يوم الأحد الماضي بتاريخ 2010-09-19 بمدينة وزان شمال المغرب، التقى مجموعة من الشباب بدعوة من “نبراس الشباب” لزيارة شخص نتواصل معه عبر الأسلاك الالكترونية، ونتابع مستجداته، فأحببنا أن نجلس معه على أرض الواقع، ونتواصل معه أكثر لتوطيد علاقتنا الإنسانية، كما كان هدف الزيارة هو تكريمه عرفانا له بمجهوداته القيمة في إثراء المحتوى العربي، رغم أننا أخفينا الهدف إلى حين اللحظة التي أردنا الإفصاح عنها أمام الشباب الحاضر ” المدون فؤاد وكاد، خالد الزريولي، عدنان تليدي، طارق أجاني، هدى”، فبعد كلمة مقتضبة عن دواعي وأسباب التكريم، قدمنا شهادة تقدير وشكر وأيضا هدية رمزية، تحمل في طياتها دلالة حبنا واحترامنا للأستاذ عبد الهادي اطويل. تكريم الأستاذ عبد الهادي اطويل لم يكن مجاملة عابرة، وإنما كانت لحظة تكريم من القلب، تمنيت صادقا لو كانت بحضور جميع المدونين المغاربة النشيطين في العالم الافتراضي وفي حفل كبير له أدبياته وشروط نجاحه، فالمحتفى به يستحق أكثر من ذلك وزيادة. كيف لا، وهو مصمم مجموعة من المواقع الهادفة والتعليمية، كموقع القراء، المبدع، الدولية، مسألة مبدأ، ومنتديات دنيا الأمل وهو المنتدى الوحيد في عالم الانترنيت الخالي من النقل والقرصنة، وتشجيعه الدائم على استخدام البرمجيات الحرة و المفتوحة المصدر، له معرفة جد محترمة بخبايا الانترنيت، ومع ذلك فإنه يعشق الاشتغال في الظل، ويحق لكم أن تسألوا أي صديق له وسيخبركم بذلك، زاده الله علما وطول عمر. عبدالهادي اطويل هو مصمم موقع نبراس الشباب، تعرفت عليه في لحظة هي من محاسن الصدف، وكان الصديق العزيز مصطفى البقالي هو السبب بعد الله سبحانه وتعالى في ذلك، فقد نصحني بالتعامل مع شاب سيساعدني في تجربة التدوين المسؤول، زيادة على أن الرياح ستجري بما تشتهي السفن بتوطيد علاقتي الالكترونية مع عبد الهادي، ففي الوقت المحدد لوعده كان الموقع جاهزا، وشهرين وهو ناشر المقالات في هذا المكان، إلى أن علمني طريقة النشر بنفس الطريقة التي ينشر بها، وأنا شاكر له صنيعه. أتذكر أنني كنت أطلب منه وأنا محرج أن ينشر مقالا على الموقع في وقت ما بعد منتصف الليل، ولم يمانع، في إحدى الليالي أردت أن أسمع منه تذمرا وعتابا علي، وبالغت في طلباتي لأرى حدود صبره لكنه لا يتبرم أبدا. والغريب أن تصميم الموقع والنشر اليومي والنصائح التقنية كانت بالمجان، ورفض أخذ أتعاب التصميم، كما أن المواقع المذكورة أعلاه قام بتصميمها بثمن رمزي، ولكم أن تتصوروا شيم وأخلاق هذا الشاب الكريم. وأقسم بخالق هذا الكون أنني لم أجد أطيب وأنصح شخص في الشبكة العنكبوتية مثل “عبد الهادي”. عبد الهادي اطويل كان سببا بعد الله سبحانه وتعالى في استمرارية هذا الموقع إلى يومنا هذا، ففي الوقت الذي كنت شاهدا على موت بعض المواقع الإلكترونية =المدونات الجماعية في مهدها، وأخرى في شهورها الأولى، خاصة حين أفصحوا لي أنهم أتوا لمنافستنا وكنت أجيبهم بحكم صداقتي بهم أننا لا ننافس أحدا، وغير مستعدين لذلك الآن، فهدفنا هو الكتابة في الوقت الذي نريد وما نريده، وحسب مزاجنا، دون تدخل من أحد. كما أن هناك من كانت المشاكل التقنية سببا رئيسيا في فشل مشروعه التدويني على قالب احترافي، وفي خضم هاته الاعتبارات كان عبد الهادي هو رجل الخفاء التقني الذي يتدخل في الوقت المطلوب خاصة عند قرصنة الموقع من طرف بعض المجهولين لمرتين متتاليتين، وحين إقفال الموقع من لدن الشركة المستضيفة. عبد الهادي اطويل مهما تكلمت في حقه فلن أوفي له جزءا مما قدمه لي من نصائح ومساعدات في عالم التدوين الالكتروني، صادقا أقولها له: شكرا لك كثيرا. فليسمح لي أستاذي عبد الهادي في التطاول على هذا المكان الخاص به الآن، لأتواصل مع قراء الموقع، لأقدم فيه اعتذاري لكل الذين اعتبروا أننا أسأنا إليهم يوما ما، أو لم نكن في مستوى تطلعاتهم. سأتوقف عند بعض النقاط السريعة التي تفرض نفسها بقوة الآن لأفصح عنها بدون أي مركب نقص، ففي أول إطلالة لنا عبر جدارية الشغب الجميل، وقعت لي بعض المشاكل مع ثلة من الأصدقاء الذين اعتقدوا أنني أرفض نشر مقالاتهم في جدارية فتية، بناء على خلفية أيديولوجية، أو أن مقالاتهم ليست في المستوى، غير أن السبب الوحيد لعدم النشر هو أن تلك المقالات منشورة في مواقع الكترونية أخرى، وهو ما يتنافى مع محددات النشر، ورغم أنني كنت أرسل توضيحا للمعنيين بالأمر، إلا أنهم لا يريدون أن يستوعبوا هذا الشرط كون أن مواقع رائدة تنشر لهم مقالاتهم، أمر دفع بالبعض إلى مقاطعة حبل التواصل معي، للأسف. ثانيا، ما يعرفه المتتبعون أن إشكالية التدوين، قليلا ما يستمر المدونون على نفس الخط، وقد كان من بين التحدي أن نستمر مهما كان، وحمدت الله سبحانه وتعالى أننا لا زلنا نتواجد معكم، ومرارا كنت أصاب بالإحباط والرغبة في التفرغ إلى الدراسة والقطع مع التدوين إلى أجل غير مسمى، غير أن كلمات الأصدقاء تثنينا على التوقف، وهنا أقول ل “أعداء النجاح” من أصدقاء الدرجة الثانية الذين كانوا يحاولون استفزازي باستفسارهم مع ابتسامة خبيثة كلما التقيتهم “هل توقف نبراس الشباب أم ليس بعد؟”، أننا سنستمر ببطء إلى أن يشاء الله التوقف، تصوروا معي، يحسدونك على موقع فتي تحاول أن تكتب فيه كلما جاءتك رغبة التدوين الموسمية، والسبب أجهله لحد الآن. مجموعة من الشباب الذين بدؤوا معنا مشوار تجربة في عالم التدوين، انسحب منهم الجزء، كل وعذره، والغالبية منهم لم يفهموا بعد ماهية التدوين، وهناك من صبر معنا إلى اليوم وأنا ممتن لهم كثيرا، لأنهم آمنوا بمشروع غير ربحي بالمطلق وإنما مساحة للإبداع. قراء “نبراس الشباب”، ربما جاءت اللحظة لأقول لكم أنني لم أعد المسؤول الفعلي عن الموقع، وقد تم تفويض إدارة الموقع لفريق العمل بشكل جماعي. مرغما أقولها أنني توقفت عن التدوين إلى أجل مسمى، أتمنى ألا يتعدى الثلاثة أشهر، على أمل أن يستمر “نبراس الشباب” بنفس الوتيرة التي بدأنا بها، وأعترف أنه تنقصها الكثير من التحسينات على مستوى الكم. مرغم أن أعلق مشاركاتي لسبب وحيد هو مغادرتي لأرض الوطن للدراسة في إحدى الدول الأجنبية، ستتساءلون: أليس في هاته الدولة شبكة الاتصال؟ أجيبكم: أريد أن أتفرغ للدراسة والاستراحة من فيروس اسمه الإدمان على الانترنيت بدأت سلبياته تظهر على الجسم والعقل. أريد أن أقول بمنتهى الصراحة، أن هناك أفكارا لتطوير هذا الموقع ليصل إلى مصاف المواقع الشبابية الرائدة وأن يكون مؤثرا، وهو ليس بالصعب علينا، لكن هذه الرغبة تحتاج إلى الدعم المادي ليس لشخصي، ولكن للمتعاونين الشباب الذين يحتاجون للتحفيز المادي أكثر من المعنوي. أقدم تشكراتي الخالصة إلى أسرة تحرير الموقع، وإلى كل الذين شجعونا من البداية، من الأصدقاء والمعلقين على المقالات خاصة عبد الجليل إداكناو الذي لا أعرفه، ولكن يثلج صدري كلما وجدت له تعليقا على المقالات التي ننشرها ويتفاعل معها، وأيضا الذين قدموا لنا يد المساعدة بقليل أو كثير، من المدونين المغاربة والعرب في محطة مسابقة الأرابيسك، وفي ملتقى نبراس الشباب الأول المنظم بأكادير، وفي مقدمتهم الأستاذ عبد الهادي اطويل. في ختام هذه الكلمة، رسالتي للجميع: ماهية التدوين ليست هي الربح المادي كما يسألني الكثيرون عن مجموع ما نجنيه شهريا من الموقع بالدرهم، بل الهدف من التدوين هو الكتابة في جو ملئ بالحرية لا تقف أمامه نصيحة خبيثة من شخص ما. التدوين هو جلسة صداقة بيني وبين المدونين، أستفيد منهم وأفيد، أتعرف عليهم ويتعرفوا على خصوصياتي، التدوين تواصل وتقاليد. وهو أيضا تمرين للعقل واليد للإنتاج المعرفي بدل استهلاك تجعلك دون شعور أنك رقم ليس إلا على الدنيا، لا تسمن ولا تغني من جوع.