قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن إمارة دبي، التي يعتمد اقتصادها إلى حد كبير على التسوق والسياحة، بدأت مرحلة رفع الحجر رغم استمرار انتشار فيروس كورونا، حيث باشرت فتح مراكز التسوق العملاقة مع رفع قيود التنقل عن السكان في أنحاء المدينة خلال النهار، وذلك بعد خضوعهم لحظر تجول كامل خلال أسابيع والذي بموجبه لم يكن بإمكانهم الخروج إلا مرة واحدة كل ثلاثة أيام للتبضع بعد الحصول على تصريح من الشرطة صادر عبر الإنترنت. فقد تم السماح للمولات الكبرى والفخمة، التي تعد فخر إمارة دبي وتجذب ملايين الزوار كل سنة، بإعادة فتح أبوابها حتى الساعة ال10 ليلاً، في حدود 30 % من طاقتها، كما هو الحال بالنسبة للمطاعم، التي تعتبر هي الأخرى من بين المواقع الجذابة في المدينة. وأضافت لوموند أنه رغم تباهي الحكومة بما اعتبرته "نجاح" دبي في الحرب ضد كوفيد-19 وتأكيدها أن الإجراءات الصارمة التي اتخذت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ساعدت إلى حد كبير في تخفيف الأزمة، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك، حيث إن وباء كورونا لا يظهر أي مؤشر على التراجع في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتجاوز عدد الإصابات اليومية 500 حالة ويستمر هذا العدد في التزايد، كما أن عدد الوفيات اليومية من جراء كورونا يتأرجح بين 3 و8 حالات وفاة منذ أسبوع. في المجموع -حتى يوم 26 من أبريل الجاري– سجلت في دولة الإمارات العربية 10300 حالة إصابة على الأقل و76 حالة وفاة. وهي أرقام تجعل منها البلد الثاني الأكثر تضررا في منطقة الخليج العربي بعد المملكة العربية السعودية. وأوضحت لوموند أنه بالنسبة للمراقبين الأجانب، فإن الحسابات الاقتصادية هي التي دفعت سلطات دبي إلى تخفيف قيود حظر التجول، بما في ذلك إعادة فتح المولات الفخمة. وفي هذا الصدد تنقل الصحيفة عن مصرفي غربي مقيم في دبي قوله: "إنه المنطق التجاري السائد.. دبي تواجه ضغطاً شديداً"، إذ عانت المدينة الحديثة المليئة بالأبراج المذهلة، والتي تقدم نفسها على أنها مركز الأعمال التجارية، منذ منتصف عام 2010. وتابعت لوموند التوضيح أن انخفاض أسعار النفط والصدمات الجيوسياسية الإقليمية وتباطؤ النمو الصيني أثرت بشدة على العقارات والسياحة في دبي، مع العلم أنهما المصدران الرئيسيان لدخل الإمارة إلى جانب تجارة الموانئ. ففي عام 2019، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.94% فقط، وهو أبطأ معدل نمو منذ الأيام المظلمة لعام 2009، عندما اقتربت دبي من الإفلاس بسبب الديون. وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن دبي، التي تفتقر إلى النفط، مهددة أكثر من غيرها من مدن الإمارات والخليج بالتأثر من جراء تبعات الأزمة الصحية الحالية الناجمة عن وباء كورونا، مشيرة إلى أن الدراسة التي أجراها مكتب التحليل البريطاني "كابيتال إيكونوميكس" ونُشرت في منتصف شهر مارس الماضي، أثارت شبح انهيار مالي آخر في حال تم تمديد الحجر الصحي لفترات طويلة. ومن هنا، أتى تسرع المسؤولين المحليين في دبي على تخفيف قيود التحرك. وتنقل لوموند عن مستشار دولي وصفته بالمطلع على ما يجري في دبي قوله: "إنها مسألة حياة أو موت.. المجازفة تفرض نفسها"، فيما أكد أستاذ اقتصاد مقيم في أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات أن "هناك الكثير من حالات التسريح من العمل، وبالتالي فإنه ما كان باستطاعة السلطات في دبي الاستمرار في فرض الحجر الصحي لفترة أطول.. وعليه، كانت المصالحة مع مجتمع الأعمال ضرورية". وتابعت الصحيفة القول إن السلطات في دبي وإدراكًا منها لتعريض السكان لموجة إصابات جديدة بوباء كورونا، فقد أصدرت قائمة من الإجراءات التي تهدف إلى تأطير عملية بدء رفع الحجر قدر الإمكان. فمثلا، ما تزال مراكز التسوق محظورة على الأطفال والأشخاص فوق سن الستين، ويوصى بعدم الدفع نقداً. كما أن أماكن الترفيه، كدور السينما، ستبقى مغلقة، وفقط 25% من أماكن وقوف السيارات ستظل مفتوحة للحد من التجمع في المطاعم. وأيضا تحظر البوفيهات… إلخ. وأخيراً، يواجه الأشخاص الذين يسافرون بدون كمامة غرامة رادعة للغاية تبلغ 1000 درهم (250 يورو).