لم يعد النشاط الدبلوماسي لسفير المملكة المغربية بجمهورية كينيا الدكتور مختار غامبو، سليل إقليم الدريوش، يقتصر على الدوائر الرسمية بالعاصمة الكينية نيروبي، بل توسع ليشمل جهات ومناطق متعددة من أجل تقوية وتطوير العلاقات السياسية والثقافية في إطار التوجه الملكي جنوب-جنوب والنموذج التنموي الجديد للمغرب. وفي هذا الصدد، أبرز سفير المملكة المغربية مختار غامبو خلال أشغال منتدى بحث السبل الكفيلة بضمان التدبير الأمثل للمياه، الذي انعقد أول أمس الجمعة بجهة ميرو الكينية السياسة الرائدة والاستباقية للمغرب في ما يتعلق بتعبئة وتدبير الموارد المائية، وذكر في هذا الصدد، بأن المغرب أنجز منشآت مائية هامة مكونة من 145 سدا كبيرا بطاقة استيعابية إجمالية تناهز 7,18 مليار متر مكعب، فضلا عن آلاف الآبار التي تستوعب المياه الجوفية، مستدلا في ذات الصدد بالمشاريع المقامة بالأقاليم الجنوبية للمغرب، وخصوصا بمدينة العيون. وأكد المختار غامبو أن هذه البنيات التحتية مكنت من ضمان تطوير السقي واسع النطاق (المساحة المسقية حاليا تقارب 5,1 مليون هكتار، ثلثاها مجهزة من طرف السلطات العمومية)، وتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، مع تعميم هذه الخدمة بالوسط الحضري وبلوغها ما يناهز 97 في المئة بالوسط القروي، وتلبية الحاجيات بالنسبة للمياه في المجالين الصناعي والسياحي، فضلا عن الإسهام في حماية الأشخاص والممتلكات ضد الفيضانات، لا سيما في العديد من المدن والسهول الزراعية. وعلى الصعيد المؤسساتي والتنظيمي، يضيف مختار غامبو، اعتمد المغرب ترسانة تشريعية حديثة من خلال إصدار القانون 95-10 حول الماء الذي أرسى دعائم التدبير المندمج واللاممركز والتشاركي للموارد المائية، وجدد التأكيد على أن المغرب، في إطار التعاون جنوب – جنوب الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مستعد لكل أشكال التعاون التي تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين، خصوصا في ضل عزم المغرب إرساء للنموذج التنموي المبني على تمكين الجهات من صلاحيات ذاتية واسعة. وعلى ضوء ذات الندوة التي قدّمها سفير المملكة المغربية الدكتور مختار غامبو، أبدت جهات ومقطاعات ميرو و تاراكا نيتهي الكائنة شرق الجمهورية الكينية اهتمامهما الكبير ورغبتها القوية للاستفادة من التجربة المغربية اللافتة والغنية في مجال تدبير الموارد المائية، والنهوض بالقطاع الفلاحي ومعالجة المياه العادمة وتحلية مياه البحر. وعبر كل من رئيس جهى ميرو، كيراتو مرونغي، ورئيس جهة تاراكا نيتهي، متهومي نوجكي، عن هذه الرغبة في الإستفادة من التجربة المغربية وأكد مرونغي، في افتتاح هذا المنتدى الذي نظم بمشاركة ممثلي الحكومة المحلية ومجموعة من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والجمعويين بجبل كينيا، أن "جهة ميرو التي تقع على المنحدرات الشمالية الشرقية لجبل كينيا تأمل إبرام شراكات مع الجهات المغربية التي تتقاسم معها أوجه تشابه طبيعية، وتعتزم الاستفادة من التجربة المغربية اللافتة والغنية، لا سيما في مجال تدبير الموارد المائية والنهوض بالقطاع الفلاحي ومعالجة المياه العادمة".. وفي نفس السياق، لفت رئيس جهة ميرو إلى المكانة البارزة التي يحتلها المغرب حاليا على الصعيد الإفريقي، لا سيما في القطاع الفلاحي حيث تفخر المملكة بأنها رائدة في هذا المجال وباتت مثالا يحتذى، وذلك بفضل مخطط المغرب الأخضر وسياسة السدود والتدبير المندمج للموارد المائية. وقال رئيس جهة ميرو إن "المغرب بلد رائد في المجال الفلاحي وفي تدبير الموارد المائية، ونحن مهتمون بعقد شراكات مع جهات مغربية، ولدينا الكثير مما يمكن أن نتعلمه من المغرب في هذا الصدد"، وعلى المنوال ذاته، أعرب رئيس جهة تاراكا نيتهي عن الاهتمام القوي بإبرام شراكات مع جهات من المملكة بغية الاستفادة من تجاربها في تدبير الموارد المحلية، لا سيما في الميدان الفلاحي وفي ما يتصل بتقنيات السقي. تجرد الإشارة إلى أن مساء ذات اليوم، أقام رئيس جهة "ميرو" الكينية حفل عشاء على شرف السفير المغربي مختار غامبو، وحضرها أيضا السفير الأمريكي بكينيا كايل ماكارتل، وتم التطرق خلالها للنموذج التنموي للمغرب، ودراسة إمكانيات القيام بزيارات ميدانية للوقوف عن قرب حول السياسات والتوجهات التي ينهجها المغرب في هذا الصدد.