قررت الحكومة المغربية زيادة الضرائب المفروضة على استهلاك الخمور والجعة والسجائر الفاخرة "السيجار" في البلاد، استجابة لمقترح فرق أحزاب الأغلبية داخل البرلمان، خاصة حزب العدالة والتنمية "الإسلامي"، الذي يقود الحكومة الحالية، حيث كان ذلك مطلباً رئيسياً له طيلة فترة تواجده في صفوف المعارضة. وفيما اعتبر محللون أن زيادة الضريبة الداخلية على الخمور والسجائر الفاخرة ترمي أساساً إلى الرفع من مداخيل الدولة وانتعاش الخزينة، لفت آخرون إلى أنها تشكل ضرراً يلحق بالاقتصاد الوطني، خاصة في ما يتعلق بقطاع السياحة الذي تعتمد عليه البلاد في مواردها المالية. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة قررت الزيادة في الضريبة على استهلاك الخمور من 10500 درهم لكل 100 لتر إلى 15 ألف درهم، وعلى استهلاك الجعة التي تتوفر على نسب محددة من الكحول من 550 إلى 900 درهم، كما رفعت الضريبة على السجائر الفخمة من 25% إلى 35%. ويرى مراقبون أن هذا القرار يحمل لمسة واضحة من حزب العدالة والتنمية، الذي ما فتئ يطالب بذلك طوال سنوات معارضته في البرلمان، وكانت الحكومات المتعاقبة ترفض طلبه، فجاءت فرصة توليه للسلطة حالياً لتتيح له اتخاذ هذا القرار. وبرر حزب "الإسلاميين" هذه الزيادة في الضرائب على الخمور بأن الرسوم المفروضة عليها لم تتغير منذ 33 عاماً، مقارنة مع العديد من المواد الأخرى التي شهدت ارتفاعاً في الضرائب عليها، وهو ما يسمح بانتعاش ميزانية الدولة مع حماية الفئات الاجتماعية الفقيرة التي تتعاطى الكحول. أما بالنسبة للخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني فإنها مجرد إجراء مالي صادق عليه البرلمان، لإيجاد بعض الحلول للمشاكل المالية التي تعاني منها الميزانية، مضيفاً أن شركات إنتاج وتوزيع الخمور بالمغرب، حققت أرباحاً طائلة، كان لزاما على الحكومة أن ترفع الضريبة عليها موازاة مع ما حققته من أرباح. وشدد الكتاني على الجانب الاجتماعي في الموضوع، باعتبار استهلاك الكحول آفة خطيرة تفتك بصحة الأفراد واستقرار الأسر وأمن المجتمع ككل. ولفت إلى أن هذه الزيادة، ستؤدي منطقياً إلى ارتفاع أثمان المشروبات الروحية، وهو ما قد يَحد ولو نسبيا من تعاطيها. من جهته أكد المحلل السياسي الدكتور عبدالعالي مجدوب أن الخمور في المغرب، بحسب الواقع والأرقام الاستهلاك الخيالية، ليست ممنوعة، والقانون المنظم لها، صناعة وتجارة وترويجا واستهلاكا، إنما هو قانون فوقي احتكرت وضعه جهةٌ لحاجة في نفسها، فضلاً عن كونه قانوناً صيغ بطريقة فيها كثير من الثغرات المتعمَّدة، وبعبارات يطبعها اللف والدوران حتى يتسنى استغلاله في كل الظروف والوضعيات. وتابع مجدوب بأنه بعيداً عن التحدث باسم الإسلام وشرائعه، فإن الخمور ينبغي أن يجري عليها، فيما يخص السياسة الضريبية، ما يجري على القطاعات التي تدر على أصحابها الأرباح الخيالية، مشيراً إلى أن قطاع الخمور بالبلاد، فلاحة وتصنيعا وتجارة وتصديرا واستيرادا، يعدّ من القطاعات التي ظلت مرتبطة ببنية النظام السياسي لا تنفك عنه منذ زمن بعيد". ويضيف أن لوبيات هذا القطاعات مثلهم مثل كثير من لوبيات القطاعات الاحتكارية المربحة، سيظلون يقاتلون من أجل الحفاظ على ما حققوه من مكاسب وامتيازات طيلة عدة عقود، مردفاً أن هذا اللوبي "الخموري" الذي راكم الثروات على حساب صحة المواطنين المسلمين وقيم دينهم وأخلاقهم، وأيضا على حساب استقرارهم الاجتماعي، لا بد أن يؤدي الثمن.