لست أبالغ إذا قلت إن رواد الفكر الغربي أذكى بكثير مما يتصور البعض، وخططهم التي يستهدفون بها الهوية العربية والإسلامية لمنطقتنا ولدولنا شاملة لكل عناصر الدولة، من السياسة إلى الاقتصاد إلى التربية والتعليم إلى الثقافة العامة. ومحاولة السيطرة على جميع أفراد المجتمع. تقوم أفكارهم على مشروعات مختلفة ومتنوعة تناسب كل فئة وكل مكان وكل زمان. ومن هذه الفئات التي استهدفها المفكرون الغربيون قديما وحديثًا المرأة العربية، ذلك من خلال الوسائل التي عملت على تطبيق مشروعاتهم الفكرية الخاصة بالمرأة فغيروا في ثقافتها وفي تفكيرها وفي ملبسها ... إلخ ولننظر سويًا إلى أهم ما وصل إليه المفكرون الغربيون مع المرأة العربية بلا عاطفة ولا حرج: إذ هدفت حركات التغريب إلى إبعاد المرأة عن دينها ابتداءً ليمكن بعد ذلك من إشغالها بالقضايا التغريبية والموضات الغربية والأفكار المنحرفة، فتجد اهتمام بعض النساء بمجلات الموضة والمجلات الفنية أكبر من اهتمامها بالقرآن والعبادة، ولا شك أن لذلك ما له من الآثار السلبية على أبناء هذه المرأة ممن تقوم على رعايتهم. والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، لكنهم يهدفون إلى هدمها لا إلى إعدادها. وذلك بالجرأة على الزي الشرعي، والسمات الإسلامية الخاصة بالمرأة من حياء وغيره، فتجد من النساء من تتفنن في الزينة وتبالغ فيها عند خروجها من منزلها، فتلبس القصير والضيق والشفاف، دون اكتراث لدين أو تقاليد عربية لم تكن لها علاقة بهذه الممارسات، والحياء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم شعبة من شعب الإيمان، فلما نُزع حياؤها، ضعف إيمانها فتجرأت على شعائر دينها، كما يظهر ذلك أيضًا في اختلاط النساء بالرجال اختلاطًا غير مبرر ولا حاجة له ولا ضرورة، باسم الصداقة والزمالة، ولعلك أيها القارئ الكريم تعمل في بعض الأماكن المختلطة لتجد ذلك بنفسك، في الوقت الذي يدعونا فيه ديننا الحنيف المرأة إلى عدم الاختلاط، وترك الخضوع بالقول، فيقول الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) سورة الأحزاب. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء. فحتى تجد المرأة لها معينًا على الممارسات التي يرفضها أهل التدين والالتزام مما قرأت عنه أو شاهدته وعاينته عبر وسائل الحركات التغريبية، بحثت عن صديقات لها انحرفت أفكارهن فتشابهت ملابسهن وعقولهن وممارساتهن، والصاحب ساحب. وقد هدفت حركات التغريب إلى تكريس مفهوم الصداقة بين هذا النوع من النساء من أجل تثبيت الأفكار ودعم السلوكيات المنحرفة، وقد كان السلف رضوان الله عليهم ينهون من مصاحبة المنحرفين لهذا السبب، وقديما قالوا: لا تصاحب الفاجر فيعلمك فجوره. وقد ذم الله تعالى أصدقاء السوء في القرآن في قوله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلًا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا لقد أضلني...) سورة الفرقان. وذلك نتيجة لانشغال هذا المرأة عن أولادها بالعمل (الذي لا تدعو إليه الحاجة كثيرًا) أو بانشغالها بالمشاركات السياسية والاجتماعية الأخرى، ذلك أن إثبات المرأة لذاتها أهم من وظيفتها الأساسية التي هي رعاية أبنائها، ولذا فإن هذه الفجوة تتسع حتى يتحول الطفل بعد ذلك إلى عاق وقاطع رحم وبهذا تفككت الأسر المتأثرة بحرمات التغريب ولو بدا منها غير ذلك. وقد ذكر الرئيس السابق «جورباتشوف» في كتابه عن البروستريكا أن المرأة بعد أن اشتغلت في مجالات الإنتاج والخدمات والبناء وشاركت في النشاط الإبداعي لم يعد لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية من أعمال المنزل وتربية الأطفال. وأضاف قوله: «لقد اكتشفنا أن كثيرًا من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشباب وفي معنوياتنا وثقافتنا وإنتاجنا تعود جميعًا إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه نتيجة طبيعية لرغبتنا الملحة والمسوَّغة سياسيًا بضرورة مساواة المرأة بالرجل». فالمرأة التي تقترب من الرجال، تفتنهم بزينتها وخضوعها في قولها وفعلها وأخذت أوقاتهم وأنظارهم، أصبحت خطرًا على الرجل أخلاقيًا وفكريًا، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأعظم فتنة للرجال فقال صلى الله عليه وسلم، (ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء). ولقد كان أمر المرأة بالحجاب عن الأجانب لأجل ذلك أيضًا حتى لا يُفتن الرجل بالمرأة فينشغل عن طاعته ومهامه وبيته، فيزعم أن السكن والمودة والرحمة مع الصديقة والزميلة، فيصاب الرجل في عفته وأخلاقه، وهذا أعظم أثر سلبي يتوقع في ذلك. ولنا في الوقاية من ذلك أسوة حسنة تظهر في قول الله تعالى عن نساء نبيه صلى الله عليه وسلم: (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب). وحتى لا يتأثر الرجل بهذه المرأة التي أصبحت وسيلة بعدما كانت هدفًا فإن الله سبحانه وتعالى دعا الرجال إلى غض أبصارهم وقاية لهم فقال سبحانه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم). سورة النور حيث يقوم الرجل الذي تربطه بهذه المرأة علاقة خارج علاقة الزواج بابتزازها للرضوخ لشهواته ومطالبه، وقد كثرت هذه الصور في مجتمعاتنا، والبداية تكون من اختلاط المرأة بالرجال متأثرة في ذلك بالأفكار التغريبية التي نتحدث عنها، وهنا يقوم ذلك المجرم بسلب إرادة المرأة ولضغط عليها لابتزازها جنسيًا وماديًا. ولعل مما ساعد في ظهور هذه الأمور في العصر الحديث التقدم التكنولوجي في الجوالات والحاسب الآلي والإنترنت وغيرها، وبمتابعة الأخبار المحلية لبعض مجتمعاتنا العربية تجد تسجيل أخبار كثيرة من هذه النوع. 1- التفكك الأسري، والخلافات الزوجية التي حملت البنت على البحث عن البديل خارج المنزل، مع انشغال الأم عن تربية بناتها كما ينبغي أو تركها لوسائل تربية أخرى لا تحفظ دينًا ولا تُقوّم فكرًا. 2- التأثير السلبي لوسائل الإعلام، فالدراما والبرامج وحتى الإعلانات التجارية تحض على إقامة علاقات بين الجنسين، حتى اعتاد الناس في البيوت رؤية هذه العلاقات واتهام من يرفضها بالكبت والتشدد والتخلف والرجعية، في حين أنه يحافظ على الأعراض والبيوت. 3- ضعف الوازع الديني عند الرجال: إذ لا يقوم بعملية الابتزاز إلا رجل ضعيف الإيمان والأخلاق منحرف الفكر. وهو شكل من أشكال السلوك يمارسه أحد الأطراف على الطرف الآخر بهدف استمالته جنسيًا دون رضاه، سواء كان هذا السلوك رمزيًا أو حركيًا أو لفظيًا، فالمرأة التي تأثرت بالحركات التغريبية فاختلطت بالرجال دون حاجة وكشفت عن جسدها وأظهرت زينتها حتى في الشوارع بعد أن أصبحت امرأة غربية خالصة، هذه المرأة هي التي يكثر التحرش بها، ولا شك أن قضايا التحرش من أكثر الجرائم التي سُجلت بها قضايا في مجتمعاتنا، وعندما نراجع سويًا أسباب حدوث هذه الجريمة نجد أنها جميعها آثار للأفكار التغريبية التي نعنيها مثل: الاختلاط في أماكن العمل، والتبرج والسفور من المرأة والثاني منهما أشد أثرًا. فالتحرر التي تقوم حركات التغريب بتعظيم أمره لدى المرأة لا يعنى سوى الصداقات السرية من أجل حياة أكثر حرية وتفسخًا، ولا شك أن الأفكار التي خلعت عن المرأة حجابها وسلبت منها حياءها لا تريد الوقوف عند هذا الحد، بل فعلت ذلك لاستقطاب أكبر قدر من الرجال، فتفسد المجتمعات العربية وتنسى دينها الذي هو عصمة أمرها، ثم يسهل بعد ذلك إشغالها بثقافات غربية غير إسلامية.