رجحت مصادر من مكان الحادث أن يكون الانهيار بسبب الأمطار الغزيرة الأخيرة. ويتخوف سكان المدينة العتيقة لمكناس من توالي مسلسل انهيار البنايات العتيقة، خصوصا أن النسيج العمراني للمدينة العتيقة بالعاصمة الإسماعيلية يعيش وضعية صعبة، بسبب خطر البنايات الآيلة للسقوط، التي تهددها مياه الأمطار مع كل فصل شتاء. ويطالب السكان المسؤولين المحليين والمركزيين باتخاذ إجراءات احترازية، حتى لا تتكرر المأساة التي شهدها هذا الجزء من المدينة. وعاينت "المغربية"، خلال جولة عبر أزقة المدينة العتيقة، انطلاقا من باب برادعيين وتيزيمي وسيدي عمر بوعوادة، تآكل جدران البنايات، بفعل تعرضها لشدة الرطوبة بسبب المياه التي وجدت طريقها داخل البيوت عبر شقوق، تعرضت له جل البنايات بسبب قدمها. وعبر عدد من قاطني تلك البيوت عن تذمرهم الشديد تجاه "الصمت" المضروب ضد تأهيل المدينة العتيقة، وعدم استفادتها من مشروع يضمن بقاءها كنسيج عمراني، يستحق الزيارة إسوة بالمدن الأخرى العتيقة، فيما دعا بعضهم الجماعة الحضرية إلى تقديم المساعدات الضرورية لهذا الجزء التاريخي من المدينة، من خلال التنسيق مع جمعيات المجتمع المداني، وزيارات ميدانية للدور الآيلة للسقوط، التي يتهددها موسم الأمطار كل سنة. كما عاينت "المغربية" الملاح القديم، الذي يحتوي على عدد من البنايات الآيلة للسقوط، وسبق أن شهد انهيار عدد من المنازل بفعل مياه الأمطار، شأنه في ذلك شأن البنايات في بعض أحياء بلدية المشور الستينية. وسبق للوكالة الحضرية أن ذكرت في تقريرها السنوي، الذي عرض على مجلسها الإداري السابق، أن هشاشة البنايات وغياب الصيانة والاستغلال تعتبر من بين العوامل التي أدت إلى التدهور المستمر لبعض البنايات الآيلة للسقوط وسط المدينة العتيقة، وجرى إحصاء أزيد من 1556 بناية مهددة بالانهيار، 279 منها في وضعية صعبة. ويعتبر مشروع إعادة وتأهيل المحور الرابط بين باب عيسي وباب بردعيين، المنجز من طرف شركة العمران، حسب الوكالة الحضرية، من أهم التدخلات بالمدينة العتيقة، على عكس عملية تقوية وترميم البنايات المهددة بالانهيار، التي تتعرض لمشاكل متشابهة، وتتجلى في المشاكل التقنية، كغياب تخصصات في ميدان ترميم البنايات المتقادمة، وتعقد سير الأشغال، ونقص الخبرة، إضافة إلى المشاكل الاجتماعية، إذ هناك سكان مكترون فقط، لذلك تعتبر قرارات الإفراغ غير منصفة لهم، وهناك مشكل مالي، يتجلى في ارتفاع تكاليف عمليات الترميم، إذ يتطلب ذلك تقديم مساعدة للسكان المعنيين. وما يزيد من سوء وضعية المدينة العتيقة بمكناس، حالة الممرات الطرقية، التي تخترقها شقوق أفقية وعمودية، تشمل بعض البنايات والمرافق الاجتماعية، كالمساجد والحمامات والفنادق القديمة والأبواب. كما تعاني أحياء عدة هشاشة البنيات التحتية، وتدهور شبكة الصرف الصحي، وبروز أسلاك كهربائية معلقة بشكل عشوائي على طول واجهات البنايات، ما قد يؤدي إلى وقوع تماس كهربائي وحدوث حرائق، ويصعب معه دخول آليات الإطفاء التابعة للوقاية المدنية. ويرى المتدخلون في قطاع السكن بالمدينة أن مشاكل البنايات الآيلة للسقوط التي جرى إحصاؤها (386 بناية) معقدة جدا، خاصة أنها مرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي لغالبية الأسر، وبالإكراهات التي يواجهها قطاع العقار على العموم. وأفاد مصدر مطلع أن لجنة متخصصة تقوم بمعاينة هذه البيوت العتيقة، لتحديد حجم الأضرار، والوقوف على ما تقتضيه حاجياتها ومحاولة معالجة وضعها لتفادي الحوادث. وتحدث المصدر ذاته عن أن حوالي 40 منزلا لم تعد صالحة للسكن، وأصبح هدمها ضرورة ملحة لتفادي وقوعها في أي لحظة، وعدد آخر يستدعي التدخل للإصلاح والترميم والدعم، لأن بعض هذه المنازل مهجورة من قبل مالكيها، ما يعرضها للتآكل ويزيد من تعقيد مسطرة التدخل. كما أن موسم الأمطار يزيد من تعقيد وضعية النسيج العمراني القديم بمكناس، إذ هناك تخوف من توالي مسلسل الانهيارات، في الوقت يرى المهتمون بالشأن المحلي أن صعوبات كثيرة تعترض قرارات السلطات في ما يتعلق بالهدم والإفراغ، وبتبليغ السكان، خاصة أن غالبيتهم ترفض ذلك، لدواعي مادية محضة. ويندرج مشروع إعادة تأهيل هذه المنازل، التي تستغلها أزيد من 850 أسرة، في إطار برنامج تأهيل المدينة العتيقة، وترميم المآثر، الذي تصل كلفته الإجمالية إلى 48 مليون درهم، وعطيت انطلاقته قبل سبع سنوات.