هاته السنة، عرف المغرب تساقطات هامة عمت أرجاء البلاد، فالسدود ملئت عن آخرها مما يبشر بموسم زراعي جيد يعود بالنفع على الثلاثة الدولة، الفلاح والمستهلك. لكن التوقعات لم تكن صحيحة لأن التساقطات التي شهدها بلدنا تفوق القدرة الاستيعابية لبناه التحتية، وهكذا قد واجه المواطن البسيط سواء الذي ينتمي إلى المدن العتيقة، إلى القرى أو الدواوير، إضافة إلى الكوارث الطبيعية، خسائر مادية، بشرية ومعنوية. صبيب مياه التساقطات تفوق على قدرة البنية التحتية مما أدى بالمنازل والماشية إلى الغرق. في البوادي، شهد المواطنون تصدع وانهيار منازلهم الشيء الذي أدى بهم إلى التشرد، أما الفلاحون الصغار والمتوسطون فقد عرفوا خسائر مادية هامة من الأراضي والماشية. في الضفة الأخرى، يمكن الحديث عن السلطات التي لم يكن لها دور بارز في الحد من هاته الخسائر، فهي عوض تقديم المساعدات الفعلية، قامت بتفريغ السدود والزيادة من حجم التضررات لدى الضعفاء. لقد اكتفت السلطات ببناء مخيمات عوض منازل وتقديم تعويضات لا تفوق قيمتها ثلاثة أو أربعة ملايين سنتيم لضحايا الأنقاض والفلاحين. حتى المدن الكبيرة لم تسلم من الفيضانات، ليس فقط فيضانات التساقطات، وإنما كذلك فيضانات مياه الصرف الصحي. من أجل فك لغز هذه المشاكل، يجب طرح السؤال على السلطات حول دور المسؤولين المكلفين بحماية المواطن، دور الشركات المفوضة لتوزيع الماء والصرف الصحي التي تأتي إلى بلدنا لمليء جيوبها بأموالنا وبعد ذلك العودة إلى بلدها الأم وكذا دور المهندسين المعماريين المسؤولين عن جودة البناء. في ظل كل هذه المعاناة ومع غلاء الأسعار خاصة أسعار الخضر حيث تصدر الجيدة منها من قبل المزارعين المستثمرين الذين يستفيدون من المساعدات إلى الدول الأوروبية والذين لا تمر منتجاتهم عبر الأسواق وإنما يتعاملون بشكل مباشر مع زبائنهم في الوقت الذي يعرف فيه بلدنا كومة من المشاكل. من هذا المنطلق يتحتم على السلطات إلقاء نظرة معمقة على جل العراقيل التي تعيق تقدم بلدنا وكذا النهوض بوضعية المواطن المغربي خاصة البسيط ومحاولة إيجاد حلول جذرية.