تصوير: حمزة حجلة شهدت قاعة المركب الثقافي "لاكورنيش" بمدينة الناظور، لقاءً تواصليا مع الكاتب والصحفي عبد القادر الشاوي، نظمه كل من فرع الناظور ل"اِتحاد كتاب المغرب"، وجريدة "الريف المغربية"، بشراكة مع "المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالناظور"، عشية يوم السبت 14 أبريل الجاري، بمشاركة كل من الدكتور والناقد محمد أقضاض، والكاتب والصحفي طالع سعود الأطلسي، بحضور نخبة وازنة من المثقفين والفاعلين من مختلف المشارب والتوجهات. اللقاء الذي أداره أحمد زاهد، أكد خلال كلمته التمهيدية، على أن هذا الموعد الثقافي أصبح عُرفا وتقليداً سنويا، يستقبل فيه مجموعة من كبار المثقفين والكتاب المرموقين بالمغرب، مبرزا على أنّ لقاء اليوم، يعتبر مميّزاً بحضور الفيلسوف والكاتب والصحفي عبد القادر الشاوي، منوها بما أسداه من تضحيات جسام من أجل مستقبل الوطن، على غرار بقية المشاركين في هذا الموعد، الذين أدوا ضريبة الإعتقال من أجل غد أفضل ومشرق للبلد. وخلال كلمته، أكد جمال أزراغيد، رئيس فرع اِتحاد كتاب المغرب بالناظور، أن استضافة عبد القادر الشاوي بمدينة الناظور، له أهمية كبرى لكونه يمثل جزءً من تاريخ اليسار المغربي، مبرزا أن كتاباته المتنوعة تعكس ما عاشه من تجارب غنية، أبرزها تجربة السجن وأعماله تجسيد عميق للتنوع، معتبرا أن الشاوي راكم تجارب عدة في مجالات مختلفة، جعلت من كتاباته متميزة وأصبحت مرايا للتحولات الفكرية والإيديولوجية التي يعيشها المغرب، مبرزا أنه يوجد دائما من يتربع في الصدارة على مرّ الأجيال الثقافية. وبدوره أوضح عبد الحفيظ بدري، بوصفه مندوب وزارة الثقافة بالناظور، أن هذا الموعد تقليد متميز، وعربون على ما قدمه الكتاب الكبار الذين تمت استضافتهم، مضيفاً أن الشاوي يحمل صفة مناضل ومبدع متميز عن جدارة واستحقاق، وهو في حراكٍ إبداعي مستمر وأن كتاباته تعتبر محاولة لإمساك نفسه وسيرته الذاتية، يردف. فيما بيَّن محمد بولعيون، مدير جريدة "الريف المغربية"، أن عبد القادر الشاوي غنيٌّ عن التعريف، خصوصا لمن عاشوا زمن اليسار إبّان السنوات التي كان لليسار رجالته ومواقفه الشجاعة اِتجاه القضايا الكبرى للوطن، مضيفا أنه من الأسماء الذين أدوا ضريبة التغيير في الوطن، مؤكدا أنه عند قراءة أعماله يتضح أن ما عاشه أثَّر بشكل واضح في كتاباته الأدبية التي تنهل أغلبيتها من سيرته الذاتية ومن تجربته الإنسانية، وأنه جعل من الأدب وسيلة لمعركة جديدة، معركة تعرية الأوهام القديمة والجديدة والبحث عن الحقيقة التاريخية والنفسية والوجودية للفرد، وتعرية تناقضات المجتمع المغربي، وأعطاب الحداثة التي راودت أحلام جيل بكامله، معتبرا الشاوي أحد مؤسسي ما يعرف بأدب السجون في المغرب. وفي مداخلته، أقّر طالع السعود الأطلسي، أن للقاء أعاده إلى اللحظات التاريخية الأولى للمناخ الثقافي، معتبرا أن الحاضرين في هذا الموعد مناضلين ومناضلات من أجل الثقافة، وأنهم يقاومون جملة من الأوضاع التي تحارب الثقافة، موضحا أن هذه الجلسة الثقافية هي من أجل الثقافة والفكر ضد الإغراءات المنتشرة، مقترحا مأسسة هذه المبادرة وتسميتها بإسم "الضفة الثقافية لمارتشيكا" لكونها ليست بحيرة فحسب، وأن تكون لها حمولة ثقافية وأن يتم حماية بُعدها الثقافي الذي تتميّز به، مبرزا أن الشاوي ينتمي إلى حركة اليسار التي كان لها إرتباطٌ كبير بما هو ثقافي، لكون اليسار في ذلك الزمن انطلق ثقافيا، وأن الساحة السياسية في تلك الفترة، كانت تعيش حركة قوية عكس اليوم، وأن الشاوي كان دائما ما يحاول الإجابة عن سؤال العلاقة بين الثقافي والسياسي وذلك عبر مجموعة من الكتابات والمساهمات في المجلات والجرائد، عارجاً في حديثه على مسار النضالي والأدبي للشاوي، قبل أن يختم بالقول "ما أحوجنا اليوم أن يتناسل أمثال عبد القادر الشاوي، حتى يكون للسياسة معنى وللثقافة معنى". ويرى محمد اقضاض، أنه إن تم فصل الإنسان عن الثقافة "سنصبح في غابة"، مستطردا أن الثقافة ينتجها الإنسان وأي منطقة تنتج وتطور ثقافتها، مبرزا على أنه في أيام السبعينيات كانت الثقافة ممنوعة بالناظور ومرفوضة حتى من المجتمع، وأن اليوم هناك إمكانية التفتح وممارسة الثقافة بشكل واضح، غير أن الفرق بين الجيل السابق والجيل الحالي، أن هناك فصلاً بين الثقافة والسياسة، مشدداً على أن فصل السياسة عن الثقافة يؤدي إلى تدهور خطير في المجتع، كما أبرز على أن الحديث عن الشاوي هو حديث عن ظاهرة ثقافية في مغرب متعدد الأبعاد، ونادرا ما يجتمع المبدع والأدبي والصحفي والحقوقي والديبلوماسي في مثقف واحد ويشتغل عليها بشكل رزين وعميق، وأنه من المساهمين في تأسيس اليسار ويُعد واحدا من ضحاياه، كما أنه قام بمراجعة نفسه ويساره ومتتبع للشؤون الوطنية. أما في كلمته، أعرب عبد القادر الشاوي، عن شعوره بالإعتزاز، ليس لكون الموضوع له علاقة بشخصه، بل لكون وجود مجموعة من الرفاق تقاسم معهم نفس المسار والتجارب التي كانت في بعض جوانبها ناضجة وفي بعضها الآخر لم تكن كذلك، مضيفا أنه من الخلاصات التي إنتهى إليها أن حياته وكتاباته وإنسانيته وفكره، ما هو إلاّ سلسلة متواصلة من المصادفات، بعضها غريب التي وجهت مصيره وقلبت توجهاته، وجعلته يقف هذا الموقف أو ذاك، وأنه إبن مرحلة ملتهبة وأن الكتابة والثقافة شكلت مساراً مهما في حياته، وقد كتب عليه أن يتفاعل معها تفاعلا إجابيا من وجهة نظره التقدمي من موقع إختياري، معتبرا أن الحياة، كما خبرها، تجاربٌ بكل ما تحمله من مفاجآت ومصادفات وتناقضات، قبل أن يدّعم مقترح إنشاء مؤسسة تحمل إسم "الضفة الثقافية لمارتشيكا".