قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة، في تقريره السنوي المرفوع للملك والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6928 بتاريخ 22 أكتوبر 2020، عددا من المقترحات التي تروم دعم ممتهني التهريب المعيشي عبر البوابتين الحدوديتين سبتة ومليلية، وذلك في إطار استكشاف بعض مسالك العمل التي تجمع بين احترام الحقوق المقاربة التنموية للمناطق الحدودية. واعتبر المجلس، توصياته المرفوعة للملك بمثابة بناء رؤية يقترحها على السلطات العمومية تروم دعم ممتهني التهريب المعيشي، ولاسيما النساء منهم، في اتجاه مزاولة أنشطة منظمة، ومن أجل تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق المعنية أكثر. وتمر هذه الرؤية بالضرورة عبر اعتماد إستراتيجية تروم إعادة تحويل بيئة التهريب المعيشي إلى أنشطة منظمة، وعبر إيجاد حلول مناسبة كفيلة بتقديم بدائل مستدامة للساكنة المحلية في المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية. وفي هذا الصدد، أوصى المجلس باعتماد ثلاث مجموعات من التوصيات، ذات الصلة بالمشاكل الناجمة عن إغلاق المعبرين الحدوديين. المجموعة الأولى من هذه التوصيات ذات طبيعة عرضانية تتعلق بنمط الحكامة. ذلك أن هذه الأخيرة تعتبر شرطا لازما لنجاح أي إستراتيجية في هذه المناطق لاستعادة الثقة. وترتبط المجموعة الثانية بالتدابير على المدى القصير حيث تهدف إلى خلق فرص للأشخاص الذي فقدوا عملهم، سواء كتجار أو كممتهنين للتهريب المعيشي، بعد إغلاق نقاط العبور، أما المجموعة الثالثة من التدابير فترتبط بالمدى المتوسط- الطويل، وتسعى إلى النهوض بالتنمية في هذه المناطق، من خلال اقتراح مسالك إستراتيجية تهدف إلى الحد من الفوارق على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الجار الاسباني، وتوفر الشروط اللازمة لتحسين جاذبية هذه المنطقة. وينبغي على مستوى الحكامة، وفقا لمقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تندرج عملية تنمية المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية في إطار استراتيجية مندمجة تحل محل العمل المعزول، ومحل الطابع المشتت للعمليات التي تم تنفيذها حتى الآن. كما ينبغي أن تحدد هذه الاستراتيجية آجال التنفيذ، والعمليات المبرمجة ذات الاولوية لتلبية الحاجيات التي عبرت عنها ساكنة المناطق المعنية، وكذا الأهداف المزمع بلوغها، والمؤشرات التفصيلية لتتبعها. وسيتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية حسب المجلس، تشكيل هيئة قيادة مكلفة بمسؤولية الاضطلاع بدور "وحدة التنفيذ" لضمان تحقيق الأهداف المسطرة في المواعيد النهائية المعلنة. على أن تتجنب هذه الحكامة الجديدة الأسباب والممارسات لتجاوز خلق أي خيبة أمل أو إحباط في صفوف ساكنة المناطق المستهدفة، الأمر الذي يفضي إلى تأخير تحقيق أهداف الاستراتيجية. وقال المجلس إنه ينبغي تنفيذ هذه الأخيرة في إطار التشاور والتشارك والتواصل الشفاف. علاوة على ذلك، أوضح المجلس، أن دور المجتمع المدني أساسي في عملية إعداد هذه الاستراتيجية وتنفيذها وتتبعها وتقييمها. كما تتجلى أهمية دوره في تحسيس ومواكبة الأشخاص الذي فقدوا عملهم، من أجل تحديد مؤهلاتهم قصد إدماجهم في الدينامية التنموية الجديد، بما في ذلك تأطير الساكنة المعنية في عملية التشاور والتنسيق مع السلطات العمومية. وعلى المدى القصير، فقد أوصى المجلس بإعداد حلول بحسب الفئات السوسيو –مهنية للمناطق المعنية، مؤكدا أن كبار التجار الذين تمكنوا من مراكمة الأرباح في السنوات الأخيرة عن طريق التهريب، لا يواجهون بالتالي مشاكل على صعيد الرأسمال، فإن مشاريع من قبيل مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية، التي أطلقتها السلطات العمومية مؤخرا في منطقة المضيقالفنيدق، ستكون جد ملائمة. وفضلا عن التحفيزات الضريبية التي يمكن أن توفرها هذه المنطقة إذا ما تم تخويلها صفة المنطقة الاقتصادية الحرة، فسيستفيد أصحاب الأنشطة التجارية من إيجار تفضيلي لمستودعاتهم. وعلاوة على ذلك فهناك نوع آخر من التدابير يتجلى في توفير المواكبة لفائدة أصحاب الرأسمال، الذي لم يعودوا يرغبون في مزاولة هذه التجارة، في مجال الاستشارة والتوجيه على مستوى فرص الاستثمار في المناطق، تماشيا مع الفرص المحددة في برامج التنمية الجهوية، ويمكن للمراكز الجهوية للاستثمار أن تضطلع بهذا الدور بتعاون مع الجهات والوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والقطاع البنكي.