اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في التقرير، الذي رفعه، أخيرا، إلى الملك محمد السادس، أن قرار السلطات إغلاق معبري مدينتي سبتة، ومليلية المحتلتين، بشكل نهائي، في مارس الماضي، "لا يعالج أسباب انتشار تجارة التهريب المعيشي شمال البلاد". وأكد المجلس أن القرار يؤشر على حصول "تحول حقيقي في السياسة، التي اعتاد المغرب على نهجها عدة عقود"، مبرزا أن هذه السياسة كانت تقوم، في أحسن الأحوال، على تنظيم "تدفق ممتهني التهريب المعيشي، وعلى التخفيف إلى حد ما من قساوة ظروف عملهم، أو إيجاد حلول مخففة في محاولة لتحديد مجالات التسويق في المدن الحدودية". وأضاف التقرير نفسه أن الإبقاء على الوضعية الغامضة لأنشطة التهريب في المنطقتين الحدوديتين كان ل"اعتبارات اجتماعية، تفاديا لأي توتر اجتماعي، يمكن أن ينجم عن المنع الصارم لعبور البضائع، الذي يشكل مصدر دخل وحيد للعديد من الأسر في هاتين المنطقتين". وذهب المجلس إلى أن التحول المذكور ينطوي على تحديات، وصفها ب"الكبيرة"، إذ إن التداعيات متعددة، وتمتد إلى المجالات "الاقتصادية، والاجتماعية البشرية، والسياسية، والأمنية، وغيرها". وشدد المجلس نفسه على أن السؤال المطروح، اليوم، "لم يعد هو ما إذا كان يجب على المغرب إغلاق المعابر التجارية، أم لا، بل بالأحرى كيف يمكن تطوير المناطق الحدودية المعنية في بلادنا، وتوفير مصدر دخل بديل ومستدام للساكنة المحلية". وأوضح التقرير ذاته أن قرار الإغلاق لا ينصب على "معالجة الأسباب العميقة، التي سمحت بانتشار تجارة التهريب"، لافتا الانتباه إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لانتشار التهريب المعيشي في شمال البلاد، هو "القصور الحاصل على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي راكمته المناطق المحيطة بالمدينتين منذ عقود". ودعا التقرير إلى "منح تحفيزات ضريبية، وتمويلية، وتبسيط الإجراءات الإدارية أمام الشركات الوطنية، تشجيعاً لها على التوسع في المناطق المحاذية لسبتة، ومليلية المحتلتين"، وذلك من أجل إيجاد حلول دائمة، ومستدامة للمعضلة، التي كبدت الاقتصاد المغربي خسائر كبيرة على امتداد سنوات طويلة من النشاط.