نظم اتحاد كتاب المغرب يوم السبت سابع ماي 2016 حفل توقيع لآخر إصدارات الشاعر والناقد نورالدين أعراب الطريسي، بدار الأم للتربية والتكوين بالناظور، وذلك بحضور حشد كبير من الأساتذة والطلبة والتلاميذ. استهل هذا اللقاء الثقافي الكبير كاتب الفرع الشاعر جمال أزراغيد، الذي ذكر جمهور الحاضرين بالأعمال الإبداعية والنقدية التي راكمها المحتفى به، وذلك في مجالين الشعر والنقد الأدبي. ثم تناول الكلمة بعده الناقد الدكتور محمد أمحاور، الذي قام بدراسة الكتاب النقدي الموسوم ب : " المقارنة بين الصور البلاغية ( إبدالات نقدية) "، فأشار في البداية إلى أن الشاعر والناقد نورالدين أعراب الطريسي ينفتح في هذا الكتاب على التراث العربي في البلاغة والنقد والمناهج الحديثة والمعاصرة دون أن يتجاوز أساتذته الذين درس عليهم وتعلم على أيديهم، وفي مقدمتهم الناقد إدريس بلمليح رحمه الله والناقد أحمد الطريسي. فالباحث نورالدين ينطق من المنجز النقدي المغربي، لكنه يقترح في الوقت نفسه منعطفات جديدة وهذا ما يدل عليه العنوان الفرعي للكتاب " إبدالات نقدية" حيث يقوم بإبدال زاوية النظر ورؤيتها الممارسة النقدية من البنيوية إلى ما بعد البنيوية. فالناقد ينطلق من علم النص وعلم الخطاب والشعرية المعاصرة دون أن يتخلى عن الموروث النقدي والبلاغي العربي القديم، ودون أن يتخلى عن خصائص الصورة البلاغية العربية وفي مقدمتها الاستعارة. كما أن الهم الذي سكنه - في هذا الكتاب – ليس تقديم تعريف للصورة البلاغية بقدر ما كان تأسيس شعرية للتمايز والتفاضل بينهما. وختم الناقد أمحاور مداخلته القيمة بالإشادة بهذا الكتاب الهام الذي يعد إضافة وازنة لميدان النقد المغربي والعربي الحديث، وأن صاحبه كتبه بلغة راقية جدا، على غرار كل ما يكتبه من أعمال وكتب في مجال النقد. أما المداخلة النقدية الثانية، فقد قدمها الناقد الدكتور نورالدين الفيلالي الذي ركز على ثلاثة محاور أساسية: 1- مستوى المعجم: ويتميز هذا المستوى الانزياح التركيبي والدلالي، إذ أن العبارات والألفاظ والتراكيب المعتمدة لا تقوم على المباشرة والتقريرية في التعبير اللغوي وأداء المعنى، بل تقوم على أساس الإيحاء والانزياح عما هو متداول وشائع ومألوف، وهو ما يجعل اللغة تؤسس لنوع من الجمالية العالية في اختيار الألفاظ والعبارات وكذلك على مستوى الصورة. وقد وقف الناقد -في هذا المستوى أيضا - عند عتبة عنوان هذا الديوان الشعري الجديد: " يخون سيده الورد "، فحلل هذا العنوان تركيبيا ودلاليا، منبها إلى هذا الانفلات في المعنى الذي يتسبب فيه تركيب العنوان، وهو ما يغني من جماليته وروعته الفنية، إذ يمكننا اعتبار كلمة (الورد) فاعلا مؤخرا كما يمكن كما يمكن اعتبارها بدلا في الوقت نفسه وكلاهما صحيح وجيد، بمعنيين مختلفين، 2- مستوى الإيقاع: وتناوله من زاويتين: الإيقاع الداخلي، وقد أكد أنه غني بمختلف أنواع الجناسات والتوازيات والتقابلات التركيبية واللغوية والدلالية. ثم اللإيقاع الخارجي وقد توقف طويلا عند الأوزان العروضية التي اعتمد عليها الشاعر نورالدين أعراب الطريسي في هذا الديوان وهي: بحر المتقارب وبحر الكامل وبحر المتدارك، بتفعيلاتها المعروفة: (فعولن- متفاعلن- فاعلن) كما أشار أيضا إلى أن الشاعر قد استثمر مختلف التغييرات العروضية التي تصيب هذه التفعيلات والأوزان. 3- الانسجام بين الكتابين: النقدي والشعري، وبه ختم الناقد الفيلالي مداخلته القيمة لافتا الأنظار إلى أن ما يكتبه الناقد أعراب في النقد يطبقه في مجال الشعر والقصيدة. وبعد انتهاء المداخلتين فتح المجال للمناقشة والشهادات في حق المحتفى به، حيث تدخل الناقد الكبير الدكتور عبدالله شريق ليؤكد على أن الناقد نورالدين بذل مجهودا كبيرا جدا في هذين الكتابين، إذ قدم للقارئ المغربي والعربي الصورة البلاغية من التصور الأرسطي إلى التصور العربي إلى التصور البنيوي ثم التصور السيميائي الدلالي، وأخيرا التصور التفاعلي ضمن النظرية التفاعلية الجديدة. وأما الديوان الشعري فقد أكد بأنه اشتغل عليه في إطار الالتزام بالتفعيلة مع تغييراتها العروضية وهو يحمل رؤية رومانسية في قالب من الجمل الشعرية القصيرة، ولو أن الشاعر أحيانا يضحي بالمعنى من أجل سلامة الوزن والتفعيلة. أما القاص عبد الله زروال فقد أشار إلى أن نورالدين أعراب الطريسي قد اختار المسلك الأصعب لأنه زاوج بين الكتابة الشعرية والكتابة النقدية على عكس معظم الأدباء والكتاب. وتدخل الروائي مولاي الحسن بنسيدي علي أيضا ليؤكد على أهمية الكتابين معا باعتبارهما حلقة أساسية في الثقافة المغربية المعاصرة، وأشار إلى تأثر الناقد نورالدين أعراب بالناقد السيميائي المشهور أمبيرتو إكو، الذي اعتمد عليه وذكره كثيرا في كتابه ( الصورة البلاغية ) فيما هو ينتقل من البنيوية إلى السيميائية وتحليل الخطاب، ثم ذكر باحترام والتزامه بالأوزان الشعرية في ديوانه الجديد. ثم تدخل الشاعر عبد الواحد خمخم ليدلي بشهادته القيمة في حق المحتفى به، ثم طلبة وتلاميذ الناقد الذين تعلموا على يديه أصول الأدب والنقد والشعر.