"يا سَيِّدي وإِمامي و يا أديبَ الزَّمانِ قد عاقنِي سُوءُ حظِّي عنْ حفلة ِ المهرجانِ وكنتُ أوّلَ ساعٍ إلَى رِحابِ ابنِ هاني لكنْ مرضتُ لنحْسِي في يومِ ذاكَ القرانِ وقد كفاني عِقاباً ما كانَ من حِرماني حُرِمتُ رُؤْيَة َ شوقي ولَثمَ تلكَ البَنانِ فاصفحْ فأنتَ خليقٌ بالصَّفحِ عن كلِّ جاني وعِشْ لعرشِ المعانِي و دُمْ لتاجِ البيانِ إنْ فَا تَني أنْ أُوَفِّي بالأّمسِ حقَّ التَّهانِي فاقبلهُ منِّي قضاءً وكُن كَريمَ الجَنانِ واللهُ يَقبَلُ مِنَّا الصَّلاة َ بعدَ الأوانِ…." حافظ إبراهيم هو من أبرز شعراء هذا العصر حيث لقب في مصر بشاعر النيل لدفاعه عن القضايا الاجتماعية والسياسية، التي عاشتها مصر في نهاية القرن الماضي، وكان درعا قويا حاميا لأمته مدافعا عن حقوقها ويبين لها طريقها إلى التقدم والرقي، وأصدر العديد من الدواوين الشعرية ومن بينها القصيدة التي بين أيدينا والتي عنونها با "يا سيدي و إمامي" مرسلا إياها إلى صديقه و عزيزه ورفيق دربه أحمد شوقي، الذي كانت تربطه علاقة صداقة وأخوة ليست كمثلها شيء، في هذا الزمان الذي أصبحت سمت الصداقة فيه مجرد حبر عن ورق إذ باتت سمت المصالح و المظاهر هي السائدة في عصرنا الحالي، وقد قام بإرسال هذه القصيدة لصديقه شوقي يعتذر منه لعدم حضوره إلى حفل قران ابنته لشدة مرضه، فبعث له بهذه الرسالة التي تضمنت أبيات حملت في طياتها معاني التقدير و الاحترام والإخاء و العرفان والمعنى الحقيقي لمفهوم الصداقة، فهي رسالة فيها أرق وأسمى عواطف الأخوة التي تربط بين الشاعريين الكبيرين، وهي رسالة اعتذارية تبين براعة حافظ إبراهيم في عرض اعتذاره الذي مزجه بحبه وبتقديره لشوقي، إلى جانب إظهار شيم الإخلاص و الوفاء و صفاء النفس بين الصديقين ، حيث عاشا يناضلان بالكلمة من أجل أمتهما العربية و الإسلامية، في وقت اشتدت فيه وطأة الاستعمار وبغى على الشعوب العربية وعبث بحريتها وجثم على قلبها.