شغف المغاربة قاطبة بشهر رمضان المبارك٬ وحرصهم على قضاء صيامهم في ضلال ربانية٬ جعلهم في مشارق الأرض و مغاربها يحرصون أشد الحرص على الارتباط بقدسية هذا الشهر الفضيل٬ من خلال إبراز قيمه الروحية المتجلية أساسا في الإكثار من الذكر والتقارب وصلة الرحم٬ وهو ما نجحت الجالية المغربية بقطر في ترجمته على أرض الواقع٬ مما جعلها تخلق التميز في ظل مجتمع يعج بالجنسيات. وحرصت الجالية المغربية في قطر على نقل الاحتفالية التي تطبع الأجواء الرمضانية في المغرب إلى قلب الدوحة من خلال الأمسية الثقافية٬ التي أحيتها ضمن فعاليات الخيمة الخضراء التي نظمها مؤخرا مركز أصدقاء البيئة٬ بحضور السادة المكي كوان٬ سفير المملكة المغربية بالدوحة٬ وسيف علي الحجري رئيس مركز أصدقاء البيئة و يوسف علي الكاظم أمين السر العام للمركز. وقد لبى أفراد الجالية المغربية الدعوة٬ و حضروا من مختلف الفئات العمرية يرتدون الزي التقليدي المغربي المتميز٬ فاكتست بالتالي الخيمة الخضراء بحضورهم الوازن والتلقائي حلة بهيجة غمرت فضاء العرض الذي ضاقت جنباته. وحرص القائمون على الأمسية من أفراد الجالية المغربية في قطر على التعريف بالطابع الديني والثقافي والتراثي الذي يميز الليالي الرمضانية في المغرب من خلال إعداد برمجة متنوعة مزجت بين ما هو أصيل ومعاصر٬ فشكل الحفل بحق فرصة سانحة لوصل المشرق بالمغرب٬ عبر التعريف بحضارة وتراث المملكة وتنوعها الثقافي وتميز فنونها التي تعكس الهوية المغربية. واستهل هذا الحفل٬ الذي أدار فقراته السيد محمد هاشم الشريف منسق برنامج الخيمة الخضراء٬ بترتيل آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على الطريقة المغربية الأصيلة السيد رشيد العلوي من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وشدت طريقته في تلاوة القرآن الكريم انتباه الحضور٬ حيث أفلح السيد العمري إلى حد بعيد في تجويد الحروف وضبط الوقوف٬ وهي قواعد تميز قراءة الإمام نافع برواية تلميذه ورش٬ التي اتخذها المغاربة طريقتهم في ترتيل القرآن لكونها تتميز بالإسراف في الحيطة من الوقوع في المحظور. إثر ذلك أطلق ثلة من أفراد الجالية المغرية العنان لأصواتهم من خلال ترديد أنفاس عطرة من المديح النبوي والسماع الصوفي٬ وهو التراث الفني الذي يعكس البعد العربي الإسلامي التصوفي الذي يترجم سماحة الإسلام والقيم التضامنية التي ينادي بها الدين الحنيف٬ وهو ما جعل الحضور المشكل من جنسيات مسلمة ينصهر في أجواء روحانية ووجدانية متميزة. وأفلحت المجموعة الصوتية في ترتيل الأشعار الدينية والصوفية٬ التي توزعت بين قصائد وتوشيحات وأزجال وبراول٬ وفق الطبوع الأندلسية المغربية وأساليبها في التوقيع والغناء. وعكست الكلمات التي ألقيت بالمناسبة مدى أهمية تنظيم أمسيات من هذا القبيل٬ على اعتبار أنها تعزز عرى الوشائج بين أبناء المنطقة العربية المسلمة من المحيط إلى الخليج٬ وتعرف بالموروث الحضاري لمختلف شعوب المنطقة. وفي هذا الصدد٬ أكد السيد محمد أدردور المتحدث باسم الجالية المغربية أن المشاركة المغربية في نسختها الثالثة تعد دليلا على حرص المغاربة على الإسهام في إنجاح كل الفعاليات والمبادرات والنشاطات التي تعرفها دولة قطر. و بدوره٬ رحب السيد سيف علي الحجري رئيس مجلس إدارة مركز أصدقاء البيئة في كلمته بأفراد الجالية المغربية وبكافة ضيوف الخيمة الخضراء٬ مبديا إعجابه الشديد بمستوى التنظيم والحضور المميز لعشرات الأسر والأطفال وإضفائهم لأجواء من البهجة على الجلسة. وأكد أن التواجد المغربي بفعاليات الخيمة الخضراء للسنة الثالثة على التوالي هو شرف للمركز ودعم له٬ مبرزا أن الغنى الثقافي والتراثي والحضاري الذي تزخر به المملكة٬ جعل الجالية المغربية تحظى بمكانة خاصة في قطر٬ وأضحى أفرادها يعتبرون جزءا من منظومة المجتمع القطري٬ حيث يساهمون في قطاعات ومجالات عدة عكست ما تعرفه دولة قطر من نهضة وازدهار. من جهته٬ أعرب السيد المكي كوان سفير المملكة المغربية بالدوحة في كلمة له بالمناسبة عن سعادته بهذه الأمسية التي تعكس روح الإخاء والتضامن والتلاحم بين أفراد الجالية المغربية فيما بينهم٬ وبينهم وبين إخوانهم القطريين والمقيمين بهذا البلد٬ منوها بالتطور الكبير الذي عرفته العلاقات القطرية المغربية. واستطرد قائلا إن مثل هذه الفعاليات هي تأكيد على هذا التوجه٬ معربا عن اعتزازه بالشباب المنظمين للأمسية٬ وتشبثهم بثقافتهم وانتمائهم لبلدهم وحرصهم الشديد بالعمل على التعريف به بصورة جميلة مشرقة تعكس الثقافة العميقة التي يتقاسمها المغاربة جميعا. وشدد السفير على أهمية الاستمرار على هذا النهج٬ داعيا أفراد الجالية المغربية إلى أن يكونوا خير سفراء لبلدهم في تعاملاتهم وأمانتهم وأخلاقهم٬ متوجها بالشكر الجزيل لمجلس إدارة مركز أصدقاء البيئة على احتضان مثل هذه الفعاليات٬ التي تعكس بحق مدى انصهار المواطن المغربي في دولة قطر٬ ومساهمته بتلقائية في تعزيز الورش التنموي الذي تشهده دولة قطر. وتم خلال هذه الأمسية عرض شريط وثائقي تعريفي بالمملكة المغربية أعده الإعلامي المغربي محمد لشير توقف خلاله عند أبرز المحطات الخالدة في تاريخ المغرب. كما قدم الإعلامي محمد أعماري قراءات شعرية لشعراء مغاربة أمثال محمد الحلوي وعبد المالك البلغيثي الذين تغنوا بالمغرب وجمال طبيعته وجباله وكرم أهله وضيافتهم٬ وأبدع قصيدة زجلية تعرف بأغلب المدن المغربية. وتجدر الإشارة إلى أن "اللمة المغربية " التي تعكس الأجواء الرمضانية المغربية٬ تبلورت أيضا من خلال حفل الاستقبال الذي نظمته مؤخرا سفارة المملكة المغربية في قطر بمناسبة تخليد الذكرى 13 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين. فقد اكتظت قاعة النادي الدبلوماسي التي احتضنت الحفل بأفراد الجالية المغربية في قطر ٬ الذين يمثلون مختلف الفئات العمرية والمهنية من إعلاميين ورجال اعمال ومهنيين وعمال٬ تجمعوا في شكل حلقات متناثرة وعلت محياهم الغبطة بالتلاقي وصلة الرحم بأبناء وطنهم الأم.