لمّا رأيت من نفسي ادعاء حبّ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ورغبة في التقرب من المولى العظيم مع ضعف العمل وقلة الزاد، أردت تكليف هذا المقال في خدمة شيء مما ألّف في سيرته صلى الله عليه وسلم؛ لعلمي ويقيني باستحالة أن ينفك المهتم بسيرته حبّا له وإيمانا به ثم لا يرجع من ذلك بشيء من الفضائل والمحاسن، أو يحلّ عليه شيء من البركات ؛ فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قد شرفه الله وخصه وميزه عن سائر الخلق بمزايا تولى سبحانه بنفسه إظهارها في كتابه العزيز، فنوه بها ونبه على أهميتها ، فمن أثبت له من المزايا والخصائص ما أثبته الله له واعتقد اتصافه بتلك الأخلاق السامية التي ذكرها في كتابه وأشار إلى اتصافه بها في نحو قوله:” وإنك لعلى خلق عظيم ” كان بذلك مثبتا لله تعالى ما أثبته لنبيه صلى الله عليه وسلم وذلك من واجبات الإسلام وصريح الإيمان. فقد ولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بمكة، وعاش يتيماً، إذ مات أبوه وهو لازال في بطن أمه ، وماتت أمه وهو لم يستكمل سبع سنين. وكفله جده عبد المطلب، ومات عبد المطلب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين. ثم كفله عمه أبو طالب، و كان به رفيقاً، و أتته عليه السلام النبوة من عند الله عز وجل، وهو في غار حراء، وهو عليه السلام ابن الأربعين سنة، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، أسلم فيها رجال من أصحابه ونساء. ومات عليه السلام بها، وقبره فيها، في المسجد، في بيته الذي كان بيت عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها، وفيه دفن صلى الله عليه وسلم. وقد ابتدأه وجعه في ببيتها ، واشتد عليه في بيت ميمونة أم المؤمنين رضوان الله عليها، فمرض في بيت عائشة بإذن نسائه، رضوان الله عليهن، ولم يختلف أحد في أنه عليه السلام مات يوم الاثنين، ومات بعد أن خيره الله عز وجل بين البقاء في الدنيا والخلود فيها ولقاء ربه عز وجل، فاختار عليه السلام لقاء ربه تعالى؛ و يأتي الإحتفال بميلاده عليه السلام دليلا على محبة المسلمين له بصفة عامة والمغاربة بصفة خاصة ، إذ جلهم أو أغلبهم يعيرون هذه الذكرى مكانة خاصة دون أن يعتبروها عيدا دينيا وإنما مناسبة دينية يعقد فيها البعض مجالس لذكر محاسن النبي وخصاله الحميدة ، كما يستذكرون العديد من قصص النبي ومسيرته في الدعوة الاسلامية ويؤدون الأناشيد الدينية في مدحه عليه السلام ، وتحرص جل الدول الاسلامية على تعطيل الدوام الرسمي في البلاد احتفالا بهذا اليوم السعيد . الحكم الشرعي للإحتفال بالمولد النبوي: انقسم علماء الدين الإسلامي بين مؤيد ومعارض ؛ حيث يقول المعارضون بأن الإحتفال به بدعة منكرة جملة وتفصيلا ؛ وذلك لأنه لم يرد عن الصحابة أو التابعين أن احتفلوا بهذا اليوم وهم من أشد الناس حبا للنبي . وأما الفئة المؤيدة ترده في باب البدعة الحسنة والمحمودة التي تشجع الناس على ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وسماع سيرته ومدحه وتفسير بعض أحاديثه النبوية دون زيادة على ذلك .