كتب المعلق المعروف في موقع "ذا إنترسيبت"، “مهدي حسن”، مقالا استعرض فيه مواقف وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، من الإسلام، التي يبدو أن المعسكر الليبرالي يتجاهلها. وأشار لكلمة “بومبيو” في الكونغرس عندما كان نائبا جمهوريا عن كنساس ألقاها في 11 يونيو 2013، وجاءت بعد فترة قصيرة من الهجوم على ماراثون بوسطن، إذ قال: “لم يمض سوى شهرين على هجمات بوسطن، إلا أن صمت القادة المسلمين خلال تلك الفترة صادم”، وأضاف: “الصمت جعل هؤلاء القادة المسلمين في كل الولاياتالمتحدة متواطئين بشكل محتمل مع هذه الأفعال، والأهم مع تلك الأفعال التي قد تتبع”. ويعلق حسن أن تعليقات بومبيو كانت خاطئة وغير مسؤولة، خصوصا أن مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية أظهر في تلك الفترة شجبا للهجمات، وكل منظمة إسلامية كبيرة في الولاياتالمتحدة أصدرت بيانا شجبت فيه الهجمات الإرهابية المريعة في بوسطن، بعد ساعات من حدوثها. واشتكى النائب الديمقراطي المسلم الوحيد في حينه، كيث إليسون، بعد كلمة بومبيو، ولكن الجمهوريين رفضوا الاعتذار وواصلوا حملة التشهير به. ويعلق حسن أن هذا الحادث وغيره لم يظهر في مقال مطول من 8000 كلمة عن بومبيو نشرته مجلة "نيويوركر" هذا الأسبوع، وأعدته الصحافية المعروفة سوزان غليسر، ووصفت فيه بومبيو ب"الجندي الأكثر ولاء" للرئيس دونالد ترامب. وقام المقال على “عشرات المقابلات”، واحتوى على شهادة من سفير سابق عن بومبيو المتذلل، وجاء فيه: “هو مثل صاروخ يبحث عن حرارة لخلفية ترامب”، وألمح المقال إلى عنصرية بومبيو القديمة، إذ وصل بومبيو إلى الكونغرس بعد سباق مع أمريكي من أصل هندي هو راج غويل. وأشار المقال إلى اعتقاده الإنجيلي، إذ "يترك بومبيو الإنجيل مفتوحا على مكتبه". ولكن المقال يتجاهل التعصب الذي أبداه بومبيو تجاه الإسلام والمسلمين. وبعد قراءة هذا المقال الطويل عن بومبيو، فالقارئ لا يمكنه التوصل إلى أن بومبيو لديه تاريخ طويل، لما أشار إليه شون كيسي، المدير السابق لمكتب الأديان والشؤون الدولية في الخارجية أثناء إدارة باراك أوباما، من "تصريحات مرعبة وغير دقيقة ومتعصبة ذات علاقة بالمسلمين حول العالم"، ولا يمكنك معرفة أن بومبيو لديه تاريخ طويل من العلاقات مع المنظمات الرئيسية المعادية للإسلام وجماعات اليمين المتطرف في الولاياتالمتحدة. ويقول الكاتب: "لا تصدق ما أقول ولكن اقرأ ما يقوله المتعصبون أنفسهم من أمثال بريجيت غابرييل التي تدير "إي سي تي فور أمريكا"، والتي وصفتها "ساثرن بافرتي لو سنتر" (المركز القانوني للفقر في الجنوب) بأنها "أكبر منظمة شعبية معادية للمسلمين في البلاد". وقالت غابرييل إن المسلمين "لا يمكنهم أن يكونوا مواطنين موالين للولايات المتحدة" وتعتقد أن العرب والمسلمين "هم تهديد طبيعي للناس المتحضرين في العالم"، وتفاخرت قائلة إن وزير الخارجية هو "حليف ثابت لنا منذ الأيام الأولى من انتخابه في الكونغرس". وفي عام 2016، منحت منظمة غابرييل أعلى الأوسمة له، وهي جائزة الأسد للأمن القومي. وبالمقابل كان بومبيو حريصا على تقوية موقع غابرييل في منظمة (إي سي تي). وكما كشف الباحثون من مبادرة الجسر في جامعة جورجتاون عام 2016، "فقد دعم بومبيو جلسة مع (إي سي تي) في الكونغرس لتقديم مختصر من النواب لأعضائها بالتساوق مع المؤتمر السنوي العام"، و"تحدث في هذه اللقاءات أعوام 2016 و2015 و2013". ثم هناك فرانك غافني، الذي يدير المركز للسياسة الأمنية، والذي يصفه المركز القانوني للفقر في الجنوب بجماعة الكراهية و"البوق الرسمي لنظريات المؤامرة المتعلقة بالحركة النامية لمعاداة المسلمين". وكان غافني قد اقترح أن الرئيس السابق أوباما "مسلم بالسر"، واتهم المساجد والمنظمات الإسلامية الأمريكية بشن حملة جهاد قوية ضد الولاياتالمتحدة. ووصف بومبيو بأنه "أذكى رجل قابلته في الحياة العامة". والمشاعر على ما يبدو متبادلة، فقد ظهر بومبيو في الراديو التابع لمركز غافني، حيث حدد الباحثون في مبادرة الجسر بجورج تاون ظهوره ب18 مرة ما بين 2014 و2016، وتحدث في مناسبات المركز عام 2015 إلى جانب النائب الهولندي المتطرف، غيرت ويلدر، الذي دعا لمنع القرآن الكريم ومنع الإسلام. كما ظهر إلى جانب المحامي اليساري المتطرف، ديفيد يروشاليمي، الذي أعلن أن "الحضارة الإسلامية هي في حرب مع الحضارة اليهودية – المسيحية"، ويعد القوة المحركة وراء الحركة المعادية للشريعة في الولاياتالمتحدة. ويشترك يروشاليمي وبومبيو بنظريات المؤامرة المهووسة بالإخوان المسلمين، وكلاهما نشر الفكرة الخاطئة عن المنظمات الإسلامية الأمريكية وأنها مجرد واجهة للإخوان. ودعم بومبيو مشروع قانون في الكونغرس عام 2014 و2015 لتصنيف حركة الإخوان كمنظمة إرهابية. وقال إي أم بيرغر، مؤلف كتاب عن التطرف، لموقع "بازفيد" عام 2016 إن هوس المركز للسياسات الأمنية بمنع الإخوان المسلمين هو محاولة "للسيطرة على الأمريكيين المسلمين، ولا علاقة له بالإخوان المسلمين من الناحية العملية والواقعية". وقال حسن: "هل نندهش؟ فمعاداة الإسلام مستشرية في الحزب الجمهوري قبل انتخاب ترامب. ومعاداة المسلمين هي التي توحد الأحزاب اليمينية المتطرفة في الغرب. ويتساءل حسن عن الموقف من جانب الحزب الديمقراطي وكذا الإعلام الليبرالي؟ ولماذا لا يضايقهم التعصب المتزايد من المسلمين بنفس الطريقة التي يعبرون فيها عن معاداة السامية والمواقف المعادية للمثليين والمعاداة العنصرية للسود؟". وقال حسن إن تعيين بومبيو ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي يرفع بطاقة المعاداة للإسلام، قوبل بعدد قليل من المقالات التي عبرت عن قلقها من مواقف الثنائي ضد الإسلام والمسلمين. ولكن هناك صمتا قاتلا منذ ذلك الوقت. وتساءل حسن عن السبب، مضيفا أن أي مقال يستعرض حياة بومبيو يجب أن يعترف بالطريقة التي شهّر فيها بومبيو بأقلية داخل الكونغرس. "ألم يكن حريا بأي قصة عن تصريحات بومبيو الصقورية عن إيران الإشارة إلى مواقفه المعادية للإسلام؟ ألم يكن حريا بأن يشمل كل تحليل عنه، العلاقة بينه وبين الرئيس والمواقف المشتركة بينهما المتحيزة ضد المسلمين الأمريكيين؟ ألم يكن من العار أن يصوت 16 سناتورا لتأكيد تعيين مدير للمخابرات الأمريكية (سي أي إيه) وستة لتعيينه وزيرا للخارجية؟". ويرى أن علامة النجاح التي منحت لبومبيو من قبل "نيويوركر" هي المثال الأخير الصارخ والمثير للكآبة عن الطريقة التي خرجت فيها الإسلاموفوبيا من السر إلى العلن، أو كما قالت السياسية البريطانية المحافظة، سعيدة وارسي، لا يزال "يتسامح فيها على طاولة العشاء". وفي عام 2015، تحدث بومبيو عن الكفاح ضد الراديكالية الإسلامية، وحذر قائلا: "الشر قابع حولنا"، وحذر النواب من الذين قد يصفونهم بالمتعصبين أو المعادين للإسلام. ويجب ألا يشعر بومبيو بالقلق، يقول حسن، فرغم سجله الصارخ فقد وصل إلى أهم وظيفة في الحكومة الأمريكية. ورغم تصريحاته الصارخة، لا يزال يحظى بمقالات واسعة في الصحافة الليبرالية تتجاهل سجله المتعصب ضد الإسلام والمسلمين. وكما غرد مات داس، مستشار السناتور بيرني ساندرز: "التعصب ضد المسلمين أمر لا يتسبب لك بالمشاكل في واشنطن العاصمة".