حين قال الراحل الحسن الثاني قولته الشهيرة ” إن الخير كله يأتي من الصحراء وإن الشر كله يأتي من الصحراء” فإنه بلا شك كان عارفا ملما بما يجري وسيجري في المستقبل ولا ربما كان ينبه المحيطين به والمسؤولين عن حفظ أمن البلاد إلى الإنتباه أكثر. حين كان المسؤولون المغاربة يعقدون جولاتهم مع عناصر البوليساريو كانت في الصحراء المغربية تجري جولات أخرى من أعمال الشغب والسرقة والتخريب تقودها عناصر من انفصالي الداخل تحت يافطة المطالب الإجتماعية . الأوضاع في الصحراء المغريبة ليست بخير بذليل استشهاد 5 عناصر أمنية وجرح 70 أخرين بعد تدخل قوات الأمن لإحلال النظام العام ووقف أعمال النهب والسرقة وتخريب الممتلكات العامة في مدينة العيون . قبل أيام قليلة خطب الملك محمد السادس في شعبه بمناسبة عيد المسيرة الخضراء والتي يعتبرها المغاربة ملحمة كبرى ساهمت في تحرير الصحراء من الإحتلال الإسباني غير أن الذكرى التي تصادفت مع الأحداث تدعو للكثير من الإستفهام خاصة وأنها تصادفت أيضا مع جولات المفاوضات التي يعقدها المغرب مع انفصالي البوليساريو؟؟ لا أحد ينكر أن الأمر يدعو للكثير من الشك خاصة في الجهات التي تقف خلف الأحداث لأنه لا يعقل أن تتزامن الأحداث الإجرامية التي شهدتها الصحراء المغربية مع المفاوضات المارطونية وذكرى المسيرة الخضراء والحملة الشرسة والمحمومة التي تقودها الجزائر وبعض المحسوبين على التيار الإنفصالي الداخلي ، هنا نتساءل هل المغرب يتعرض لمؤامرة كبرى بدعم خارجي ؟ لكن لنبدأ أولا من الخطاب الرسمي ومعه الإعلام الحكومي. الخطاب الرسمي يقول “إن عناصر إجرامية من المبحوث عنهم احتجزت عددا من الشيوخ والنساء في المخيم الذي نصبه المحتجون للمطالبة بالحق في السكن والعمل ، هنا تدخلت قوات الشرطة وأسفرت العملية عن فك الحصار واستشهاد عدد من عناصر الأمن وجرح أخرين “. انتهى الأمر بفك الحصار بعد ان اندلعت أعمال الشغب والسرقة والتخريب وتعرض قوات الأمن للرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة في عدد من الأحياء بمدينة العيون، ولأول مرة في التاريخ المغربي المعاصر وفي تاريخ أعمال الشغب نسمع على أن ضحايا رجال الشرطة أكبر من ضحايا مثيري الشغب !. هنا نتساءل لماذا انتظرت قوات الأمن كل هذا الوقت لإنهاء التجمهر ؟؟ أين هي الأجهزة السرية والمخابرتية التي من المفروض ان تتدخل لآعتقال الرؤوس المحرضة وتفادي انفجار الأوضاع ؟؟ إن من حق الدولة الحفاظ على أمنها القومي بشتى الوسائل الشرعية بما فيها استعمال السلاح إن لزم الأمر وإن الخطر الحقيقي لا ياتي من الحدود أو من ملشيات البوليساريو بل يأتي من الداخل ولقد كنا نعتقد أن السلطات المغربية استفادت من تجربة الإنفصالية أمنيتو حيدر وطورت أساليب عملها وطرق كبح جماح الطابور الخامس ؟؟. لننتقل للتلفزيون الرسمي الذي يبقى كعادته نمطيا في تعاطيه مع مختلف الأحداث حيث اكتفى التلفزيون بعرض الإستنكارات المختلفة لقادة الأحزاب السياسية وشيوخ القبائل بشكل ساذج لنتساءل مجددا هل بالإستنكار سنحل المشكلة ؟؟. فيما بدا الدور الإعلامي التحريضي الإسباني واضحا فيما يخص الملف لنتساءل مجددا أين كان التلفزيون المغربي ووسائل الإعلام المغربية حين اندلعت انتفاضة المغاربة في مليلية المحتلة ؟؟ وأين هي وسائل الإعلام المغربية حين يتعرض المغاربة على أبواب سبتةالمحتلة لكل أشكال العنصرية والذل والمهانة على أيدي الإسبان ؟؟ وهل يكفي ان نرسل صحفية لكي تعد ربورطاجا عن أحداث جرت قبل أسابيع لتختم مرسلتها بكلمة – مليلية المحتلة – لنقول إن الإعلام المغربي لم ينسى يوما الجيوب المحتلة ؟؟. إسبانيا تحت ضغط اليمين المتطرف وصلت وقاحتها حد دعوة مجلس الأمن للإنعقاد لدراسة أحداث العيون وهي خطة مسمومة تروم من خلالها إسبانيا تأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب و تحويل وتحوير أحداث الشغب لجعلها في قالب سياسي ليبدو الأمر وكأنه انتفاضة “شعب “ مع أن إسبانيا التي تناقض نفسها تنسى أنها الوحيدة التي لا زالت تحافظ وتكرس احتلالها لمدينتين مغربيتين سليبتان تقعان على مرمى حجر من جزر مغربية أخرى محتلة . لا شك أن إسبانيا تشعر بالغبن والحقد الذي ورتثه منذ أيام الديكتاتور فرانكو لأن المغرب البلد الوحيد الذي أخرج جيوشها من الصحراء بمسيرة سلمية دون أن يطلق رصاصة واحدة . إن الأمر حقيقة يدعو للكثير من النقاش لأن وسائل الإعلام المغربية الرسمية والغير الرسمية إن كانت جادة في مقارعة الإسبان وإعادة الجيوب المحتلة عليها أن تفتح لنفسها مكاتب معتمدة بهذه المدن المغربية المحتلة لتغطية الأحداث وإنجاز التقارير حول أوضاع المغاربة تحت الإحتلال الإسباني وأن تعمل على تكثيف الروابط الوطنية وإعادة التفكير بطرق أكثر حزما في التعامل مع الإسبان ، والإهتمام بالمواطن المغربي الشمالي أكثر وإنهاء كل أشكال الذل والمهانة على أبواب سبتةالمحتلة بتوفير العمل الشريف للمغاربة الذين يتعاطون التهريب المعيشي تمهيدا لخنق ٌالإسبان اقتصاديا . ونفس الأمر ينطبق على الصحراء المغربية لأنه لو فرضنا احترامنا على جيراننا وبئسها من جورةخبيثة!! بكبح جماح انفصالي الداخل ومعاملة الجزائرين باللغة التي يفهمونها فأكيد ان إسبانيا ستحترمنا رغما عنها ولا يجب أن ننسى أيضا أن الدولة مدعوة لتقوية أجهزتها الأمنية والسرية بنهج قبضة أكثر صرامة بالنسبة لكل من تبث تقصيره أو تهاونه في أداء واجبه الوطني. إن قضية الصحراء قضية مقدسة ومسألة حياة أو موت ونفس الأمر ينطبق على الصحراء الشرقية والمدن المغربية الأخرى المحتلة وإن الجزائر لم تكن في يوم من الأيام دولة بمعنى الدولة بل مجرد ولاية تابعة وجزءا من أملاك الدولة المغربية المرابطية – والموحدية و بعد أن تناوبت على حكمها الإمبراطورية العثمانية- الفرنسية ولا شك أن المغرب فوت على نفسه الكثير من الفرص السانحة لتأذيب عدو يحتضن بالمال والسلاح حفنة من الخونة الذين يخشون أن يكبر المغرب أو يتقوى لكن من يصدق أن المغرب الذي صمد لسنين طويلة في صون والدفاع عن حرمة ترابه سيتخلى يوما عن حقوقه وحقوق شعبه !!. حقوق الشعوب لا تسقط بالتقادم وحق الشعب المغربي في استعادت كافة أراضيه تابث لا رجعة فيه. للتواصل مع الكاتب [email protected]