طالب سفراء 54 دولة أفريقية في الأممالمتحدة الجمعة 12يناير، في بيان شديد اللهجة، الرئيس الأميركي دونالد ترامب ب «التراجع» و«الاعتذار» بعد تصريحات له تناقلتها وسائل اعلام وتضمنت عبارات مسيئة في شأن الهجرة، وصف فيها بلدان المصدر بأنها «حثالة». وبعد اجتماع طارئ، قالت مجموعة السفراء في بيان، إنها «صُدمت بشدة، وتدين الملاحظات الفاضحة والعنصرية والمتضمنة كراهية للأجانب» من جانب ترامب. وكان الناطق باسم مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل قال أمس للصحافيين في جنيف: «في حال تأكدت، فإنها تصريحات صادمة ومعيبة من رئيس الولاياتالمتحدة. آسف، لكن لا أجد كلمة أخرى غير عنصرية لوصفها». وكان كولفيل يعلق على تصريحات نقلت عن ترامب خلال اجتماع مع أعضاء في مجلس الشيوخ في البيت الابيض حول الهجرة قال فيها: «لماذا يأتي كل هؤلاء الأشخاص القادمين من أوكار قذرة إلى هذا البلد»، في اشارة الى دول افريقية وهايتي والسلفادور. وفي السياق، ندد الاتحاد الأفريقي بالتصريحات، وقالت إبا كالوندو الناطقة باسم رئيس الاتحاد الأفريقي موسى: «هذا ليس جارحاً فحسب، باعتقادي، للشعوب ذات الاصول الأفريقية في الولاياتالمتحدة، وإنما بالتأكيد للمواطنين الأفارقة كذلك». وأضافت: «أنه جارح أكثر بالنظر الى الحقيقة التاريخية لعدد الافارقة الذين وصلوا الى الولاياتالمتحدة كرقيق». وتابعت: «الأمر ايضاً مفاجىء جداً لان الولاياتالمتحدة تبقى مثالاً ايجابياً جداً للطريقة التي يمكن أن تنبثق فيها أمة من الهجرة»، واصفة ما نقل عن ترامب بانه «تصريح يثير غضباً كبيراً ويتنافى تماماً مع السلوكيات والممارسات المقبولة». وحاول ترامب في وقت لاحق التملص من استخدامه العبارات المسيئة، ورد عبر «تويتر» على الجدل الجديد الذي يضعه في موقف صعب في وقت يحاول فيه التوصل إلى حل وسط في الكونغرس حول قضية الهجرة الحساسة. وقال في صيغة غامضة: «كانت اللغة التي استخدمتها في الاجتماع قاسية لكن هذه ليست الكلمات المستخدمة». وبعد بضع دقائق، أكد عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي ديك دوربن الذي حضر الاجتماع، ان الرئيس استخدم تعبير «الدول الحثالة» مرات عدة. ولم ينف البيت الابيض التصريحات او يعترض عليها. وقال الناطق باسمه ان «بعض الشخصيات السياسية في واشنطن تختار الدفاع عن الدول الاجنبية لكن الرئيس ترامب سيعمل دائماً من أجل مصلحة الشعب الاميركي». كانت صحيفة «واشنطن بوست» أول من نقل هذه التصريحات التي أثارت غضب مشرعين ديموقراطيين وجمهوريين وأثارت مجدداً تساؤلات في شأن ميل ترامب للادلاء بتعليقات عنصرية. وقال كولفيل: «لا يمكنكم أن تصفوا بلداناً وقارات بأكملها بصفتها ‘أوكاراً للقذارة' ويصبح بالتالي سكانها بأكملهم وهم ليسوا من البيض غير مرحب بهم». وانتقد أيضاً التصريحات المنسوبة الى ترامب بأن على اميركا أن تستقبل فقط مهاجرين من بلدان مثل النروج وسكانها كلهم البيض، بدلاً من بلدان أفريقية ومن هايتي. وقال كولفيل ان «التعليق الإيجابي بصدد النروج يجعل الشعور الكامن وراءه واضحاً تماماً». وأضاف: «مثل التصريحات السابقة الى تهجمت على المكسيكيين والمسلمين، المقترحات المتعلقة بالسياسات والتي تستهدف مجموعات بأكملها على أساس القومية أو الدين والإحجام عن الإدانة الواضحة لممارسات المؤمنين بتفوق البيض المعادية للسامية، والعنصرية، في شارلوتسفيل، كل هذا يتعارض مع القيم العالمية التي يعمل العالم بكد لإرسائها منذ الحرب العالمية الثانية والمحرقة». وتابع: «هذه ليست مجرد قصة تتعلق بكلام فظ. إنها تتعلق بفتح الباب على مصراعيه أمام الوجه الأسوأ للبشرية، تتعلق بالنظر بعين الرضا وتشجيع العنصرية وكراهية الأجانب التي يمكن أن تؤدي إلى الحاق الأذى بحياة عدد كبير من الناس وتدميرها». وومضى قائلاً: «ربما تكون هذه النتيجة لوحدها الأكثر أذى وخطورة لمثل هذا النوع من التعليقات الصادرة عن شخصية سياسية بارزة». وفي جنوب أفريقيا، قالت جيسي دوارتي نائبة الأمين العام لحزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم خلال مؤتمر صحفي في إقليم إيسترن كيب: «بلدنا ليس حثالة وكذلك هايتي أو أي دولة أخرى في محنة». وأضافت دوارتي للصحافيين: «وكأن الولاياتالمتحدة ليس لديها مشاكل… هناك بطالة في الولاياتالمتحدة وهناك أناس لا يتمتعون بخدمات الرعاية الصحية». وتابعت: «لن ننجر إلى تصريحات تحط بهذا الشكل من شأن أي دولة تعاني من أي نوع من المصاعب الاجتماعية والاقتصادية أو غيرها من الصعوبات». واستدعت وزارة الخارجية في بوتسوانا السفير الأميركي للتعبير عن الاحتجاج، ووصفت التعليقات بأنها «غير مسؤولة على الإطلاق ومستهجنة وعنصرية». وقالت في بيان إنها طلبت من الحكومة الأميركية من خلال سفيرها «توضيح» ما إذا كانت هذه التصريحات المهينة تنطبق أيضا على بوتسوانا نظرا، لأن بعض مواطنيها يقيمون في الولاياتالمتحدة، وهناك آخرين يرغبون في الذهاب إلى هناك. وذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن وزارة الخارجية السنغالية استدعت أيضاً السفير الأميركي في دكار، للتعبير عن استيائها. وعبرت بعثة الاتحاد الأفريقي في واشنطن عن «غضبها وخيبة أملها» من التعليق وطالبت بالتراجع عنه والاعتذار. وفي هايتي، استدعت الحكومة أيضاً أكبر ديبلوماسي أميركي، وطلبت توضيحاً، في حين طالب سفير هايتي في واشنطن بالاعتذار. وقال السفير بول ألتيدور «لا يستحق شعب هايتي تلك المعاملة. لا ينبغي النظر إلى شعب هايتي على أنه مجموعة من المهاجرين الذين يأتون إلى الولاياتالمتحدة لاستغلال الموارد الأميركية». وقالت وزارة خارجية السلفادور إن الرئيس الأميركي وافق «ضمنا» على استخدام «عبارات لاذعة تضر بكرامة السلفادور ودول أخرى».