بحسب بلاغ وزارة الداخلية المغربية فان تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أفضت إلى إدانة شكيب الخياري بناء على إدلائه بتصريحات صحفية كاذبة قال فيها أن "هناك أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات، والذين تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة بمؤسسات الدولة"، ليتابع على ضوء ذلك بتهمة ما اسماه البلاغ " تشويه صورة السلطات العمومية والقضائية الوطنية بعد المجهودات التي قامت بها من أجل محاربة تهريب المخدرات انطلاقا من السواحل الشمالية للمملكة بإقليمالناظور ". وأضاف البلاغ ان النيابة العامة بالدار البيضاء أمرت بوضع الناشط الحقوقي شكيب الخياري، رئيس (جمعية الريف لحقوق الإنسان)، تحت الحراسة النظرية، ابتداء من أول أمس الأربعاء، بعد إدلائه بتصريحات صحفية كاذبة قال فيها أن "هناك أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات، والذين تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة بمؤسسات الدولة". ، وجاء اعتقاله على خلفية البحث معه حول تصريحاته على هويات هؤلاء الأشخاص المتحدث عنهم، حسب ذات البلاغ. ما المقصود ب " تشويه صورة السلطات العمومية والقضائية الوطنية..": الواقع ان مضمون التهمة الموجهة لشكيب الخياري تسمح باستنتاج العديد من الإجابات الأولية، كما أنها تطرح في ذات الوقت العديد من الالتباسات بدءا من عموميتها وانتهاء بتأويل انتقائي يبدو انه فسر لصالح إدانة رئيس جمعية الريف لحقوق الانسان. لاشك ان سيناريو السلطات الأمنية المعنية كان يستهدف تحقيق هدفيين أساسيين في نفس الوقت، من جهة اعمال المسطرة القانونية العادية عبر توجيه استدعاء رسمي لشكيب الخياري وانتقاله شخصيا لزيارة مقر الفرقة الوطنية بالدارالبيضاء، لكن فيما بعد مفاجئته باصطحابه إلى منزل الأسرة لحجز جهاز حاسوبه وكل الوثائق التي قد تفيد في إدانته، وهنا يبدو ان المحققين إنما رغبوا الحصول على حجج مادية عبارة عن مراسلات او وثائق... لاعتمادها لاحقا في محاصرة شكيب الخياري أثناء استنطاقه. تعتقد كثير من الدوائر الرسمية المغربية ان تصريحات شكيب الخياري قد تكون تخدم جهات أجنبية خاصة الاسبانية، وتبرير ذلك أن الإعلام الاسباني وجهات رسمية اسبانية تروج عادة وخصوصا بعد العمليات التي تقوم بها الدولة المغربية ضد مروجي المخدرات وشركائهم لخطابات تقلل من مصداقيتها وجدواها الحقيقي، وهذا ما اكتشفه وزير الداخلية المغربي نفسه في الندوة الصحفية التي نظمها على هامش زيارته مؤخرا لاسبانيا، كما ان نفس الجهات الاسبانية عادة ما تحيل على تصريحات شكيب الخياري باعتباره رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان. ونتيجة لهدا السيل من الانتقادات بادرت وزارة الداخلية المغربية إلى إصدار بلاغ أهم ما جاء فيه أن "الوسائل التكنولوجية التي وضعتها السلطات الإسبانية لمراقبة السواحل بين البلدين تستطيع توفير معلومات محددة عن أماكن نقل المخدرات، بما فيها الطرق البحرية التي يستعملها المهربون ونقط تفريغ هذه السلع الممنوعة"، ومفاد هذا الكلام بأن إسبانيا لا تحرك ساكنا تجاه خطر تهريب المخدرات. وفق هذا التحليل إما أن يكون شكيب الخياري عميلا للمخابرات الاسبانية وإما ان تصريحاته مجرد تعبير عن قناعات شخصية غير مرتبطة بتوجيه طرف خارجي، وحتى في حال صحة هذا الافتراض فهي مع ذلك تصريحات تخدم بطريقة او بأخرى نفس الطرف الخارجي، وفي كلا الحالتين فان الدوائر الرسمية المغربية كانت تسعى من اعتقال شكيب الخياري وحجز جهاز حاسوبه ووثائقه فك لغز تصريحاته وسر اندفاعه الشديد لتوجيه الانتقاد المستمر لعمليات محاربة المخدرات التي تقوم بها أجهزة الدولة المغربية. مقال في موقع Irifien.Com بعنوان : " شكيب الخياري يتهم الدولة بالكذب، ويطالب باعتقال محمد ابرشان": الواقع ان التهمة التي وجهت لشكيب الخياري لا تسعف مطلقا في القول بوصول المحققين إلى إثبات علاقته المباشرة بخدمة توجيهات المخابرات الاسبانية، كما ان ورود التهمة بصيغتها الفضفاضة يمكن قرائته في سياق كونه نتيجة لتأويل لتصريحات بعينها منها تصريحه مؤخرا لإذاعة هولندا الدولية، والتي جاء فيها قوله : " ان تقديم المدعو (م. ل.) كأحد أباطرة المخدرات في الشمال "كذبة لا يمكن تصديقها". وأن "أباطرة المخدرات يحكمون على الإقليم ويحكمون حتى في مصير الدولة بأسرها من خلال قبة البرلمان، وهم متواجدون في أحزاب وطنية كبيرة مشاركة في الحكومة". وكان مقال تحت عنوان " شكيب الخياري يتهم الدولة بالكذب، ويطالب باعتقال محمد ابرشان" نشر بموقع irifien.com قد توقف عند مدلول التصريحات الأخيرة لشكيب الخياري، وخصوصا ربطه مصداقية حملة محاربة المخدرات باعتقال الدولة من اسماه " امبراطور اعزانن" ويقصد البرلماني محمد ابرشان وهذا البرلماني حسبه معروف بتورطه في تجارة المخدرات على الصعيد الدولي وبالإضافة إلى ذلك فهو صاحب نفوذ واسع في جماعة اعزانن التي يرأس مجلسها القروي ابنه عماد ابرشان، وهذا النفوذ جعل من محمد ابرشان "الآمر الناهي لدرجة أنه لا يتوانى في أن يقول أمام الملأ: إذا كان محمد السادس يحكم في الرباط فأنا من يحكم هنا" يضيف شكيب الخياري. وورد في نفس المقال قول الخياري أن الحملة الأخيرة لم تأت أكلها و "عمليات التهريب من خلا ل سواحل الناظور ما تزال مستمرة وفي واضحة النهار بتواطؤ من عناصر أجهزة إنقاذ القوانين التي تتلقى رشاوى عن كل عملية خروج زورق نحو أسبانيا"، ونفس هذا التصريح كان صرح به الخياري في حلقة خاصة حول زراعة القنب الهندي في برنامج مباشرة معكم الذي بثته القناة الثانية مؤخرا، وهي تصريحات استدل عليها لاحقا بتصوير قوارب لنقل المخدرات كانت راسية باحد الشواطئ بجماعة بني شيكر، وكذلك كان الأمر بإرشاده لصحفيي قناة M6 ، القناة التي أنجزت روبورطاجا مثيرا حول تهريب المخدرات انطلاقا من سواحل إقليمالناظور، وكان واضحا من هذه التحركات أن شكيب الخياري إنما أراد كشف مصداقية تصريحاته السابقة وبالمقابل وضع مصداقية الدولة المغربية محل شك فيما يتعلق بجديتها في محاربة المخدرات. ما هو القانون الواجب التطبيق في التهمة الموجهة لشكيب الخياري : بحسب بلاغ وزارة الداخلية فان تصريحات لشكيب الخياري قال فيها أن "هناك أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات، والذين تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة بمؤسسات الدولة"، هي تصريحات كاذبة، وهو ما أفضى إلى متابعته على ضوء ذلك بتهمة ما اسماه البلاغ " تشويه صورة السلطات العمومية والقضائية الوطنية بعد المجهودات التي قامت بها من أجل محاربة تهريب المخدرات انطلاقا من السواحل الشمالية للمملكة بإقليمالناظور ". ومما يمكن ملاحظته ان شكيب الخياري كان قد قال ان "أباطرة المخدرات يحكمون على الإقليم ويحكمون حتى في مصير الدولة بأسرها من خلال قبة البرلمان، وهم متواجدون في أحزاب وطنية كبيرة مشاركة في الحكومة"، بينما ورد في بلاغ وزارة الداخلية عبارة أكثر عمومية وهي "هناك أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات، والذين تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة بمؤسسات الدولة"، والاختلاف يظهر أكثر إذا علمنا أن شكيب الخياري في نفس تصريحه كان قد استدل على ذلك بذكره لمن اسماه " إمبراطور اعزانن"، والذي ليس سوى البرلماني محمد ابرشان، وهو المقصود بقوله : "أباطرة المخدرات يحكمون على الإقليم ويحكمون حتى في مصير الدولة بأسرها من خلال قبة البرلمان..."، وهذا البرلماني هو عضو بحزب الاتحاد الاشتراكي، احد الأحزاب الرئيسية في الحكومة الحالية، وهو المفهوم من عبارة "...وهم متواجدون في أحزاب وطنية كبيرة مشاركة في الحكومة". إذن ما الذي يجعل من كون التهمة وردت في بلاغ وزارة الداخلية في صيغة عامة، وعلى سبيل الجمع " ... السلطات العمومية والقضائية الوطنية ..."، رغم ان تصريحات شكيب الخياري كانت مركزة في تحديد الشخص المعني. التهمة الموجهة الى شكيب الخياري تثير بشكل أعمق إشكالا قانونيا يتمثل في القانون الواجب التطبيق في مثل هذه الحالة، خصوصا وان بناء مضمون التهمة استند الى ما سمي " تصريحات صحفية كاذبة"، فهل سيذهب الاجتهاد القضائي وفق ذلك إلى تطبيق بنود قانون الصحافة على شكيب الخياري، وهو قانون يزخر كما هو معلوم بعتاد وافر من وسائل التقييد مثل أحكام السجن على الإساءات من خلال التعبير والتي حددها القانون بشكل فضفاص مثل "المسّ" بالنظام الملكي أو بالإسلام أو "بوحدة البلاد"، أو "إهانة" الملك أو زعماء أو دبلوماسيي الدول الأخرى، فوفق المادة 42 فان القانون يجرم" .... نشر أو إذاعة أو نقل نبإ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس"، كما ان المعروف أن جريمة المعلومات الكاذبة عقوبتها السجن لمدة تتراوح بين شهر و12 شهرا وغرامة تتراوح بين 1200 درهم و100 ألف درهم، غير ان قانون الصحافة ينص على ضرورة توافر شرطين للإدانة بتهمة نشر معلومات كاذبة بموجب المادة 42: أولا، يجب أن يكون الخبر الكاذب قد نشر "بسوء نية"؛ ثانيا، أن يكون النشر قد "أخل بالنظام العام"، كما و قد يذهب القضاة بمقتضى نفس المادة إلى حد الحكم بسجن الصحفيين بسبب تشويه سمعة الآخرين أو نشر أنباء كاذبة "تخل بالنظام العام". هل سيتابع شكيب الخياري وفق قانون الصحافة ام بمواد اخرى في القانون الجنائي، الجواب قد يجيب عنه قريبا السيد جمال سرحان قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء.