أدارت إسبانيا من جديد ظهرها للاحتجاجات المغربية، التي أعقبت الزيارة التي قام بها وزير داخليتها إلى مدينة الحسيمة، وما أعقبها من استدعاء للسفير الإسباني بعد أن تم الإعلان عن الشروع في هيكلة ميناء مليلية. وأكدت مصادر مطلعة أن حكومة راخوي، رغم الأزمة المالية الخانقة التي تضرب إسبانيا، قررت تخصيص3.5 ملايين يورو لهيكلة الميناء كخطوة أولى لتوسيعه على مساحة تقدر ب40هكتارا، مما سيمكن من الربط بين الميناء التجاري والعسكري والترفيهي بهدف خلق قطب اقتصادي، وجعل الميناء متنفسا اقتصاديا مهما للمدينة، بعدما نجح المغرب في إحداث مشاريع أقطاب سياحية واقتصادية بالمنطقة، ومنها ميناء الناظور المتوسطي ومشروع «مارتشيكا» وعدد من المنتجعات السياحية. ويهدف هذا المشروع، الذي سيكلف غلافا ماليا يقدر بحوالي200 مليون أورو، إلى تحويل ميناء مليلية إلى منافس حقيقي لميناء طنجة المتوسطي، وإنقاذ مدينة مليلية المحتلة من الاختناق الاقتصادي الذي تعانيه بسبب الركود التجاري وارتفاع نسب البطالة والفقر إلى مستويات قياسية، علما بأن هذا المشروع، الذي تطمح إسبانيا من خلاله إلى استنساخ النموذج السنغافوري بمليلية، سبق أن تم رفضه من طرف الحكومة الاشتراكية، قبل أن يتعهد راخوي بتنفيذه خلال الزيارة التي قام بها لمليلية قبل وصوله إلى رئاسة الحكومة الإسبانية. واعتبرت المصادر ذاتها أن التحركات الإسبانية هي بمثابة حرب اقتصادية وتجارية لتكريس الاحتلال، وهو ما عبر عنه بوضوح مسؤول بحكومة مليلية المحتلة في وقت سابق، حين أكد بأن إسبانيا لن تقف مكتوفة الأيدي بعد أن قرر المغرب إنجاز ميناء الناظور المتوسطي. واعتبر المتحدث ذاته أن استمرار حكومة مليلية المحتلة في «النوم سيشجع طرفا ما ليأخذ منها حصتها من الكعكة»، في إشارة إلى حجم الحاويات التي تروج بمنطقة غرب المتوسط، والتي يصل عددها إلى حوالي 34 مليون حاوية. هذه الخطوة رافقتها سلسلة من القرارات التي تكشف بوضوح توجه السلطات الإسبانية نحو تكريس احتلالها، في رد مباشر على الدعوة التي وجهها وزير الخارجية سعد الدين العثماني لفتح هدا الملف بعد أن تقرر أيضا ترقية القائد الجهوي للحرس المدني بمليلية من رتبة «يوتنون كولونيل» إلى رتبة «كولونيل»، موازاة مع قرار آخر يهدف إلى إحداث نقطة جديدة للمراقبة على جزر» تشافاريناس»، التي لا تبعد عن بلدية «راس الما»بالناظور سوى بكيلومترين. وحذرت المصادر ذاتها من أن استمرار هذه الممارسات ستجعل إسبانيا تراقب التراب المغربي من البر والبحر، وستفقد المغرب المبادرة في سياسة الاحتواء التي مارسها على مدينة مليلية المحتلة.