من المستجدات التي تضمنها القانون التنظيمي رقم14.113 المتعلق بالجماعات الترابية في مادته 214 هناك إلزامية إخصاع العمليات الحسابية لتدقيق سنوي من طرف المجلس الجهوي للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية والمفتشية العامة التابعة لوزارة الداخلية، هذا النص القانوني الذي يستمد مرجعيته من الدستور المغربي ستكون له وبدون شك ايجابيات كثيرة يمكن تلخيصها في النقط التالية: - إرغام رؤساء المجالس الجماعية على ضبط الملفات كي تكون جاهزة حين مجيء قضاة المجلس الجهوي للحسابات ومفتشوا وزارتي المالية والداخلية الذين منحهم المشرع مهمة التدقيق انطلاقا من المبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة. - إلزام رؤساء المجالس التقيد بالقانون في تدبير ملفات وقضايا الشأن المحلي سواء تلك المتعلقة بالمالية، الصفقات، التعمير، الأملاك الجماعية لأنهم يعلمون أن عملهم سيكون موضوع تدقيق سنوي من طرف الأجهزة المختصة بالرقابة القضائية والإدارية. - وضع حد للفوضى التي عرفتها الجماعات المحلية في السنوات الأخيرة بسبب المسؤولية فئة عريضة من المنتخبين الذين كانوا يعبثون بمالية وأملاك الجماعات ضاربين القوانين المنظمة للعمل الجماعي بعرض حائط والدليل هو التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات التي تضمنت خروقات مالية واختلالات إدارية لرؤساء المجالس المحلية. ولتفعيل المبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة أعطى المشرع المغربي في المادة 274 من القانون التنظيمي رقم14.113 المتعلق بالجماعات الترابية ودون الإخلال بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان المراقبة للمجلس أو رئيسه عن طريق عامل الإقليم إخضاع تدبير الجماعة والهيئات التابعة لها أو التي تساهم فيها لعملية التدقيق، بما في ذلك التدقيق المالي من طرف الهيئات المؤهلة قانونا لذلك، وتوجه وجوبا نسخة من تقرير عملية التدقيق إلى عامل الإقليم والى أعضاء المجلس المعني ورئيسه، وعرضه على المجلس بمناسبة انعقاد الدورة الموالية لتاريخ التوصل به، وفي حالة وجود اختلالات، وبعد تمكين المعني الأمر من الحق في الجواب يحيل عامل الإقليم أو من ينوب عنه التقرير إلى المحكمة المختصة، ودائما في إطار تفعيل المبدأ الدستوري المشار إليه أعلاه أعطى المشرع المغربي في المادة215 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية لنصف أعضاء المزاولين مهامهم على الأقل تشكيل لجنة للتقصي حول مسالة تهم تدبير شؤون الجماعة، ولايجوز تكوين لجان للتقصي في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، مادامت هاته المتابعات جارية وتنتهي مهمة كل لجنة للتقصي سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها بعد عرض تقريرها على أنظار المجلس الجماعي. هاته إذن أهم المستجدات التي جاء بها القانون التنظيمي رقم14.113 المتعلق بالجماعات الترابية والتي توخي منها المشرع إخضاع تدبير الشأن المحلي لقواعد الحكامة الجيدة وأهمها تفعيل آليات الرقابة القضائية والإدارية وربط المسؤولية بالمحاسبة حتى يتمكن رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم من تدبير شؤون الجماعات في إطار مقاربة تتأسس على خدمة المواطن، وتوطيد آليات الديمقراطية التشاركية، وضمان شفافية مداولات المجلس، والفعالية والتقيد بالقوانين المنظمة للعمل الجماعي.