ولد في الجزائر وعاش في فرنسا وأوصى بدفنه في الدارالبيضاء سعيد الشطبي فارق المفكر الجزائري محمد أركون الحياة في 14 سبتمبر 2010 عن عمر ناهز 82 عاما بعد معاناة مع المرض في العاصمة الفرنسية وأوصى الراحل، حسب مصدر مطلع، بدفن جثمانه في الدارالبيضاء وكان محمد أركون أستاذا لتاريخ الفكر الإسلامي والفلسفة في جامعة السوربون عام 1968 بعد حصوله على درجة دكتوراه في الفلسفة منها، قد عمل كباحث مرافق في برلين عام 1986 و 1987. وشغل منذ العام 1993 منصب عضو في مجلس إدارة معاهد الدراسات الإسلامية في لندن وولد أركون عام1928 في بلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى الأمازيغية بالجزائر, وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء (ولاية عين تموشنت) حيث باشر دراسته الابتدائية بها وبعد أن أكمل دراسته الثانوية في وهران، تابع محمد أركون تعليمه الجامعي بكلية الفلسفة في الجزائر قبل أن ينتقل إلى «السوربون» في باريس، حيث واصل دراسته وحصل الراحل على شهادة الدكتوراه في الآداب, كما درس بجامعات عديدة في أوربا والولايات المتحدة والمغرب، وقد كان مهتما بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي وقد خلف أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب يتمحور جلها حول الفكر الإسلامي ويتميز فكر أركون بمحاولة عدم الفصل بين الحضارات شرقية وغربية وإحتكار الإسقاطات على أحدهما دون الآخر، بل إمكانية فهم الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب من الآخر، وهو ينتقد الإستشراق المبني على هذا الشكل من البحث استطاع محمد أركون أن يؤسس لوحده مدرسة فكرية متفردة تُخضع العقلَ العربي الإسلامي للنقد من داخل مشروع فكري نقدي تنويري يروم التجديدَ وقراءة التراث، قراءة واعية، بعيدا عن الدوغمائية والإيديولوجيا.. وفي هذا، كان أركون جريئا، شجاعا، مؤمنا بأن أُسُسَ مشروعه مبنية على منطق لم يعد يجد بين العرب والمسلمين مكانا، بعد أن توالت قرون الانحطاط وتناسلت الأفكار الرجعية وشكّلتْ حجابا متماسكا غطى على قرون الانفتاح والاجتهاد القديمة كان استنباط الأحكام والمفاهيم الكلية وتبني مناهج العلوم الإنسانية واقتباس النظريات الغربية الحديثة أدواته في دراسة الظاهرة القرآنية والنص «المقدس». طبعا، لم يكن أركون ليجد المجال منفتحا ليجاهر بمخاطبة العقل العربي الإسلامي والدعوة إلى التعامل مع الظاهرة القرآنية، بل عانى كثيرا من خصوم الاجتهاد غيابه الأبدي يُفقد عالمَنا العربي والإسلامي علَما من أعلامه البارزين، ومفكرا من طينة الكبار. لا غرابة في ذلك، فالرجل كان متقدما على معاصريه في مقاربة الظاهرة الدينية، بشكل عام، في وقت كان عدد من المثقفين يعتبرون أن الأمر حسم في أمور الدين ولم يعد من مجال مقاربته مقاربة نوعية، تختلف عن المعتاد بدأت رحلة حياته والموت ذات يوم من العام 1928 في بلدة تاوريرت نميمون في منطقة «القبايل» الجزائرية الكبرى، قبل أن تنتقل عائلته إلى بلدة عين الأربعاء، حيث تابع دراسته الابتدائية، ثم الثانوية بوهران، فكلية الفلسفة بالجزائر العاصمة. سافر إلى باريس، وتابع في «السوربون» دراسته العليا. وما هي إلا سنوات حتى عاد إليها أستاذا لتاريخ الفكر الإسلامي والفلسفة، بداية من العام1968، بعد حصوله على الدكتوراه في الفلسفة قادته أبحاثه الأكاديمية إلى خلق ما سمي «الإسلامولوجيا التطبيقية»، التي هي عبارة عن نوع من التعرية الفكرية للخطابات التقليدية المترسبة عبر الزمان وزعزعة الأفكار الوثوقية التي لم يكن من البديهي تقويضها في العقل العربي الإسلامي، بعد قرون الانحطاط والتراجع الفكري. مشروع الإسلامولوجيا التطبيقية هذا بدأه الراحل مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ليقارب به الفكر الإسلامي المنغمس في الفضاء العقلي الوسيطي، لكنه في الوقت نفسه يتصدى للمقاربات الاستشراقية السائدة. ورغم كل الزخم الفكري الذي راكمه أركون، ظل الرجل مكتفيا بالقول، كلما سنحت له فرصة اللقاء بجمهوره، إن كل ما يفعله هو أنه يفتح أوراشا فقط. وفي ذلك دعوة متسترة لكل واحد لأن يطرق أبواب التجديد والاجتهاد، بما يستطيع من أدوات، لعل عقلنا يدرك طريق الخلاص الفكري والتقدم الحضاري يغيب أركون، لكن ليس قبل أن يوصي بأن يُدفن بالدارالبيضاء، بالمغرب الذي أحبه