تعرف الموسوعة البريطانية على الإنترنت الإرهاب عموما على أنه "الاستخدام المنتظم للعنف لخلق مناخ عام من الخوف في عدد السكان، ومن ثم تحقيق هدف سياسي معين"، فالحديث عن الإرهاب تحدده مستويات ثلاث: التنظيم،المستهدف،الغاية. فالتنظيم هو مجموعة من الافراد الذين يتقاسمون نفس التصور للعالم ،ولهم هدف سياسي معين ،والتنظيم غالبا ما يكون خلايا ارهابية تنتمي الى التنظيم الأم في حالة الحديث عن المنظمات الدولية الارهابية،كمنظمة القاعدة والتي تشكل المحور في قضية الارهاب في قاموس العلاقات الدولية المعاصرة. المستهدف: غالبا ما يكون الناس العاديون، إذ أن استهداف الجيش، والشخصيات السياسية يعتبر بمثابة تصفيات حسابات سياسية قد تكون بعيدة عن مفهوم الإرهاب، رغم أنها تدخل في اطار العنف ضد الانسان.فاستهداف الناس العاديون يشكل ورقة ضغط على دولة معينة أومجموعة من الدول ،وحالة استهداف السياح الأجانب الا محاولة لتنبيه الرأي العام الدولي بخطورة استمرار عدم تحقيق مطالب المنظمة الارهابية. الغاية: تحقيق هدف سياسي محض، اذ أن المنظمة الارهابية تهدف الى تحقيق حلم ،وهذا الحلم غالبا ما يكون بناء دولة دينية محضة. والجماعات الارهابية ليست بالضرورة أصلا، بل قد تكون نتيجة لوضع سياسي معين، اذ ان ارهاب الدولة قد يتسبب في ظهور جماعات ارهابية ،وهذه الجماعات تتخذ من ارهاب الدولة ذريعة للاعلان عن نفسها ،وبالتالي تطبيقها للمشروع الارهابي . فالارهاب ليس الا أخبث أشكال العنف الذي عرفته الانسانية ،اذ ان ممارسة العنف عن سبق الاصرار والترصد واستهداف انسان بريء لا يمكن أن يبرر على كل حال. سواء كان هذا الارهاب ممارسا من طرف الجماعات أو من طرف الدول. من العنف الرمزي الى الارهاب الفكري: العنف يتخذ أشكالا متنوعة ، وهو ليس بالضرورة ماديا، بل قد يكون رمزيا أو معنويا ،فالتماهي بالمتسلط ما هو الا عنف ممارس على الذات ،في اطار تحول العنف المادي الى العنف الرمزي. العنف الرمزي غالبا ما يكون خطابا مهينا للآخر، هذا العنف الذي تحمله الأنا السياسية الباعثة لزرع خطاب مزيف للآخر المستقبل(بكسر الباء) عن طريق قنوات الاتصال الجماهيري ،المكتوبة والمسموعة والمرئية. هذ ا العنف الرمزي الذي يتكتل في اطار نسق معين ليبلور ايديولوجية تكون الخطوة الاخيرة نحو بناء الارهاب الفكري. ذكرى 16 ماي والارهاب المزدوج: 16 ماي ستبقى ذكرى راسخة في وجدان المغاربة ، ومن تقاسم معهم نفس الألم، هذه الذكرى التي تؤرخ لاحداث أليمة كان ضحيتها مواطنون أبرياء، حدث لا يمكن ان ينساه التاريخ . 16 ماي 2003 تؤرخ لارهاب مادي ممارس على أفراد أبرياء ، في المقابل هناك ذكرى أخرى لا يكمن أن ينساها التاريخ، وهي تؤرخ لذكرى الارهاب الفكري الذي مورس على شعب بأكمله وهي ذكرى 16 ماي 1930 حين أقدمت فرنسا على اصدار ظهير 16 ماي 1930 المنظم للقبائل ذات الأعراف والعوائد الامازيغية بالمغرب، هذا الظهير الذي استغلته ما يسمى الحركة الوطنية والتي مارست بموجبه ارهابا فكريا على الشعب المغربي ، واستطاعت أن تحيي عبد الله بن سبأ به عند أي حديث عن القضية الامازيغية بالمغرب. فذكرى 16 ماي تؤرخ لإرهاب مزدوج ، إرهاب مادي وإرهاب فكري . السبيل الوحيد للقضاء على الارهاب بمختلف أشكاله هو العودة الى الذات ، ومحاولة خلق فضاء ديموقراطي بموجبه يتسنى للجميع للتفكير في المستقبل وفق رؤى مختلفة ، بعيدا عن ثقافة الاقصاء والتبعبة للآخر .