من بين الكتابات المنصفة للأمازيغ " كتاب " صدر مؤخرا للمستشارة المصرية الدكتورة نهى الزيني، تحت عنوان " أيام الأمازيغ " عن دار الشروق بمصر. والحديث عن الأمازيغ جاء في سياق اضواء على التاريخ السياسي الأسلامي .ومن بين الشهادات التي ادلت بها د. نهى الزيني أن الأمازيغ هم السكان الأصليون للمغرب ، وتواجدهم في هدا البلد يعود الى ما قبل الأسلام بعقود من الزمن وقد دخلوا في الأسلام مند القرن الأول . ومن التجليات التي لايستطيع الباحث تخطيها أن الثقافة المغاربية مرطبة ارتباطا عضويا بالأمازيغ،فهي لصيقة بهم ،كما أنهم يرفضون أن ينعتوا بالعرب أو بالبرابرة ويفضلون تسمية الأمازيغي الدي يعني الحر المشتق من الحرية والنبيل المشتق من النبل وهم حقا أحرار ونبلاء. وتستطرد الدكتورة قائلة : ولهم صفات يعرفون بها كالصمود والثورة والصلابة وعدم الأنطواء ، ومن الصعب إحتوائهم، ولايحبون أن تتعامل معهم بفوقية وسلطوية. ولهم ملاحم تاريخية عظيمة ، فطارق ابن زياد أمازيغي والجيش الدي فتح الأندلس كله أمازيغ ،وأما القول بأن العرب هم الدين فتحوا الأندلس فهو افتراء ولا اساس له من الصحة ،وأن الدي حصل هو ان كتيبة من الجيش الأسلامي جاءت لاحقا من الشرق والتحقت بالجيش الأمازيغي تحت قيادة طارق ابن زياد بعد فتح الأندلس. والأمازيغ لهم لغتهم الخاصة التي يعتدون بها وهي الأمازيغية ، وغالبيتهم مسلمون و يتحدثون العربية .ومن بين الشهادات التي ساقتها " د. نهى الزيني " في حق الأمازيغ أن الأندلس عرف بعد ثلاثة قرون من الحكم مشاكل سياسية وهجمات عسكرية شرسة ومتكررة من طرف النصارى قصد طردهم من الأندلس .ومن جراء هده الهجمات كادت دولة الأندلس أن تندثر لولا دولة المرابطين الأمازيغية بقيادة البطل المغربي الأمازيغي يوسف إبن تاشفين التي قامت في القرن الخامس الهجري ، هدا الأخير عبر مرتين الى الأندلس بجيشه الأمازيغي ليصد هجمات النصارى على الأندلس ، واستطاع استردادها من الصليبيين بعدما كان يستنجد به حكام الأندلس. هدا البطل المغربي لعب دورا كبيرا في تاريخ البحر الأبيض المتوسط وليس فقط في المغرب.ومن بين صفات النبل والشهامة التي كان يتصف بها هدا القائد العظيم أنه ما طمع قط في الأستحواد على الأندلس والتمتع بخيراتها ، وما ادراك ما الأندلس في تلك المرحلة ، بل كان يعمل على توحيد كلمة حكام الأندلس في تلك المرحلة ، وبعدها يعود أدراجه الى مراكش.غير آبه بجمال جنانها وقصورها التي كانت في متناول يده.ومن أجل هده السيرة العطرة التي اشتهر بها ،عده أبوا حامد الغزالي سادس الخلفاء الراشدين الأربعة بعد عمر بن عبد العزيزرضي الله عنهم أجمعين. هدا وتضيف د. نهى الزيني فلولى الأمازيغ الدين استطاعوا إعادة الأندلس من الصليبيين وبالتالي تغيير الحضارة الأنسانية كاملة باستمرار الحكم الأندلسي الى ثمانية قرون ، لما اكتشفت أمريكا ...كان هناك محيط أطلسي هائل سمي في داك الوقت ببحر الظلمات وما كان العالم يعرف أن وراء البحر يابسة ...لكن علماء من الأندلس هم الدين اكتشفوا أمريكا !! وفي معرض حديثها عن الأمازيغ تقول د. نهى أن كثيرا من الناس لايعرف مثلا أن ابن خلدون منشأ علم الأجتماع أمازيغي ...وأن ابن بطوطة الرحالة العالمي و الفيلسوف المعاصر محمد عابد الجابري ومحمد عبد الكريم الخطابي النمودج الحي للحركات التحررية في العالم الثالث أمازيغ من شمال المغرب . وعلى العموم فالدكتورة والمستشارة نهى الزيني المصرية تحدثت عن الأمازيغ بكثير من الأحترام والتقدير ولم تقل أدبها إطلاقا على الأمازيغ ...بل وفتهم حقوقهم كاملة بحيث ترى أن خصوصية الشعوب كاللغة والتقاليد والعادات والفلكلوروالداكرة الجماعية والى غير دلك من الخصوصيات يجب احترامها ، وأن احترام هده الخصوصيات هي التي تحافظ على استقرار البلدان والدول. ومن باب النبش في بعض الكتابات المغربية التي تناولت الأمازيغ ،بكثير من التحليل والنقد في أطروحاتها .، أسوق بعض المقتطفات من كتاب تحت عنوان " حوار مع صديقي الأمازيغي " للشيج عبد السلام ياسين منظر حركة العدل والأحسان في المغرب . وقبل تسليط الأضواء على هده الكتابات ، اسجل أني لست ضد الشيخ عبد السلام ياسين ولا معه ، ولا أكن له إلا كل الأحترام والأكبار ،وإنما كتاباته حول الأمازيغ هي التي قادتني الى مايسمى بالأدب المقارن ، بحيث أضع كلامه حول الامازيغ في ميزان المقارنة بينه وبين الدكتورة والمستشارة نهى الزيني ، وبالتالي نرى الى أي مدى كان موفقا أو غير موفق في تناوله للأمازيغ..!! يقول الشيخ عبد السلام ياسين في الصفحة 83 من كتاب حوار مع صديقي الأمازيغي ما يلي : يكتب الأستاد محمد شفيق " ناشط أمازيغي مسلم يدافع عن لغته الأم " صديق العربية ودارس المصحف ، أن الأمازيغية كما يتصور ثقافتها وسياسة ثقافتها لايريدها ضرة للغة القرآن . هو تعلم العربية وعلمها بجهد وشغف ، ففتحت له الفهم في كتاب الله ، وهدى التأمل في كتاب الله الى الأيمان . مسلم لانشك في إسلامه. لكن ما بال اللغة الأمازيغية يراد لها أن ترسم في الدستور لغة وطنية ثانية ؟ ما بال الثقافة الأمازيغية تغار من العربية وتنازعها على أوقات الأعلام الرسمي في التلفزيون ؟ أي إعلام ؟ وأي تلفزيون ؟ لو كانت اللغة الأمازيغية تساهم في إنكار المنكر في وسائل الأعلام ، وتقوم المعوج ، وتغضب على الفسوق والفجور المسموع والمرئي، وتعلم الدين والفضيلة ، لشفعت لها نيتها . لكن هده الثقافة الأمازيغية الأصيلة في المغرب العريقة الآبآء والأجداد لاتقل ميوعة من لغة الفجور والفسوق العربية في إداعتنا وتلفزيوننا . ويضيف الشيخ عبد السلام ياسيين في الصفحة 264من الكتاب : ينقب الباحث الأمازيغي عن مفخرة عظمى للغته وقضيته السياسية فيكتشف حرفا أمازيغيا موغلا في القدم محفورا على صخور ليبيا ومصر والجزائر والمغرب . ينقب ويكتشف حرف " تيفناغ " تيفي ناغ . أي مكتشفاتنا . وجدناها . وجدناها مؤثلة عريقة في التاريخ . وجد آباؤنا العباقرة "صيغة للأحتقار والتصغير " حرفا ربما عاصر رسوم الفراعنة وسبقها بما هو أبجدية متطورة تغبر سابقة في وجه الأشكال المصرية القديمة . ويستطرد الشيخ عبد السلام ياسين قائلا في نفس الصفحة : ويرشح الباحثة المؤرخ صاحب المعجم العربي الأمازيغي الأستاد محمد شفيق لغة الأجداد ، لغة العناد ، لتكون أداة سياسية ومؤسسة إيديولوجية يستفيد منها المغرب ويمد نفوده وخيوط دبلوماسيته من مالي والنيجر إالى موريطانيا وليبيا . " مرة ثانية صيغة الأحتقار والتصغير للغة الأمازيغية " وفي الصفحة الموالية يكتب : لانثق ببراءة المطالبة الثقافية الأمازيغية . فإن في بطنها جنين ثورة سياسية قومية ، ومشروع حمية وعبية أي عنصرية . في بطنها كسيلة والكاهنة ." مرة ثالثة : توظيف لصيغة الأحتقار والتصغير " وعلى العموم فكتاب الشيخ عبد السلام ياسين " حوار مع صديقي الأمازيغي " يعتبر دفاعا مستميتا على لغة الضاد لغة القرآن . وهدا يحسب له ، ولكن في نفس السياق هو هجوم عنيف على الأمازيغ بشقيه الأمازيغ المسلمين والأمازيغ العلمانيين الدين يدافعون على تراثهم الأمازيغي بكل مقوماته . ومن خلال سياق الحديث عن الأمازيغ في هده الأدبيات .، نجد أن الدكتورة نهى الزيني تناولت الأمازيغ بكثير من الأحترام والأنصاف ، ولم تقل أدبها إطلاقا عن الأمازيغ ،وهي د. ومستشارة تلتزم الحجاب الأسلامي وتمثل القيم التي تؤمن بها إد يقول تعالى في سورة الحج " وهدوا الى الطيب من القول وهدوا الى صراط حميد " وحرف الهاء يقرأ بالضمة . والضمير يعود على المؤمنين الدين دكروا في الآية التي سبقت هده الآية . أما الشيخ عبد السلام ياسين من خلال كتابه حوار مع صديقي الأمازيغي فقد شطب من قاموسه الأيديلوجي الديني هده الآية القرآنية التي تأمر المؤمنين بالقول الطيب ... والمجادلة الحسنة ...وسقط في آفة تناول الأمازيغ بما لايستقيم مع الحقائق التاريخية ومكانتهم التي يجب إنزالهم فيها.... ومن الثوابت التي لايمكن زعزعتها ، أن الأمازيغي المسلم والأمازيغي العلماني تربطهما روابط عدة ،منها الرابطة الأنسانية التي تربطهم كبشر، وينظوي تحتها عدة حقوق وواجبات تجاه بعضهم البعض . ورابطة اللغة الأمازيغية التي يشتركون في الدفاع عنها جميعا كلغة أم .ورابطة الثقافة الأمازيغية بما فيها من فلكلور وأهازيج وشعر وحكايات وعادات وتقاليد وتاريخ مشترك وملاحم ومعارك وأفراح واحزان والى ما دلك من الروابط التي تجمع الأمم والشعوب ، والأمازيغ لايجدون أنفسهم ودواتهم ولا تنبسط أساريرهم ولا تتعالى ضحكاتهم إلا إدا خاضوا في الحكايات الشعبية بالأمازيغية القحة ، فهي جزء منهم لاتقبل الأنفصال ولا البتر . واما قضية لغة الضاد لغة القرآن فالأمازيغ يتحدثونها بطلاقة ، والأسلام في هده البقاع هم الدين حافظوا ويحافظون عليه ، والأمازيغية ولغة القرآن بالنسبة للأمازيغ، كسكة الحديد خطين متوازيين متعانقان يسيران في اتجاه واحد الى ما لانهاية . وختاما أقول أنه من الظواهر المؤسفة التي تؤلمنا ونجدها في كثير من نخبنا المغربية ، هده الدونية الأدبية التي يتناولون بها التراث الأمازيغي الأصيل. فكل الأمم تسعى الى تمجيد أسلافها ، وتجتهد في صناعة تاريخ مشرق جميل يعتز به الأبناء واالأجيال القادمة فينطلقون من جديد رافعي رؤوسهم وسط الناس، ما عدى النخب المغربية . فبدل أن يتحلى الباحث أو الكاتب أو الناقد المغربي بالأمانة العلمية والكلمة الطيبة والتشجيع الأيجابي للتاريخ والتراث الأمازيغي ، نجده يسقط في متاهات الحقد والتحقيروالتشنيع والحط من كل ماهو أمازيغي .