ظاهرت حشود من الجزائريين في العاصمة ومدن أخرى للجمعة ال30 منذ بداية الحراك الشعبي، وهي مظاهرات تأتي في وقت تعد فيه السلطة العدة للذهاب إلى انتخابات رئاسية، وهي الانتخابات التي يرفضها الذين مازالوا يتظاهرون بشكل أسبوعي، لاعتقادهم أن ظروفها غير متوفرة حتى الآن، في ظل استمرار نفس النظام، واتهامهم له بمحاولة "إعادة انتاج نفسه"، فيما تتلهف السلطة لتنظيم هذه الانتخابات "أحب من أحب وكره من كره"، مثلما عبرعنها رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الأمر الذي يزيد في تعقيد الوضع ويرفع درجة الاحتقان في الشارع الجزائري. وانتشرت قوات الأمن في عدة نقاط من العاصمة تحسبا لهذه المظاهرات، خاصة وأن الحراك بدأ يستعيد قوته بعد انتهاء عطلة الصيف، كما أن الأحداث السياسية التي تعرفها البلاد حبلى بالتطورات، وقد لجأت قوات الأمن في وقت أول إلى اعتقال العشرات من المتظاهرين، والذين أعيد إطلاق سراحهم بعد ذلك. وواصل المتظاهرون مطالبهم برحيل رموز النظام كرئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، وحكومته المعينة من قبل الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، والمتهم بتزوير 6 ملايين استشارة لترشحه للولاية الخامسة،عندما كان وزيرا للداخلية. كما طالب المتظاهرون بالإفراج عن سجناء الرأي، وتركزت الشعارات بشكل خاص حول المعارض كريم طابو، المعارض البارز، البرلماني السابق، ورئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، الذي رفض الترخيص له في عهد بوتفليقة، والذي تم إيداعه الحبس المؤقت، أمس، بتهمة "إضعاف معنويات الجيش". وانتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لما قيل إنه نجل كريم طابو، الذي كان حاضرا بين المتظاهرين، وهو يبكي. وفيما كان الجزائريون يتظاهرون ويرددون "لا لانتخابات مع العصابات"، صادق مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري)، اليوم وبصفة استعجالية، وبالأغلبية على مشروع قانون إنشاء لجنة عليا للانتخابات، لأول مرة في تاريخ البلاد، إلى جانب تعديلات على قانون الانتخاب تمهيدا للاقتراع الرئاسي المرتقب قبل نهاية السنة. واجتمع مجلس الأمة اليوم الجمعة، الذي يعتبر يوم عطلة، في جلسة علنية برئاسة رئيس المجلس بالنيابة صالح قوجيل، وبحضور وزير العدل بلقاسم زغماتي، وذلك بعد يوم واحد من مصادقة الغرفة الأولى للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني) على القانونين. وجاءت المصادقة على القانونين في مجلس الأمة بعد جلسة صباحية خُصصت لعرضهما من قبل وزير العدل بلقاسم زغماتي وفتح النقاش حولهما. وتمت المصادقة على مشروع قانون "السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات"، التي تُستحدث لأول في تاريخ البلاد، وستتولى مهمة الإشراف وتنظيم ومراقبة الانتخابات بدلا عن الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية. أما التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات فتخص اشتراط الشهادة الجامعية لأول مرة على المترشح لانتخابات الرئاسة إلى جانب إسناد مهمة دراسة ملفات الترشح للسلطة المستقلة للانتخابات بدل المحكمة الدستورية. وعدلت المادة 142 لتتضمن التقليص من عدد استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية الواجب تقديمها مع ملف الترشح إلى 50 ألف توقيع فردي، بدلا من 60 ألف توقيع فردي.