شرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية مقالاً أشارت فيه إلى أن قوتين أجنبيتين حليفتين للولايات المتحدة تؤديان دوراً كبيراً في معركة تحديد مستقبل السودان وهما السعودية والإمارات اللتان قدمتا مليارات الدولارات للقيادة الانتقالية. وتقول كاتبتا المقال ماتينا غريدنيف وسمر سعيد، إن المحتجين -الذين أمضوا أشهراً من التظاهر ضد ثلاثة عقود من حُكم عمر البشير- يرفضون المجلس العسكري الانتقالي الذي أطاح بالبشير مطلع الشهر الجاري. لكن الرياضوأبوظبي -تتابع الكاتبتان- وجدتا فرصة لتعزيز مصالحهما الاستراتيجية في القرن الأفريقي: إبقاء إيران بعيدة عن البحر الأحمر، وتقويض طموحات قطر وتركيا الإقليمية، والاحتفاظ بقوات سودانية إلى جانبهما في حرب اليمن، وفق مسؤولين خليجيين ودبلوماسيين غربيين. والتفت المحتجون السودانيون الذين يطالبون بحكومة مدنية إلى التحركات الأخيرة، فرفعوا لافتات تحذّر الرياضوأبوظبي بعبارات منها: “إنكما لن تتحكما في مستقبلنا”. ففي غضون أيام من استبدال الرئيس عمر البشير بحكم عسكري، قدمت الدولتان (السعودية والإمارات) حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار، للمساعدة في عملية الانتقال السياسي. ويأتي هذا الدور الخليجي -يقول المقال- بعد سنوات بدا فيها البشير حليفاً متقلباً مع السعوديين والإماراتيين، يتودد إليهم لأجل المال، لكن دون إبداء الولاء الكامل لهم في تعاطيهم مع السياسة والشؤون الإسلامية، وعندما توجَّه البشير إلى الخليج طالباً المساعدة المالية لمواجهة الاحتجاجات، قوبل بالرفض. لكن الرياضوأبوظبي الآن تجدان وجوهاً ودودة في القيادة الجديدة المتمثلة في المجلس العسكري الانتقالي الذي يرأسه عبد الفتاح البرهان والذي تولى قيادة نشر نحو عشرة آلاف جندي سوداني في اليمن، لحماية القوات الإماراتية. ويشير المقال إلى أن الاهتمام الإماراتي والسعودي بالسودان ليس بالأمر الجديد، فالدولتان استثمرتا في هذا البلد بتقديم ما لا يقل عن 3.6 مليارات دولار منذ 2016 -وفق البنك المركزي السوداني- كمكافأة للسودان على ابتعاده عن الحليف التقليدي إيران. كما أن السعودية والإمارات تتطلعان إلى حماية استثمارات زراعية تقدَّر بعشرات المليارات من الدولارات في الأراضي السودانية، لإنتاج القمح والحبوب وجلبهما للاستهلاك المحلي. وفي الشمال الأفريقي، وعدت السعودية اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بملايين الدولارات، لمساعدته في حربه ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً في طرابلس. وفي الساحل الأفريقي الاستراتيجي، طورت دول الخليج قاعدة عسكرية ضخمة، لتوفير الدعم اللوجيستي في الحرب باليمن، حيث يقاتل التحالف بقيادة السعودية والإمارات الحوثيين، كما أن أبوظبي تحتفظ بقاعدة عسكرية وميناء في أرض الصومال. وتخلص الكاتبتان إلى أن التعاملات السرية بين دول الخليج وجنرالات السودان تؤكد أن السياسة وليست الاحتجاجات في الشوارع هي التي تحدد المرحلة المقبلة لهذه الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية.