حدد الصحفي السعودي جمال خاشقجي في كتاب مقترح، رؤية مستوحاة من الولاياتالمتحدة من أجل المملكة العربية السعودية الجديدة، وذلك قبل أن يتم اغتياله بطريقة بشعة داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول في أكتوبر الماضي. وبحسب ما كشفه الكاتب الأمريكي ديفيد أوتاوي في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” ، فإن “خاشقجي كان يعمل على كتاب يستفيد من المؤسسات والممارسات الأمريكية، لأجل تقديم رؤية كاملة لإصلاح السعودية”، مشيرا إلى أن “مقتل خاشقجي الشنيع تسبب في أسوأ أزمة في العلاقات الأمريكية السعودية منذ هجمات 11 شتنير2001”. وذكر أوتاوي أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حاول إقناع البيت الأبيض بأن خاشقجي كان تهديدا إسلاميا خطيرا للولايات المتحدة، لكن مشروع كتابه يكشف عكس ذلك تماما”، موضحا أن “خاشقجي كان معجبا كبيرا بالديمقراطية والمجتمع الأمريكي”. ولفت إلى أن “خاشقجي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في شبابه، لكنه منذ فترة طويلة ينأى بنفسه عن ما وصفته السعودية بالمنظمة الإرهابية”، منوها إلى أن “خاشقجي قدم مشروع الكتاب ضمن طلبه للحصول على زمالة في مركز وودور ويلسون الدولي للباحثين في واشنطن، الذي تم تقديمه في يونيو 2017”. وبين الكاتب الأمريكي أن “ابنة خاشقجي (نهى) وافقت مؤخرا على السماح له بالإفصاح عن محتوى الكتاب المقترح من أبيها”، مشيرا إلى أنه “كان من المفترض أن يكون كتابه بمثابة كتاب تمهيدي للسعوديين القادمين إلى الولاياتالمتحدة، ويشرح كيف تعمل المؤسسات والممارسات الأمريكية، ويدعو القادة السعوديين إلى تبني الإصلاح”. وقال أوتاوي إن عنوان الكتاب المبدئي كان “الولاياتالمتحدة للسعوديين” أو “الولاياتالمتحدة أصبحت سهلة للسعوديين”، مضيفا أن “خاشقجي كتب أن خطته هي شرح الحياة الأمريكية للقارئ السعودي والعرب عموما، بتنسيق بسيط لرواية القصص”. ونوه خاشقجي في كتابه المقترح إلى أنه “ما لا يقل عن 750 ألف سعودي هم من خريجي المؤسسات التعليمية الأمريكية، وسوف أركز على التعليم المدرسي والإصلاح التعليمي والسيطرة على الأموال العامة”. وأكد الكاتب أن “خاشقجي قام بالفعل بمقارنة تكلفة الفرد من المدارس الثانوية في السعودية وأمريكا، ووجد أن التكلفة متشابهة، رغم أنه خلص إلى أن الطلاب الأمريكيين حصلوا على أموالهم أكثر بكثير من نظرائهم السعوديين من حيث جودة التعليم والمرافق والتكنولوجيا”. وأفاد أوتاوي بأن “خاشقجي أراد من ولي العهد السعودي أن يستلهم من الولاياتالمتحدة ليضمن نجاح رؤيته 2030، التي أيدها للتغلب على مشاكل المملكة المنتظمة والعميقة الجذور، ودعا إلى حلول غير مسبوقة”، مستدركا بقوله: “خاشقجي اختلف مع ابن سلمان وجادله حول فرص نجاح رؤيته” وتابع: “خاشقجي أكد أن نجاح رؤية 2030 يعتمد على توسيع نطاق الديمقراطية واستقلال السلطات في المملكة، وخطط ليشرح للسعوديين نظام تقاسم السلطة في الولاياتالمتحدة بين فروع الحكومة الثلاثة، وكذلك الأدوات الديمقراطية التي استخدمها الأمريكيون لمحاسبة مسؤوليهم”. وأشار إلى أن “خاشقجي ضغط على الحكومة السعودية قبل سنوات من مغادرة بلاده، من خلال تعليقاته في وسائل الإعلام السعودية لحل النقص الحاد في المساكن من خلال اعتماد نظام الرهن العقاري الأمريكي”، موضحا أن “ابن سلمان غضب من خاشقجي لانتقاده بعض قراراته، ودفعه إلى المنفى الذاتي في الولاياتالمتحدة، قبل أن يرسل له رجال الأمن الموثوق بهم لقتله في إسطنبول”. وختم الكاتب الأمريكي مقاله بالقول إن “ابن سلمان قتل رجلا كان يؤمن بطريق التقدم والإصلاح المستوحى من المثل الأمريكية”.