حذرت المبادرة المدنية من أجل الريف من استمرار الدولة في تجاهل مطالب حراك الريف، وكذا استمرار الاعتقالات في حق شباب الحراك. في هذا السياق، نبه صلاح الوديع، عضو المبادرة المدنية، في ندوة صحافية لتقديم تقرير المبادرة، اليوم الخميس، في الرباط، إلى خطورة عدم الاستجابة للمطالب الاجتماعية، والاقتصادية، والحقوقية، التي ينادي بها شباب حراك الريف. المبادرة، التي أعدت تقريرا دقيقا حول مجريات الأحداث، التي يعرفها الريف، بعد زيارة ميدانية قامت بها إلى المنطقة، أفادت أن الحراك، الذي تعرفه الحسيمة، وإيمزورن، ونواحيهما سجل الكثير من حالات "تعريض النساء المشاركات في الاحتجاج للعنف اللفظي والجسدي"، و"القبض على النشطاء، واعتقالهم في الصباح الباكر خارج الأوقات القانونية". ووقفت المبادرة على عدة حالات كسرت فيها الأجهزة الأمنية أبواب البيوت، وداهمتها بعنف، واستعملت القوة بشكل مفرط تجاه المتظاهرين، لاسيما في إيمزورن، والحسيمة. وتبعا إلى العنف المفرط، الذي استعملته القوات العمومية، يضيف التقرير، استقبلت المستعجلات عددا كبيرا من الجرحى المدنيين، فيما الكثير من المصابين امتنعوا عن التوجه إلى المستعجلات خوفا من الاعتقال. وفِي المقابل استقبلت المستعجلات 90 مصابا من رجال الأمن، منهم أربع حالات تم نقلها إلى المستشفى العسكري في الرباط. وصرح عدد من النشطاء لأعضاء المبادرة أن الأسباب، التي تؤدي إلى اندلاع المواجهات بين المحتجين، والمتظاهرين هو "إصرار الأجهزة الأمنية على إذلال أبناء الريف، وعزل المنطقة، وإهمالها، على الرغم من كل ما قامت به هيأة الانصاف والمصالحة". واعتبرت المبادرة أن النموذج الواضح للإهمال، الذي تعانيه مدينة الحسيمة، هو وضعية مستشفى الإنكلوجيا المتخصص في معالجة مرضى السرطان، ومتحف الحسيمة. ولفت التقرير ذاته الانتباه إلى أن التعامل مع مطالب حراك الريف وكأنها صادرة عن حركة انفصالية، زاد من تأجيج الأوضاع في المنطقة، بالإضافة إلى "الطابع الاستفزازي اللامسؤول لتصريحات بعض أحزاب الأغلبية"، و"تخوين الحركة الاحتجاجية في الريف ونعت النشطاء بكلمات نابية مهينة، وترويج المغالطات حولها". وأضاف المصدر نفسه أن ما زاد من حدة غضب نشطاء حراك الريف، هو التغطية الإعلامية، التي بثتها قنوات القطب العمومي، والتي زورت بعض الحقائق، وامتناع هذه القنوات عن فتح المجال أمام الشباب المحتج من أجل التعبير عن مطالبهم، وتجنيد مجموعات من المتحرشين في الحركة الاحتجاجية المطلبية. ولم تخف المبادرة أن صمت الحكومة عن المطالب، التي رفعها المحتجون في البدايات الأولى للاحتجاج عقّد مسار الملف. مطالب وتوصيات وطالب التقرير بترتيب المساءلة الجنائية في حق كل من انتهك حقوق الإنسان، ومكاتبة الهاكا حول "تجاوزات إعلامية"، في إشارة إلى التقرير المفبرك، الذي بثته القناة الأولى المغربية، وقناة "ميدي 1 تي في" حول حراك الريف، بعدما أقحمتا صورا لتكسير السيارات، والمواجهات الأمنية، التي تعود إلى حدث كروي سابق لا علاقة له بحراك الريف. وأوصت المبادرة المدنية بإنشاء منطقة صناعية حرة في الإقليم، وتخصيص كوطا من الصيد البحري ليباع داخل الحسيمة، بعدما أصبح السكان يشترون السردين مثلا بسعر لا يقل عن 25 درهما للكيلوغرام، وهم يتوفرون على ميناء نشيط من حيث الثروة السمكية. ودعا التقرير نفسه إلى وضع تحفيزات للمستثمرين، والمقاولات الصغرى بالخصوص، لتنشيط الدورة الاقتصادية، وفتح التكوينات للشباب بمنح محفزة، وإعادة تأهيل الصيد البحري التقليدي، والتفكير في ربط إقليمالحسيمة بالسكك الحديدية والطريق السيار. وأشارت المبادرة المدنية من أجل الريف إلى أن الإفراج عن المعتقلين والمسجونين كافة، وإحداث طريق بمواصفات جيدة، وترميم المستشفيات، وتجهيزها، وإحداث نواة جامعية بالإقليم، يعتبر من المطالب المستعجلة، والملحة. ومن جانب آخر، شددت المبادرة على ضرورة حفاظ المحتجين على سلمية الوقفات، والتبرؤ من كل مستعمل للعنف لفظا، أو سلوكا، والقبول بالحوار مع كل من بادر إليه.