إيجا تحكي عن حياتها انطلقت رحلة الحكي هذه المرة من الجانب الآخر، “إيجا” تحكي عن حياتها، كيف أصبحت خادمة البيوت لدى أناس غرباء، فهي التي ولجت مدرسة الرعاة، كراعية للغنم بدل أن تلج فضاء الدراسة، بعدما طلبها “سمسار” لدى والديها لتعمل خادمة لدى رجل أعمال مقابل 300 درهم قي الشهر، وهي في ربيعها التاسع. “إيجا” تتكلم وهي الآن في الثالثة والعشرين من العمر، قضت أربعة عشر سنة في خدمة أسيادها، تقول لعبد الحليم: ” إني غريبة في هذه المدينة، أحمل المحافظ لأبناء سيدي إلى المدرسة وأهيؤ لهم الوجبات الغذائية وأنظف ملابسهم مقابل أجرة لا تتعدى1000 درهم في الشهر، يتقاضها بالكامل والدي”، وتضيف “إيجا” في حكايتها، أنها فخورة بذلك لأنها أصبحت مرتاحة بين أفراد هذه الأسرة الطيبة التي تعاملها كواحدة من جلدتهم، إلى درجة أنها قاطعت زيارة أسرتها ما يقرب عن أربع سنوات رغم البعد الجغرافي الذي لا يبعد إلا بكلمترات قليلة، كل هذا احتجاجا عن والديها وتعبيرا عن كرهها لهم عندما تخلوا عنها وهي صغيرة السن ولا زالت بحاجة لحنانهما. الآن و رغم العيش وسط هذه الأسرة، ف “إيجا” تعتبرهم أسرتها الثانية، ابتسمت في وجه عبد الحليم قائلة: “والآن وجدت عبد الحليم صديقا وأخا وأبا وحبيبا وأتمناه زوجا”، ضحك عبد الحليم من كلامها وإعجابا بها. موعد آذان المغرب يقترب، ووقت الانصراف قد حان. لم يكملا حديثهما بالكامل حتى اقترب آذان صلاة المغرب، وبعده مباشرة تنتظرهما مائدة الإفطار الأخيرة في هذا الشهر، غدا أو بعد غد سيحتفلان بعيد الفطر. غادرا الحديقة مسرورين عائدين لمنازلهما، عبد الحليم هذه المرة لم يهيئ كباقي الأيام الماضية “الحريرة” ومشتقاتها بسبب تأخره رفقة “إيجا” بالحديقة، أما هي فستجد كل لوازم الفطور ينتظرها فوق المائدة، فاليوم يوم عطلتها الأسبوعية من حقها الإستمتاع بها. فراق أول… للقاء أول قرب منزل سيدها افترقا بعدما باركا العيد لبعضهما، تمشى عبد الحليم قليلا، وإذا بالمؤذن يؤذن لصلاة المغرب، أسرع قليلا إلى أقرب مقهى وجلس ينتظر نادل المقهى ليقدم له وجبة الفطور، وجبة عبارة عن “جبانية ديال الحريرة” وكأس حليب وبعض التمرات وما يسمى “بالشباكية” وبيضة”. أفطر على إيقاع “الفلاش باك” وهو يسترجع شريط حديقة الحيوان، ويستمتع بمشاهدة بعض “السكتشات” الرمضانية التي تقدمها بعض الفضائيات. وفي الأخير أدى ثمن فطوره وانصرف إلى بيته. وصل إلى المنزل وصلى صلاة المغرب، وجلس أمام التلفاز ينتظر النشرة المسائية ما إذا كانت وزارة الأوقاف ستعلن عن الاحتفال بعيد الفطر غدا أم أن شهر رمضان قد يستكمل ثلاثين يوما، وإذا بمذيع تلفازي مقدم النشرة يبارك لمشاهديه عيد الفطر غدا، وفرح عبد الحليم بهذه المناسبة الدينية وأقفل جهاز التلفاز واتجه نحو المسجد لأداء صلاة العشاء ونسي هاتفه في المنزل. بعد عودته وجد عددا من مكالمات لم يرد عليها، واستغرب من هذا الكم الهائل من المكالمات. لحظات ورن الهاتف من جديد إذا “بإيجا” تتأسف عن عدم رده عن مكالمتها، اعتذر لها وحكى لها سبب ذلك، وفي المكالمة باركت له العيد وتمنت له سنة سعيدة وعيد مبارك بألف خير وصحة وسلامة وعافية. بالمكالمة……. موعد اللقاء غدا. فرح كثيرا بهذه المكالمة لكونها أول فتاة تبارك له العيد طيلة حياته والذي يتزامن بالمناسبة مع عيد ميلاده ال21، وبعد انتهائه من مكالمة “إيجا” خرج إلى أقرب وكالة لبيع التعبئة الهاتفية واشترى واحدة من فئة 100 درهم واتصل بوالديه ليبارك لهما ولإخوانه عيد الفطر، تحدث لهم كثيرا عبر الهاتف وادخل عليهم البهجة والسرور بمكالمته في هذا اليوم المبارك، كما فرح هو أيضا عندما سمع لكل أفراد عائلته صغيرا وكبيرا يباركون له العيد ويتمنون له حياة سعيدة ومستقبلا لامعا. ليلة ليست كالليالي. هذه الليلة لم يسهر عبد الحليم كباقي ليالي رمضان، لأنه يعلم أن غدا وبلا شك عليه أن يستيقظ باكرا، لذا توجه إلى البيت قاصدا سريره بعدما تناول وجبة العشاء بإحدى مقاهي الحي المعروفة بالمأكولات الخفيفة، ولم يستسلم للنوم حتى بعث عددا من الرسائل القصيرةsms لأصدقائه يبارك لهم العيد. فرحة العيد بنكهة الغربة. في الصباح الباكر ليوم العيد، استيقظ “عبد الحليم” ولبس ملابس الصلاة وتوجه لأداء صلاة الصبح في المسجد، عاد بعد ذلك وغير ملابس الصلاة ببذلة رياضية، وخرج ليمارس رياضة الجري، حوالي ساعة من الزمان سيعود من جديد ليستحم، غير ملابسه بأجمل ملابسه التقليدية واتصل ببعض زملائه الذين يعيشون على نفس شاكلته، بعيدا عن الأهل ليستمتعوا بفرحة العيد جميعا كغرباء في تلك المدينة. الأصدقاء يستمتعون بفرحة العيد بنكهة الغرباء. لب الزملاء دعوة صديقهم واجتمعوا بمنزله وتناولوا الفطور من جديد وغادروا البيت في اتجاه المصلى لأداء صلاة العيد، لم يكد يؤدي “عبدالحليم” الصلاة بعد، حتى رن هاتفه من جديد، ولأول مرة سيرن هاتفه في صباح العيد، واستغرب زملائه من المكالمة واستهزءوا منه قائلين له: “تلفون مع الصباح ديال العيد مالك بومبيا”، ضحك عبد الحليم من المقولة ورد عن مكالمة “إيجا”، التي باركت له العيد ورد لها بأحسن كلام وشكرها على الاتصال، وأكدت له الموعد المسائي، ووعدها بأنه سيكون في الموعد. عاد عبد الحليم من الصلاة ورفقائه يتحدثون عن كواليس رمضان وأحداثه، الكل يحكي أين قضاه ومع من وأين؟، وكيف عاشوا أحداثه في الغربة بعيدا عن الأهل. بدأ عبد الحليم يحكي قصته وكانت غريبة شيئا ما على الزملاء، في البداية لم يستوعبوا الأمر معتبرين ذلك عاصفة عابرة… وفي الحلقةالسادسة تقرؤون: “إيجا” ترد على الرسالة القصيرة بالمكالمة، لأنها أمية، لا تقرأ ولا تكتب.. للتواصل مع الكاتب: [email protected] للإطلاع على الحلقات السابقة: الحلقة الأولى: http://www.nibraschabab.com/?p=2799 الحلقة الثانية: http://www.nibraschabab.com/?p=3340 الحلقة الثالثة: http://www.nibraschabab.com/?p=3638 الحلقة الرابعة: http://www.nibraschabab.com/?p=4116