشملهما بالحماية عكس باقي الأراضي الإسبانية. وكان الحلف الأطلسي قد أكد بعد انضمام إسبانيا إلى صفوفه ببقاء المدينتين خارج دائرة الأراضي الغربية المحمية. ولا تضم أي خطة عسكرية للحلف الأطلسي الدفاع عن المدينتين في حالة مواجهة مع المغرب. وحاولت إسبانيا منذ انضمامها إلى الحلف الأطلسي سنة 1986 أن يشمل هذا التكتل العسكري سبتة ومليلية بالحماية، وقدمت الحكومات اللاحقة، خاصة حكومة خوسي ماريا أثنار سنة 2002، تسهيلات عسكرية كبيرة لواشنطن، ومنها المشاركة في الحرب ضد العراق لكي تغير من موقف الحلف، لكنها فشلت، وتستمر واشنطن في اعتبار المدينتين غير إسبانيتين. وعكس الحلف الأطلسي، يعتبر الاتحاد الأوروبي سبتة ومليلية إسبانيتين، وشدد على ذلك في البيان الذي أصدره خلال يونيو الماضي يتحفظ فيه على تساهل المغرب مع اقتحام مواطنيه سبتة خلال مايو الماضي. ويشجع موقف البرلمان الأوروبي "فوكس" لنقل المبادرة إلى الحلف الأطلسي. وتعتمد حكومة مدريد على خطط خاصة بها للدفاع على سبتة ومليلية، ومنها الردع العسكري. ويشكك الخبراء في استراتيجية الردع التي كانت مفيدة في الماضي، ولكنها فقدت وزنها في الحاضر في ظل مستوى التسلح الذي أصبح عليه الجيش المغربي. وتقع سبتة أقصى شمال المغرب، بينما مليلية في الشمال الشرقي، وتشهد ساكنة إسبانية وأخرى من أصول مغربية، ويطالب المغرب باستعادة السيادة عليهما، ولكنه لا يركز كثيراً على الملف بسبب الأولوية لملف الصحراء.