وجهت السلطات الإسبانية بمليلية اتهامات خطيرة إلى العناصر الأمنية والجمركية المغربية في المعبر الحدودي للمدينة المحتلة، بعد ضبط 22 مهاجرا ينحدرون من جنوب الصحراء، داخل حاوية شاحنة، في وضعية صحية متدهورة بعد ساعات قضوها مكومين على بعضهم البعض في زاوية من الحاوية، يعيق حركة تنفسهم حاجز صنع خصيصا لتظهر الحاوية فارغة. وقال الناطق الرسمي باسم الجمعية الموحدة للحرس المدني بمليلية، إن المهاجرين أدوا 7 آلاف أورو عن كل واحد لشبكات تهريب البشر، التي تتواطؤ، حسب تصريحات أدلى بها ليومية "الصباح" عبر مصادر مقربة منه، مع عناصر جمركية وأمنيين، مؤكدا أن السلطات الإسبانية توثق هذا التواطؤ بكاميرات ترصد حركة كل الموجودين في المعابر الحدودية لمليلية. وحسب المسؤول الأمني نفسه فإن السلطات الإسبانية على علم بالتحقيقات التي تفتحها السلطات المغربية على المستوى المركزي في ملف شبكات تهريب البشر، إلى درجة إيفاد لجن للتدقيق في الوقائع، إلا أن ذلك لم يردع بعض الأمنيين والجمركيين من التواطؤ مع هذه الشبكات، بسبب الإغراءات الكبيرة لشبكات تهريب البشر، إذ أن تهريب كل فرد يكلف 7 آلاف أورو، لمسافة قصيرة. وقال الأمن الإسباني إن المبالغ التي يدفعها المهاجرون يمكن أن تغري أي شخص، ملحا على أن كاميرات إسبانية تعاين يوميا عناصر أمنية وجمركية مغربية وهي تتسلم مبالغ مهمة من مافيا كانت تمتهن التهريب، كما أن هناك وسطاء دائمي الوجود بالقرب من الجمارك والأمن، رصدتهم الكاميرات الإسبانية وهو يقومون بجمع المال لصالح أمنيين وجمركيين. واستنادا إلى تصريحات المسؤول الأمني الإسباني، فإن الحرس المدني الإسباني ساءل بعض هذه العناصر عما يجري في الجانب المغربي، إلا أنهم "يخبروننا أن المسألة عادية"، يقول الرئيس الناطق الرسمي باسم الجمعية الموحدة للحرس المدني بمليلية. وضبط الحرس المدني الإسباني صبيحة، أول أمس (السبت)، حوالي الساعة السابعة صباحا 22 مهاجرا سريا ينحدرون من جنوب الصحراء، ضمنهم ثلاثة نساء، في حالة اختناق مختبئين بطريقة خطيرة في مقطورة شاحنة، وهي العملية التي تثير عدة تساؤلات حول عدم قدرة الأمن والجمارك المغربيين على إجهاضها، خاصة أنها كانت ستتحول إلى كارثة إذا ما تأخرت الشاحنة لبضع دقائق أخرى. وتساءل المصدر الأمني نفسه عن سر عدم قدرة الأمن الوطني والجمارك المغربية على التفتيش الدقيق للمقطورة قبل وصولها إلى المعبر الحدودي الإسباني خصوصا أن الأمر كان واضحا، إذ بمجرد فتح باب المقطورة تتبين التغيرات التي أحدثت بها، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي يتم ضبط عربات تتوفر على مخابئ يختبئ فيها المهاجرون السريون، غير أن عملية أول أمس (السبت)، كانت الأضخم من حيث العدد، إضافة إلى حجم الخطورة الذي شكلته على حياة المهاجرين، الذين أكدوا أن شبكات تهريب البشر تحظى لديهم بثقة كبيرة. وأكد المهاجرون أن الشبكة تسلمت منهم مبلغ 132 ألف أورو في هذه العملية، وأنها تقوم بأنشطتها بشكل يومي، ملحين على أنهم لا يعرفون أسماء أفرادها غير أنهم معروفون لدى الجميع بألقاب معينة، وهو ما أكده أيضا مرافق سائق الشاحنة الذي ألقي عليه القبض فيما لاذ السائق بالفرار إلى الجانب المغربي بعد إفشال محاولة العبور. جدير بالذكر أن المديرة العامة للأمن الوطني باشرت، في الآونة الأخيرة، مجموعة من التحقيقات في المعبر الحدودي نفسه بتعليمات من عبد اللطيف الحموشي، ما أسفر عن تنقيل مجموعة من العناصر الأمنية إلى مدن أخرى.