قبل أسابيع قليلة كان التساؤل حول ما إذا كان سيذهب هو الآخر للمشاركة مع فريقه في البطولات الأوروبية، اليوم يسمع ويقرأ في كل مكان أنه النجم الصاعد والأبرز داخل الفريق البرتقالي.. اسمه أصبح من أكثر الأسماء التي تتردد على مسامع الجميع. إنه لاعب نادي برشلونة الاسباني ولاعب المنتخب الهولندي والمغربي الريفي الأصل إبراهيم أفيلاي، اللاعب الذي فاجأ الجميع وأدهشهم بعزمه على التحدي وبمستواه الرائع مع الفريق البرتقالي خاصة بعد حالة الانتعاش والتعافي من الإصابة التي سبق وأن أصيب بها مع فريقه برشلونة الإسباني. تعافى أفيلاي بعد الإصابة الأولى وعاد بعد ذلك للعب (أمام ميلان)، لكنه لم يلبث أن تعرض لإصابة أخرى غاب على إثرها ما يقارب الثمانية أشهر... عاد أفيلاي مرة أخرى... لكن عودته هذه المرة لم تكن طبيعية.. كانت عودة قوية جدا، لم يكن أحدا يتوقع أن تكون عودته بهذا الشكل الإيجابي الكبير، "من المهم جدا أن تكون واثقا من نفسك.. وتكسب ثقة الناس الذين يشتغلون معك يوميا"، يقول أفيلاي. لاعب فرض علينا احترامه كما فرض نفسه نجماً فوق العادة، خطف الأنظار بمعطياته الفنية العالية، زادت شعبيته كثيرا بعد عودته للعب مع زملائه في الفريق الهولندي، والحديث عنه هنا لا يقتصر فقط على مستوى "لعبه" بل يتجاوزه الى مستويات أخرى.. القيم والمبادئ الأخلاقية التي يتميز بها، وكذلك التزاماته الدينية. الكثير هنا لا زال يتذكر ما نقلته عنه بعض المنابر الإعلامية خاصة منها صحيفة "موندو ديبورتيفو" الاسبانية (أثناء رحلة عودة لفريقه برشلونة، بعد انتهاء مباراة مع فريق ريال سوسيداد ) حين قام أفيلاي "ليفاجئ" الفريق الكطالوني وكل البعثة المرافقة له، ليصلي في الطائرة "مرتديا ثوبا طويلا"، ورغم دهشة الجميع للأمر، الا أن الكل احترم طقوس اللاعب، والتزم الصمت، وأفسحوا له المجال، ليؤدي التزاماته الدينية. هنا في هولندا لا يخلو الحديث عن المنتخب الهولندي من ذكر اللاعب أفيلاي، ولا يحلو دون ذكره بل والإشادة به أيضا سواء من طرف المدرب أو اللاعبين أو حتى الجمهور، أصبح هو الفتى الذي يعشقه الجميع.. أصبح اللاعب المحبوب لدى الجماهير هنا. كذلك المغاربة هنا فخورون بهذا اللاعب..."نحن غير سعداء لأنه لا يلعب للفريق المغربي ولكن فخورون، لأنه ابن جلدتنا " يقول أحد المغاربة، "لذلك واجب علينا أن نوجه تحية لهذا اللاعب الكبير متأملين أن يقتدي لاعبونا بسلوكه الأخلاقي والحضاري" يضيف آخر. إنه لاعب كبير، وهذا أمر يشرفنا كمغاربة وكريفيين أمازيغ، يشرفنا أن يكون لاعب يتحدث عنه الجميع بإيجابية، تألق في كل المباريات الاستعدادية للفريق الهولندي ساهم بشكل كبير في كل انتصارات الفريق خاصة في المباراة الأخيرة التي جمعت المنتخب الهولندي بمنتخب إيرلندا الشمالية... كان فعالا بشكل كبير جدا في اللقاء وبصم المقابلة بهدفين رائعين. إنه فعلا لاعب ونجم يستحق الإشادة.. ويستحق وقفة تقدير واحترام إن لم تكن لما يؤديه على المستطيل الأخضر فستكون للثقة التي يظهرها في نفسه كل مرة كما للصورة الجميلة التي يقدمها، في زمن غابت فيه الكثير من الأشياء و"الصور" الجميلة، في زمن لا يُفسح فيه المجال الا لصور كاريكاتورية مخجلة تُلصق لنا وبنا أو-ربما- تُؤخذ لنا كذلك. في زمن غابت فيه القدوة وغابت الانتصارات.. زمن لا نرى فيه أمامنا الا منتخبا مثقلا بالأسى منتخبا لم يعد -أبدا- "أسدا"، متلفحا مرارة الخيبة، ولاعبون يلعبون ولا يبدعون وإن أبدع بعضهم فلا ينتصرون، تعودوا -وبعد كل مباراة- على الانسحاب خلسة بلا صوت بلا زهو بلا فرح وبلا عيد. وكيف لهم أن يفرحوا وهم المطاردون بهتافات الرحيل المجلجلة من حناجر المغاربة في طول البلاد وعرضها. تحية إليك أفيلاي.. يوم لعبت ويوم صليت ويوم أبدعت... تحية إليك وأنت مثالاً يحتذى للغير، ودرساً وعبرة لمن لا يعتبر.