انعقدت ندوة دولية لمستعملي نظم المعلومات الجغرافية داخل أروقة مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة من قبل فريق البحث في الجيوماتية وتدبير التراب، ومختبر دينامية المجالات الجافة التهيئة والتنمية الجهوية التابعين لشعبة الجغرافيا بوجدة بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة والجمعية المغربية للجيومرفولوجيا والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني بالرباط وجامعة محمد الأول، وذلك يومي 22 و 23 نونبر 2016، بحضور رئيس المركز وعدد كبير من المتخصصين من 11 دولة (المغرب، الجزائر، تونس، فرنسا، الولاياتالمتحدةالامريكية، السنغال، الكوت ديفوار، تشاد، انغولا، جزر القمر، سلطنة عمان)، بالإضافة إلى طلبة الدكتوراه والماستر وأعضاء هيئة التدريس من كليات العلوم والآداب بالمغرب. وهي ندوة علمية عملية تهدف لتعزيز روابط التعاون والشراكة بين الباحثين الأكاديميين والتطبيقيين من جهة وبين المشتغلين بتدبير الشأن العام وأصحاب اتخاذ القرار من جهة ثانية. لقد أصبح لنظم المعلومات الجغرافية دور لا يمكن الاستغناء عنه في رصد وتحديد الاختلالات التي تطال عناصر المنظومة الطبيعية ومخلفاتها الموجودة أو المحتملة، ومساعدة أصحاب القرار عبر تقديم مختلف السيناريوهات الممكنة لمعالجتها. وتعتبر "حركية استعمالات الأرض" جراء تدخل الإنسان عند استغلاله للموارد الطبيعية، ورصد وتتبع ما تخلفه من آثار على مستوى التوازنات البيئية-الاقتصادية، وسبل المحافظة على هذه الموارد للأجيال القادمة إحدى الدعامات الأساسية التي تشتغل عليها نظم المعلومات الجغرافية. ويتحكم في هذه الدعامة هاجس تحقيق الفعالية الاقتصادية والاجتماعية لأنظمة الاستغلال المُعتمَدة، مع إمكانيات تطويرها قصد تحقيق النجاعة بين أحجام الموارد الطبيعية المُتاحة من جهة وعائداتها الاقتصادية والاجتماعية من جهة ثانية، عبر المرور بالضرورة ببناء مشاريع للتنمية الترابية تراعي الخصوصيات الطبيعية والبشرية للمجالات المراد إعدادها. تتعدد استعمالات نظم المعلومات الجغرافية وتتنوع حسب طبيعة المستعمِل والهدف من الاستعمال. وتُصنَّف هذه الاستعمالات عموما إلى مستويين حسب طبيعة التعاطي مع البرامج المعلوماتية لنظم المعلومات الجغرافية: المستوى الأول ويتمثل في استعمال الأداة في حد ذاتها للإجابة على سؤال أو أسئلة مطروحة باستخدام أدوات من داخل برنامج نظم المعلومات الجغرافية. المستوى الثاني وهو المحور الأساسي لهذه الندوة الدولية، ويتمثل في استعمال نظم المعلومات الجغرافية لحل إشكالات مرتبطة بالإعداد المجالي عموما، سواء تعلق الأمر بتهيئة مجالات طبيعية أو بشرية أو اقتصادية أو ذات ارتباط وثيق بتدبير الشأن العام؛ الأمر الذي يتطلب اتخاذ قرارات غالبا ما تكون على درجة عالية من الحساسية بالنسبة للحياة اليومية للفرد ولتدبير مستقبل الأجيال. ونظرا لتشعب ولتعقد هذا المحور، غالبا ما يكون الباحث مجبرا على اللجوء إلى النمذجة La modélisation قصد ملاءمة البرنامج المعلوماتي مع نوعية وطبيعة الإشكالات التي يشتغل عليها. ويقتضي هذا المستوى من البحث اتباع "منهجية تعدد التخصصات La pluridisciplinarité" مما يُيَسِّر بلوغ الهدف باقتصاد في الوقت وفي الجهد، وبزيادة في الجودة. في هذا الإطار يعتبر المركز (مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة) بمثابة "بنية للبحث المتعدد التخصصات"، وأحد أهدافه الرئيسية هو خلق فرصٍ أمام الباحثين من مختلف مشاربهم العلمية لتلاقي وتلاقح تجاربهم وإنتاجاتهم، وهو بذلك بنية موازية ومكملة لبنيات ومختبرات البحث بالجامعة. ويهدف انعقاد هذا الملتقى العلمي إلى: تنمية وتعزيز البحث في مجال نظم المعلومات الجغرافية. جمع خبرات وتقنيات نمذجة الظواهر المرتبطة بالمجال وتحليل الظواهر الجغرافية المختلفة. إنشاء إطار للتبادل والتعاون والشراكة بين الباحثين الشباب والمتدخلين من المجتمع العلمي (الجغرافيا، الجيولوجيا، الفلاحة، السياحة، الرياضيات، المعلوميات، الهندسة، التمدين...)، والفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين وأصحاب القرار. تشجيع النقل والابتكار التكنولوجي والنمذجة المجالية وإسهاماته في التهيئة وإعداد التراب. تمتين العلاقات بين مختلف شرائح الباحثين في حقل نظم المعلومات الجغرافية والتنمية وإعداد التراب الوطني، والدفع بهذه العلاقات إلى ترسيخ ثقافة التعاون من أجل النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذا الوطن. وقد استهلت أشغال هذه الندوة بمحاضرتين افتتاحيتين: الأولى يوم الثلاثاء على الساعة العاشرة صباحا مباشرة بعد الافتتاح الرسمي، وقد ألقاها الأستاذ العمراني عبد الرحيم من الوكالة الحضرية بالدار البيضاء تحت موضوع: Les SIG au service de la planification urbaine وألقيت المحاضرة الافتتاحية الثانية يوم الأربعاء على الساعة التاسعة صباحا من قبل الأستاذ عمر الخارقي من كلية العلوم والتقنيات بطنجة حول موضوع: Les radars Imageurs dédiés à l'observation de la terre وانتظمت أشغال الندوة الدولية على شكل أربع ورشات هي كالآتي: الورشة الأولى: الموارد الطبيعية والبيئية (31 مداخلة)؛ الورشة الثانية: المخاطر والكوارث الطبيعية (35 مداخلة)؛ الورشة الثالثة: الخرائطية الآلية والاستشعار الفضائي عن بعد والمسح الجوي ونظام التموقع العالمي والتطبيقات عن الانترنيت (42 مداخلة). الورشة الرابعة: إعداد التراب والمساعدة على اتخاذ القرار (27 مداخلة). ومن أجل مواكبة التطور العلمي في مجال تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية، أوصت اللجنة المنظمة في نهاية اللقاء بما يلي: ضرورة الاستمرار في هذه الدورات العلمية مع الحرص على الحفاظ على مستواها العلمي المتميز. حث المشتغلين بتدبير الشأن العام وأصحاب اتخاذ القرار على الأخذ بعين الاعتبار كل الدراسات العلمية حول نظم المعلومات الجغرافية. تعزيز التعاون العلمي المشترك بين الجامعات ومختلف المصالح والإدارات من أجل تبادل الخبرات في مجال نظم المعلومات الجغرافية والوصول إلى حلول للإشكالات المطروحة. تفعيل ودعم برامج الدراسات العليا في تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في مختلف المجالات من خلال الدعم المادي. تطوير البنيات التحتية للمختبرات من خلال دعمها بالبرمجيات والوثائق المتخصصة. جعل البحوث في مجال نظم المعلومات الجغرافية من بين أولويات البحث العلمي الذي نطمح إليه لمساعدة الفاعلين السياسيين على أخذ القرار. خلق جمعية مستعملي نظم المعلومات الجغرافية لتتبع وتنظيم الأشغال واللقاءات. وخلصت أشغال الندوة بتسليم مهام تنظيم الملتقى المقبل بعد سنتين في جامعة المولى إسماعيل بمكناس. وقد توجت أشغال هذه الندوة الدولية بتنظيم تكوين علمي في نظم المعلومات الجغرافية على برمجيات مفتوحة المصدر (open sources Logiciels) من خلال QGIS، وفي أنظمة قواعد البيانات المجالية من خلال برمجيات PostGreSQL و PostGIS؛ وذلك طيلة يوم الخميس 24 نونبر 2016 ، وقد استفاد من هذا التكوين 180 شخص.