في سياق تطورات ملف المتابعة القضائية للمسؤولين المعفيين من مهامهم بالحسيمة والمحالين من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على أنظار استئنافية الحسيمة، وبعدما متع ثلاثة موقوفين - وهم مسؤول الشؤون العامة بولاية تازةالحسيمة تاونات ومدير المركز الجهوي للاستثمار وموظف آخر بالجمارك - من أصل 39 موقوفا، بالسراح المؤقت مع المنع من مغادرة التراب الوطني، قررت المحكمة التراجع عن القرار بعد استئنافه من طرف النيابة العامة لتتم متابعة الجميع في حالة اعتقال، للتحقيق معهم في المنسوب إليهم من تهم توزعت ما بين الإخلال بالقيام بالواجب المهني، الغدر والرشوة، ابتزاز المواطنين واستغلال النفوذ، والشطط في استعمال السلطة، كل وفق المنسوب إليه، فيما عرضت ملفات الدركيين الثلاثة عشر على أنظار المحكمة العسكرية بالرباط، التي قررت متابعة ثمانية منهم في حالة سراح، فيما وضع خمسة دركيين رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن سلا المحلي في انتظار بداية التحقيق التفصيلي. وعن تداعيات الملف، اعتبر عمر لمعلم، رئيس جمعية ذاكرة الريف والمنسق المحلي للجنة متابعة مشروع السواني، في تصريح خص به الجريدة أنه باعتباره مواطنا مناهضا للرشوة واستغلال النفوذ، ومن المطالبين بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وضد المحسوبية والسياسوية في التعيينات، فإنه «من حيث المبدأ أتفق مع توقيف كل المفسدين ومتابعة كل المرتشين ومنعدمي الضمير غير المكترثين بمصالح المواطنين، لكن كل ذلك يجب أن يتم باسم القانون، وبعد الاستماع إلى المعنيين وتفعيل القضاء عبر المساطر المنظمة لذلك». ويضيف أن «الإعفاءات الأخيرة قد تكون مست من يستحق ذلك، لكنها لم تفعل المساطر، وأنا أتساءل ما هو دور الوزراء وكتاب الوزارات والمسؤولين المباشرين عن الذين تم إعفاؤهم»، قبل أن يتساءل «لماذا لم يبادر هؤلاء إلى اتخاذ التدابير الضرورية في الوقت المناسب؟ ألم يكن هؤلاء يعلمون بما يقوم به مرؤوسيهم؟ كما أن هذه التدابير مست البعض فقط ولم تشمل آخرين، والمحاسبة يجب أن تكون شاملة وأن لا تراعي فلانا ولا علانا. وفي نظري هناك الكثير من المسؤولين يجب مساءلتهم وفتح تحقيق معهم بشأن العديد من الملفات، ومثلا أنا اقترح ضرورة فتح ملف حول الخروقات التي عرفها ملف مشروع السواني، منذ الشروع في تنفيذه إلى اليوم، وبالتالي مساءلة المسؤولين المباشرين عن هذا الملف (الوالي السابق، مندوب السياحة، مندوب المياه والغابات، إدارة الشركة العامة العقارية، باشا بلدية أجدير، بلدية أجدير وجماعة أيت يوسف أوعلي...)، وهناك ملفات بعض الصفقات وملفات فواتير الماء والكهرباء والهاتف التي يجب أن تفتح كذلك، إضافة إلى تعامل الشرطة والسلطة والإدارة عموما مع الناس» قبل أن يختم عمر لمعلم تصريحه بالتأكيد على كون «بناء المغرب الحديث الديمقراطي يتطلب تطوير الترسانة القانونية وتفعيلها ويتطلب احترام المساطر ومحاسبة ومعاقبة كل المتورطين كيفما كان انتماؤهم السياسي والعائلي». وفيما اعتبر نجيم العبدوني، رئيس فرع الحسيمة وعضو اللجنة الإدارية للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، أن الإعفاءات كانت منتظرة كانعكاس طبيعي لهموم وتظلمات المواطنين، معتبرا أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح متمحور حول المصالح الأخرى التي لم تشملها الإعفاءات «هل لا توجد بها اختلالات؟»، قبل أن يضيف أن الهيئة التي يمثلها تطالب بفتح تحقيق في الصفقات العمومية التي عرفتها المنطقة مؤخرا، وعن مدى تناسب الأشغال مع المبالغ المرصودة لها، معتبرا من وجهة نظره أن الأشغال المنجزة تتنافى والتكلفة التي أنجزت بها، مما يطرح أكثر من علامة استفهام، مستشهدا بساحة محمد السادس التي كلفت أزيد من 40 مليون درهم، وهو ما اعتبره تبذيرا وسوء استعمال للأموال العمومية، مما جعل الهيئة تطالب بافتحاص هذه الصفقة وغيرها من الصفقات المماثلة ككورنيش صبديا والأكشاك المنجزة على طولها، ومشروع حماية وادي أبولاي، الذي أكد العبدوني أن قيمة تكلفته غير واضحة لحد الآن في ظل تضارب المعطيات، حيث «إن اللوحة التقنية للمشروع تشير إلى مبلغ 4.35 ملايين درهم، فيما قدم المشروع في اجتماع رسمي في مقر الولاية ترأسه الوالي السابق على أساس أن تكلفته الإجمالية محددة في 10 ملايين درهم»، بالإضافة إلى مشروع تهيئة منطقة كارابونيطا الذي بدأت فيه الأشغال بتكلفة إجمالية تقدر بمليار و800 مليون سنتيم ، قبل أن يثير العبدوني شكوك الهيئة حول «تزفيت» تجزئة خاصة بمحاذاة الإعدادية أنوال بأموال عمومية في إطار استغلال النفوذ مؤكدا أن الهيئة سبق أن تساءلت عن الجهة التي «زفتت» على حسابها التجزئة، وإن على نفقة المجلس البلدي أم الولاية أم المنعش العقاري دون أن تتلقى أي جواب في الموضوع، مما يطرح أكثر من سؤال ويتطلب فتح تحقيق في النازلة. كما أثار العبدوني ظاهرة الرخص الأحادية والخروقات التي شابت التعمير بالمدينة، قبل أن يورد بعض الملفات التي سبق أن اشتغلت عليها الهيئة كرخصة رقم 337 في شارع وهران التي أعطيت فيها الرخصة للبناء فوق قناة مائية، ورخصة البناء في موقع «مطاديرو» باعتباره ملكا بحريا، مختتما تصريحه، الذي خص ب«المساء» بضرورة محاسبة كل المتواطئين والمتورطين في نهب المال العام بمختلف رتبهم ووظائفهم تأكيد لمبدأ سيادة القانون على الجميع.