محمد العبوسي البناية "الاستعمارية" وسط الناظور.. بين مراهنة البلدية على عامل "الزمن" لإنهيارها الوشيك، وبين تشبث المجتمع المدني بمأثر تاريخي يُصارع مصير "الزوال"، من أجل "البقاء" عاينت عدسة "ناظورسيتي"، الحالة المهترئة ل"البناية الكولونيالية" القائمة إلى الحين وسط مدينة الناظور، منذ فترة الإحتلال الإسباني بالمنطقة، والتي كانت إبّان حقبة زمنية عبارة عن "بلدية"، قبل أنْ يتم استغلالها لاحقاً كمقر ملحقة إدارية خلال عقود، وتحوّلت بعد ذلك إلى بناية مهجورة، في انتظار دورها في السقوط والإنهيار في أية لحظة.. وكان موضوع البناية "الاستعمارية" وما يزال، محَلّ نزاعٍ محتدٍّ بين نشطاء المجتمع المدني، الدّاعين إلى وقف الإجهاز على المباني التاريخية في ظلّ انعدام المآثر بالحاضرة، في مقابل الحرص على المبنى موضوع الحديث، كمعلمة بعد إخضاعه لعملية ترميم وإصلاح، وبين مصالح حضرية الناظور المتذّرعة باستغلال وعائها العقاري، بدعوى أنها بناية آيلة للسقوط. والغريب في هذا الموضوع برمّته، أنّ "المعلمة" التاريخية المعروفة محلياً بتسمية "المقاطعة القديمة"، لا هي اُخضعت ل"الترميم" مثلما دعت إلى ذلك أصوات عدّة، ولا هي هُدِّمت لاستغلال مساحتها الأرضية، وإنّما ظلّت مبنًى مهجوراً عبارة عن حطامٍ وركامٍ إسمنتيّ على وشك الزوال، مما يَتهدَّد سلامة المواطنين وسط استغراب وذهول الجميع من تغافل البلدية والسلطات المحلية خطراً محدّقاً بحياة الأبرياء. وعِوض أن يستقر قرار البلدية، باعتبارها الجهة الوصية، على رأيٍّ معيّن بخصوص البناية الآيلة للإنهيار والمرشحة للتهاوي على رؤوس المارّة، والأفضل منه جعلها مأثراً تاريخياً يختزن تاريخ المدينة المكتوب ب"الإسمنت المسلح والحديد"، فضلّت ترك مصيرها لعوامل العشوئيات والصدف، ولعل هذا الحل الذي سلكته البلدية اِحتيالٌ ما بعده اِحتيال، والغاية منه طبعاً، الرهان على سقوط البناية بفعل عوامل "الزّمن" لكي لا تتحمل أيّة مسؤولية في مواجهة المجتمع المدني. وبدل أن تُسارع المصالح المختصة، إلى ترميم وإصلاح البناية الكولونيالية، وجعلها قطعة من التحف الفنية التاريخية التي من شأنها تأثيث الوجه الشاحب للحاضرة، وربّما تخصيصها كمتحفٍ لإطلاع الأجيال اللاّحقة على التاريخ المشترك، هرعت بدلاً عن ذلك، إلى تسييج محيطها بمتاريس وقائية واحترازية، تاركة المنبى يتساقط أجزاؤُه على مهل طالما كون هذا الحلّ الاحتيالي الماكر، يصبّ في اتجاه مصلحة البلدية لاستئناف مشروع زحف سيل "الإسمنت".