كما هو معروف عنه بتواضعه أمام جمهوره ومحبيه، استقبلنا فنان الأغنية الأمازيغية الشاب “سعيد أوتجاجت” بإحدى المقاهي الشعبية بحي “الدراركة” بمدينة تيكوين أكادير رفقة عدد من الفنانين الآخرين، شاب بابتسامة عريضة وفرحة كبيرة، فتح لنا قلبه حول مائدة الحوار ولقرائنا ولجمهوره أيضا. “سعيد أو تجاجت”، فنان أمازيغي بما تحمله الكلمة من معنى، فنان يحترمه الجمهور كثيرا لأنه يحترم الجمهور ومتواضع أمام محبيه، فنان شاب وضع كامل ثقته في نفسه عازما للوصول إلى متمنياته ودعم نفسه بنفسه دون الاستنجاد بالآخرين، فنان شاب أهدى الكثير للأغنية الأمازيغية و لازال في درب الفن يتنور جمهوره بين الحين والآخر بالجديد، فنان شاب سيدونه التاريخ الأمازيغي وسيشهد له بأنه قادر على حمل مشعل الفن الغنائي الأمازيغي إلى أن يرث الله الأرض والفن معها. فنان أمازيغي، في حياته قصص وحكايات يرويها ماضيه وحاضره، وأنه يؤمن بأن النجومية سلم صعد منه تدريجيا إلى أن بلغ القمة، وحياته كلها إشارات وألغاز يصعب حلها إلا إذا أهداك مفاتيح قلبه. ولمن أراد أن يكتشف كيف تسلق الفنان الشاب “سعيد أوتجاجت” سلم الأغنية الأمازيغية وعالم الإنتاج وكيف درس الفن، فما عليه إلا أن يطلع على هذا الحوار الفني الذي سنقدمه لكم في ثلاثة حلقات، وإليكم الجزء الأول منه: حاوره: سعيد الكرتاح –نبراس الشباب في البداية مرحبا بك عبر صفحات “نبراس الشباب” كأول فنان شاب من الأغنية الأمازيعية نفتح له صدر صفحاتنا ونود منك أن تفتح لنا قلبك لتكون لديك الشجاعة كما من قبل للإجابة على كل أسئلتنا كلها بما فيها أسئلة فنية وشخصية وأسئلة فضولية أحيانا. بلاشك لدي الشجاعة، وأكيد أني سأجيب على جميع تساؤلاتكم، لكن قبل ذلك أشكر موقعكم الشبابي على هذه المبادرة الطيبة والدعوة الكريمة وأشكر الفنان الأمازيغي والمغربي بصفة عامة وأشكر جمهور ومحبي “سعيد أوتجاجت” الذين دائما يبحثون ويسألون عن الجديد، فدعوتكم أدخلت السرور في قلبي لأن هذا يزيد من شرف الفنان الأمازيغي خاصة الشباب المبتدئين ويشجعهم على مواصلة الطريق. سعيد أوتجاجت شاب لم يتجاوز عقده الثالث بعد، هل من ورقة تعريفية أكثر للقراء؟ “سعيد أوتجاجت” لقب فني، إسمي الكامل “سعيد المبارك” المزداد سنة 1980 ميلادية بدوار “إدهموا” قبيلة تجاجت ب”إمجاط” قيادة تغيرت إقليمتزنيت، ابن الفنان الذي أخرج وأنشأ الفن في السبعينيات وصاحب أعمال فنية في الأسواق منذ الثمانينات والمسمى بالفنان “عبدالله أوتجاجت”. “سعيد أوتجاجت” يتوفر الآن على 28 ألبوم بالصوت و6 ألبومات بالصوت والصورة، متزوج و أب ل 3 اطفال، أسكن حاليا في أكادير. أوتجاجت نسبا ل”تجاجت” قبيلة بإقليمتزنيت، كيف ولماذا اخترت هذا الاسم؟ اخترت هذا الإسم لأسباب متعددة، أولها أن أبي معروف لدى الجميع ب”عبد الله أوتجاجت”، كما أن هذا الإسم أنفرد به في السوق الفني، إذ أنا الوحيد الذي يحمل هذا الإسم دون غيري، أيضا افتخارا واعتزازا بهذه القبيلة التي أنتمي إليها وسأحمل إسمها إلى أن يرث الله روحي، إلا أن هذا أضافني شرفا كبيرا ولمنطقتي المنسية، بحكم أن المنطقة غير معروفة من قبل حتى جاء “سعيد أوتجاجت” ليعلنها إسما فنيا، واعتبرت قبيلتي كوالدي، وهذا تعلمته من الفنانين السابقين الذين ينسبون أسماءهم الفنية لقراهم “كالدمسيري محمد” و”سعيد أشتوك” وآخرون. كيف تسلقت سلم الأغنية الأمازيغية وسنك لا يتعدى ال 15 سنة؟ أشير دائما أن السبب يعود للهواية والأصل، فأنا ابن فنان كما سبق وقلت، فكلما أدخل وأخرج من وإلى المنزل أجد آلات موسيقية في بيتنا، فكيف لا تكون لديك الرغبة لاستعمال تلك الآلات ولو خوفا من أن يفضح أمرك، ومن هناك ينبثق الفنان وتنبثق الهواية. في ال12 من العمر بدأت أتعلم آلة “لوطار” وكنت أحببت الفنانين وأستمع إليهم كثيرا، وبعد سنة قمت بإنشاء عمل فني دون أي مساعدة من أي شخص، رغم أن المواضيع شيئا ما لم أرض على مستوى أدائها الضعيف، إلا أن ذاك السن أعطاني رغبة في الاستمرار والتواصل، وكان لي أول شريط آنذاك وبدأت أتسلق سلم الفن تدريجيا حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن. أنتجت أول ألبومك يعني في السن ال 13 من العمر، من ساعدك على إنتاجه؟ صراحة لا أحد ساعدني على ذلك، خروج ألبومي للسوق الفني وعمري ثلاثة عشر سنة كان مفاجأة سارة، ومن الصورة التي وضعت فوق الألبوم تظهر أن الفنان صغير السن، وما سرني من ذلك أن العمل كله من كلماتي وألحاني، هناك نقص في الأداء شيئا ما، إلا أن السن الذي أنتجت فيه الألبوم يبدوا أنني حققت شيئا مهما للفن الأمازيغي، عنوان الألبوم “احبيب ناغ أتاسا، ملاد إسات نزرا أوركيتنغ إغاما”، والألبوم بأكمله سهرت عليه في البيت من أجل إنجازه وإخراجه لحيز الوجود، والفضل يعود لأبي الحنون الذي قدمني لشركة إنتاج “صوت المعارف” ووقف بجانبي معنويا حتى أنتجت هذا العمل الفني. نشر بموقع إلكتروني أن “تجربة سعيد اوتجاجت، كغيرها من التجارب العامة، وهذا العامل يرتبط جوهريا بكونه قد عاش تجربة أسرية لم تكن سهلة، بل قاسية عاطفيا، تمثلت في معاناة الطفل من طلاق أبويه، وهنا يكفي أن نتصور الكم الكبير من المعاناة، والصبر القوي الذي يستلزمه الموقف”، هل هذا صحيح أنك عانيت في الطفولة؟ وهل نعتبر هذا من الأسباب التي دفعتك إلى ولوج المجال الفني؟ أولا كاتب هذه السطور زف خبرا لم يتأكد من صحته، فكما سبق وأن قلت أن من دفع بي لولوج هذا الميدان هي الهواية، في البداية والدي وقف بيني وبين الفن حاجزا منعا إلى درجة أنه أرسلني لمدينة العرائش للعمل هناك بعيدا عن آلة “لوطار”، إلا أن الهواية والموهبة جعلتني ألتحق بهذه السفينة تحديا للكل ورغبة في الفن. “أوتجاجت” والتحاقه بالفن لا علاقة له بالمعاناة ولا طلاق الوالدين، بل إنني التحقت بمهنة الفن سنة 1993 في الوقت الذي لازلت أقيم في قبيلتي “تجاجت” رفقة عائلتي دون أية مشاكل ولله الحمد، وما وقع لعائلتي من مشاكل - أعتقد أنها من سنة الحياة – لا علاقة لها ب “سعيد أوتجاجت”، فما كان، وقع بعدما تحملت مسؤولية نفسي وهذا تعلمته من تجارب الحياة، تعلمت أن أعتمد على نفسي، وأنا الآن من يساعد والدي وأسرتي، والحمد لله تزوجت لأجل جمع شمل أسرتي، لأن الحقيقة عندما يفترق الوالدين يشعر الإنسان بضعف في الإحساس والشعور العاطفي، أنا الآن أعيش رفقة أسرتي دون مشاكل، بل في تمام السعادة وأصبح منزلي بمدينة أكادير ملتقى لكل العائلة والأحباب. أما طلاق الوالدين، فلم يكن بسبب إحترافي للفن، وإنما الواقعة جاءت بعدما قضيت في المهنة عشر سنوات ووصلت سفينتي إلى الضفة الأخرى من الحياة وتجاوزت كل الصعوبات، أي أن “أبغض الحلال” كان سنة 2002 وسني آنذاك تجاوز العشرين. لكن من هذا المنبر أريد أن أترك تعقيبا لكاتب تلك السطور، وأقول له أن الطلاق حلال وليس عيبا أو حرام، وإذا لم يتفق الزوجان فمن الأفضل أن يفترقا، لأن العيش في المشاكل يسبب حالة نفسية للأبناء أولا وللعائلة أيضا، وأنا لم يسبق لي أن استنجدت بأحد بمن فيهم كاتب تلك الجمل، وأنصح مثل هؤلاء الأشخاص أن لا يكتبوا شيئا حتى يتأكدوا من صحته، والكل سيمر في تجارب الحياة، ونحن في الدنيا لا نعلم ما يحوم حولنا من أفراح وأحزان. للتواصل مع المحاور: [email protected] في الجزء الثاني: لا أرى من الفنانين الحاليين من يستحق أن يكون مكان”الدمسيري” وهو الذي اعترف بماضيه في جل ألبوماته.