سرد أحد النّاجين من الغرق، ضمن ال14 مهاجرا سرياً ما يزالون في عِداد المفقودين في عرض مياه سواحل جماعة "بني شيكر" بإقليم الناظور، إثر حادث اِنقلاب قاربهم على بُعد أميال من منطقة "تشارانا" تحديداً، (سرد) تفاصيل مريعة من الفاجعة التي اِهتز على نبأها المدوي الرأي العام المحلي. وممّا حكاه الناجي "رشيد" وهو أبٌ لطفلين، يقطن بدوّار "ماري واري" حيث ينحدر أغلب المفقودين، أن القارب الذي كان المرشحون للهجرة السرية يمتطونه ليس من نوع القوارب التي يمكنها الصمود في عرض البحر، قائلا "سرعان ما اِعتراني إحساسٌ بحدوث مكروه أو فاجعة بمجرد وقوفي على نوع القارب الذي تمّ اِستقدامه من مليلية المحتلة". واِسترسل رشيد حكيَهُ بتأثر "بعد إقلاعنا عصر الخميس الفائت، أبديتُ اِعتراضا بشدة على القارب، كما أني ترددتُ قبل عزمنا الإبحار، لأن الرحلة حتما ستكون محفوفة بالمخاطر، ومسألة وصولنا إلى ضفاف شبه الجزيرة الإيبرية على متن قاربٍ متهالك على شاكلته، غير مضمونة بالمرّة". "لم أشَأ الوقوف كحجرة عثرة في طريق الرحلة، وعدلتُ عن موقفي نزولا عند رغبة الزملاء المنحدرين بعضهم من أزغنغان، الذين تحمسوا كثيرا لخوض التجربة، لذلك لم نبتعد عن البرّ سوى مسافة حوالي 45 دقيقة قبل أن يتكشَّف لنا أنّ جوف المحرّك غمرته المياه، وبات القارب مثقلا ومائلاً من الخلف"، يردف. مستطرداً "وفور قيامنا بعملية إفراغ المياه من جوف المحرّك من أجل مواصلة الرحلة نحو ضفاف إسبانيا، اِنقلبت المركبة مباشرةً، مما وجد من كان على متنها نفسه غارقاً، كان بعضنا يرتدي بذلات السباحة، بينما نصفنا الآخر لم يسعفه الحظ لاِرتدائها في معمعان مصارعة أمواج البحر". وزاد الناجي " بقيتُ أصارع غمار الأمواج على مدى ساعات بحالها، بفضل بذلة سباحةٍ متينة ومن النوع الممتاز، مكنتني من المقاومة والصمود فوق سطح اليمّ، قبل دخولي في حالة شبه إغماءَة لم أقْوَ خلالها على الحركة، في حين كانت اليابسة تبعد عنّي بحوالي 25 كيلومتراً بالتقريب، وبلوغها عن طريق السباحة أضحى شبه مستحيلٍ، خصوصا وقد شُل جسدي أثناء الإغماء". وتابع رشيد "لقد حالت الألطاف الإلهية دون أن ألقى مصير الموت غرقا تحت غمرة المياه كزملائي الذين قُضي بعضهم والبعض الأخر ما يزال في عداد المفقودين بحكم أن البحر لم يلفظ جثثهم بعد، إذ بالصدفة لمحني بَحَّارَة كانوا على متن باخرة للصيد، فانتشلوني من المياه وأنقذوني بذلك من موتٍ محقّق، وحمداً لِلّه على بقائي حيّاً.. سوف لن أكرّر أبداً تجربة الهجرة على متن قوارب الموت".