لم يكن يتوقع رجال السلطة بالمغرب، أن التكنولوجيا الحديثة ستكون نقمة عليهم في يوم من الأيام، لكن سرعان ما أدركوا أنهم أصبحوا مراقبين في عملهم، ليس من طرف مرؤوسيهم بل من طرف المواطنين العاديين، حيث أتاحت آلات التصوير الصغيرة والهواتف النقالة للجميع توثيق خروقات رجال السلطة، فيما أتاحت الشبكة العنكبوتية نشر ما يتم تصويره دون خوف من انتقام رجال السلطة، هذا الأمر جعل الأمنيين يفكرون آلاف المرات قبل القيام بأي عمل غير مشروع . "قناص" تارجيست.. أو حينما دوّخ شاب عناصر الدرك إن متتبعي مسار النيت المغربي، يعرفون جيدا أن من بين الأوائل الذين قاموا بتصوير رجال السلطة وهم يتلقون الرشوة، هو قناص تارجيست، حيث منذ أزيد من 6 سنوات تداول المغاربة على نطاق واسع شريط فيديو يظهر فيه رجال الدرك، بنواحي تارجيست يتلقون رشاوي من سائقي مجموعة من السيارات، وقد تمكنت فيديوهات منير أكزناي الملقب "بقناص تارجيست" من تحقيق انتشار كبير في المغرب وخارجه، وجعلت السلطات المعنية تتحرك لتقوم بتوقيف الدركيين المتورطين في تلقي رشاوي، ظاهرت قناص تارجيست جعلت مجموعة من الشباب يقومون بنفس العملية وكسرت جدار الخوف الذي كان يجعل مجموعة كبيرة تتستر عن خروقات الدرك، وقد ظهر مجموعة من القناصين بعدد كبير من المدن الأخرى. "كوستافو" الإسباني الذي أسقط قناع الشرطة السائح الإسباني "كوستافو" لم يكن يتوقع أنه وبنشره فيديو مدته نصف ساعة على موقع يوتوب، يصور فيه طريقة تعامل عناصر أمنية مغربية معه طوال المسار الذي قطعه في رحلته التي أستعمل فيها دراجة نارية وعبر من خلالها مجموعة من المدن الصحراوية، أنه سيخلق ضجة كبرى في المغرب، وسيجعل جميع الأجهزة تتحرك ومعاقبة كل شرطي ظهر في مقطع فيديو يتلقى فيه الرشوة، كوستافو وبحكم أنه من جنسية أوروبية، جعل الفيديو يعرف صبغة عالمية، حيث نقلته مجموعة من القنوات الدولية، مما خلق إحراجا كبيرا للمسؤولين المغاربة، حيث كشف عن طريقة تعامل الشرطة مع السياح وكيف أنهم في بعض الأحيان يتحولون إلى "سعاية". الشّرطة تنتقم الشرطة لم تبقى مكتوفة الأيدي، بعدما انتشرت فيديوهات لرجال الشرطة وهم يطلبون الرشوة، مما جعل المديرية للأمن تعيين لجان خاصة لمراقبة وضبط كل حالات الرشوة على مستوى شرطة المرور والجولان، وأسفرت عملية المراقبة هذه عن توقيف ثلاث حالات لأشخاص أرادوا إرشاء الشرطة، الحالة الأولى بمدينة المحمدية، والحالة الثانية بعين الشق بالدارالبيضاء والثانية بمرس السلطان. وتأتي هذه العملية كرد على الفيديوهات التي إنتشرت وهي ترصد خروقات رجال الشرطة. فهل ستكون التكنولوجيا الحاليّة والمتاحة في خدمة محاربة الرشوة في صفوف رجال الشرطة والدرك؟.