حملت مباراة المنتخب الوطني المغربي، ضد نضيره الجزائري برسم منافسات المشوار الإقصائي للمونديال الإفريقي 2012، بين طياتها حمولة سياسية إلى جانب طبعا النزال الرياضي المحدد زمنيا في مباراة على البساط الأخضر لساعة ونصف من التباري، غير أن الديربي المغاربي بين البلدين اللذان تجمعهما عدة قواسم مشتركة، يكون دائما ذات صبغة خاصة ويجرى تحت اعتبارات لابد وأن يختلط فيها الرياضي بالسياسي كما هو الشأن للمباراة التي جرت أطوارها بالمركب الرياضي الجديد بمراكش، مساء السبت الماضي 04 يونيو الجاري، وآلت نتيجتها للمنتخب المغربي بحصة عريضة متمثلة في رباعية نظيفة خلفت ورائها حديث ذو شجون في الوسطين الرياضي والسياسي الجزائري وفرحة لاتوصف في الوسطين ذاتهما بالمغرب وفي قراءة متأنية للمباراة يتضح جليا البعد السياسي الذي طغى على أجواء لقاء الجارين جغرافيا ورياضيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا.. والمتباعدين سياسيا، وهو ما تؤكده كرونولوجيا اللقاء بين مرحلة الذهاب بالجزائر والإياب بمراكش، حيث أولت السلطات والجماهير المغربية أهمية بالغة للمباراة وتم طيلة الأسبوع الذي سبق النزال الكروي، اتخاذ كافة الترتيبات قصد تخصيص استقبال رائع للجمهور وبعثة المنتخب الجزائري طيلة المقام بالمدينة الحمراء، إضافة إلى تنظيم مأدبة عشاء على شرف أزيد من 1500 جزائري خلال الليلة التي سبقت المباراة بإحدى أفخم قاعات الأفراح بمدينة النخيل تخللها حفل فني كبير بخصوصية جزائرية على إيقاع الفلكلور المغربي والفنطازيا ونغمات فنية جزائرية ومغربية تم في خضمها تبادل العناق والتقاط صور توثق للذكرى بين المغاربة والجزائريين الذين رددوا لعشرات المرات شعار " بوتفليقة حل لينا الحدود " وهو ما يعكس على أن المباراة رغم خصوصيتها الرياضية فقد جرت في قالب سياسي صرف، وتركت قبل وأثناء وبعد أطوارها رسائل جمة مشفرة للدبلوماسية الجزائرية تجاه تعنتها وتصريحاتها الصبيانية بخصوص مآل الحدود الوهمية الشائكة بين البلدين الشقيقين التي ظلت مغلقة طيلة ما يربو عقدين من الزمن وإذا ما تمعنا جيدا في قراءة الديربي المغاربي فإن الخلاصة التي حتما ستجبرنا على التوقف عندها مليا، هي الإنتصار الرياضي العريض المغربي والانهزام السياسي الذر يع الجزائري، باعتبار أن كل الظروف والمؤشرات كانت مواتية لتحويل اللقاء الرياضي إلى انتصار سياسي للبلدين معا، شعبا وحكومة وأنظمة حاكمة، غير أن تعنت وتحجر الدبلوماسية الجزائرية كان ضد تيار ورغبة الشعبين والصور التي ستظل راسخة في أذهان كل المتتبعين عن كثب للحدث التاريخي الذي استضافته مدينة مراكش الحمراء واغتالته مع سبق الإصرار والترصد سوء نية الدبلوماسية الجزائرية وفي الختام لابد من التذكير على أن الأسئلة التي تدمي قلوب المغاربة والجزائريين حول مصير الحدود المغلقة بين البلدين منذ سنة 1994 ستظل عالقة حتى إشعار آخر، إن لم أقل جازما حتى تغيير سياسي بالجارة الجزائر، قادر بأن يعصف بالمنهجية الحالية التي يتحرك في قطرها الضيق بوتفليقة المحكوم بتنفيذ ما يمليه عليه جنرالاته الذين يقودون زمام الأمور بالجزائر بيد من حديد، في الوقت الذي يلعب فيه عبد العزيز بوتفليقة وهو في خريفه السياسي الوقت بدل الضائع من مشواره السياسي الملطخ بجرائم الماضي وهزائم الحاضر، في إنتظار الموت الكلينيكي السياسي عاجلا والبيولوجي آجلا، وإلى ذلك الحين أقول للشعبين المغربي والجزائري اللذان مزقتهما الدبلوماسية الجزائرية، أن اسلاك الحدود الشائكة لن تنال قيد أنملة من الروابط العائلية والأخوية والتاريخية العريقة التي تجمع البلدين وأن غدا لناظره قريب...