حصل 430.000 لاجئ في ألمانيا في السنوات الأربع الأخيرة على فرص عمل، بينهم أكثر من 40.000 من المتدربين. لكن هذا لا يكفي لسد النقص الحاصل في اليد العاملة المتخصصة. وبالنسبة إلى شركة واحدة من بين اثنتين في ألمانيا بات النقص في اليد العاملة المؤهلة من أكبر المخاطر. وهذا ما أكدته غرفة الصناعة والتجارة الألمانية في استطلاع للرأي. ولا وجود لتحسن في الأفق، بل العكس، لأنه في السنوات المقبلة سيُحال الكثير من العاملين على التقاعد بحيث أنه ابتداء من عام 2030 سينقص حوالي ستة ملايين مستخدم. وفي المصانع الألمانية ينقص حاليا 250.000 من العمال بإمكانهم الحصول فورا على فرصة عمل. تكاتف على أعلى مستوى والمشكلة كبيرة إلى حد أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعت إلى قمة مساء الاثنين (16 ديسمبر/ كانون الأول) حول نقص اليد العاملة المتخصصة. وإلى جانب وزراء وسياسيين من الولايات كان يجلس ممثلون عن الاقتصاد الألماني واتحاد النقابات ووكالة العمل حول طاولة الاجتماع. وتحدث وزير المالية أولاف شولتس عن خطوة كبيرة في تاريخ ألمانيا. فلأول مرة في مساره السياسي اتضح له أن الجميع متفقون "على أننا نحتاج إلى الهجرة وأن المسألة ترتبط بقضية تنظيم ذلك بشكل جيد". من جانبه أضاف رئيس أرباب العمل، إنغو كرامير:"مثل هذا الإجماع نادرا ما حصل". Deutschland Berlin Fachkräfte Gipfel | Angela Merkel Ingo Kramer und Hans Peter Wollseifer (Getty Images/AFP/J. Macdougall) المستشارة ميركل تتحدث مع رئيس أرباب العمل الألماني إنغو كرامير (وسط) تحول النموذج الفكري وفي الأول من مارس/ آذار 2020 سيدخل قانون الهجرة حيز التنفيذ. ومن شأن هذا القانون أن يسهل على العمالة المتخصصة من دول خارج الاتحاد الأوروبي القدوم إلى ألمانيا. "القانون يمثل تحولا في النموذج الفكري كيف يمكن لنا جلب العمالة المتخصصة من خارج الاتحاد الأوروبي"، كما قالت المستشارة ميركل. وخلال لقاء القمة دار الحديث عن كيفية تعزيز القانون ليأتي بمفعوله السريع. وأكد رئيس أرباب العمل كرامير بأن "الاقتصاد يحتاج إلى ذلك". ويضيف كرمير أنه لا يجوز اعتماد إجراءات بيروقراطية طويلة الأمد والانتظار شهورا للحصول على مواعيد وإجراء اختبارات. "علينا أن نظهر بوضوح أننا مهتمون بأن يأتي الناس إلينا"، كما قالت المستشارة التي طالبت "بتعاون مرن" لجميع المؤسسات المشاركة وكذلك إدارات الأجانب. ومن بين الإجراءات الضرورية تسريع معالجة الحصول على رخص السفر. وهذا ما وعد به وزير الخارجية، هايكو ماس الذي يريد الرفع من الطاقة في إصدار تأشيرات السفر ورقمنة أساليب العمل. ومن تم يمكن معالجة الطلبات كذلك من ألمانيا وليس فقط في السفارات الألمانية. وابتداء من 2021 سيتولى مكتب اتحادي جديد للشؤون الخارجية هذه المهمة. المشكلة الأكبر تبقى اللغة وحتى الاعتراف بالشهادات العلمية والمهنية يجب تحسينه. وبما أن تلك الشهادات ليست دائما متطابقة مع الشهادات الألمانية، يجب على المستوى الاقتصادي تقديم المساعدة بمؤسسات تعليمية والدعم داخل الشركات لضمان التأهيل. ومن المرتقب أيضا الزيادة في برامج تعلم اللغة، لأن عدم إجادة اللغة الألمانية هو أكبر مشكلة. وليست هناك مطالبة بدراسة في الأدب الألماني، "لكن من المهم أن يشق المرء طريقه في الاقتصاد وداخل المجتمع"، كما أكد وزير العمل، هوبيرتوس هايل. مشاريع نموذجية في الهند وفييتنام والبرازيل وتأمل الحكومة الألمانية أن يتم في المستقبل استخدام موقعها المعلوماتي على الإنترنت „Make it in Germany" المعزز بخط هاتفي وبورصة عمل تُبلغ فيها الشركات عن عروض العمل ليد عاملة أجنبية. ويتوقع وزير العمل من المسؤولين في مجال الاقتصاد الحصول على معلومات حول البلدان التي يريد استقطاب يد عاملة منها. وأفاد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أن مشاريع نموذجية سارية في الهند وفييتنام والبرازيل تجرب فيها وكالة العمل "كيف يمكن لها كسب يد عاملة لتغطية طلب الشركات المشاركة". والتجارب المكتسبة من هذه المشاريع سيتم إدراجها في التطوير المستقبلي لاستراتيجية العمالة المختصة. تقليص البيروقراطية وحده لا يكفي وبغض النظر عن جميع الإجراءات من المهم، كما قالت المستشارة ميركل "أن نظهر في الخارج كبلد منفتح ومهتم". وينبغي على ألمانيا أن تقدم "ظروف عمل جذابة ومحيطا اجتماعيا جذابا". وهذا بالذات ليس في الغالب هو الوضع. فحسب دراسة لمؤسسة برتلسمان ومنظمة الدول الصناعية فإن ألمانيا بالنسبة إلى الأكاديميين الأجانب ليست جذابة بالقدر الكافي. وداخل البلدان ال 36 داخل المنظمة تأتي ألمانيا في المرتبة 12. والدول المتقدمة في الترتيب هي أستراليا والسويد وسويسرا. ثقافة ترحيب مقنعة والأسباب متنوعة. ففي ألمانيا يكون مستوى الأجور أقل من دول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD. وإذا ما نظرنا إلى الضرائب ومستوى الأسعار فإن ألمانيا تأتي في المرتبة 25. كما أنه ليس من السهل في ألمانيا تحقيق الترقي في المهنة بشهادة دراسية أو مهنية أجنبية. وفي الوقت الذي يعمل فيه 77 في المائة من الناس المولودين في ألمانيا بشهادة أكاديمية في مهنة عالية، يشغل هذه المهن نحو 44 في المائة من المهاجرين من دول خارج الاتحاد الأوروبي بشهادات أجنبية. لكن العامل المفصلي في النهاية هو الاندماج داخل المجتمع. وأوضح رئيس أرباب العمل الألماني كرامير بأن ألمانيا تحتاج إلى ثقافة ترحيب مقنعة.