قررت الحكومة المغربية أخيرا الزيادة في الضرائب الداخلية على الخمور والجعة والسجائر الفاخرة، الأمر الذي اعتبره البعض بأنها خطوة تحمل في طياتها بصمات واضحة لحزب العدالة والتنمية "الإسلامي" الذي يقود الحكومة الحالية، لكونه طالما دعا في مقترحاته حين كان في خندق المعارضة إلى الرفع من الرسوم الضريبية على استهلاك الخمور في البلاد. ويعلق الدكتور عبد العالي مجدوب، المحلل السياسي المهتم بالشأن الإسلامي، على هذا القرار بالتذكير أولا بأنه في المغرب لا توجد حكومة إسلامية، وإنما هي حكومة مخزنية، مضيفا أن التناوب، في لبّه وجوهره، هو تناوب مخزني، لأن الملك ما يزال دائما، بحسب النسخة الجديدة للدستور، هو الذي يملك سلطات القرار الحقيقية، وصلاحيات وضع المخططات الاستراتيجية، وتقرير السياسات التنفيذية. وتابع مجدوب، في تصريحات لهسبريس، بأن الخمور في المغرب يدير شؤونها، صناعةً واستهلاكا، ظهيرٌ صادر عن الديوان الملكي سنة 1967، متسائلا: "لماذا ما يزال هذا الظهير إلى اليوم هو المرجع القانوني الوحيد في هذا الباب؟، ثم من كان يحدد الضريبة على الخمور في الماضي؟.. واستطرد المتحدث بأن الضرائب التي تقترحها الحكومة الحالية، وهي في صميمها، حكومة "صاحب الجلالة"، لا تعصي له أمرا، لا يمكن أن تخرج عن الأصول المقررة في هذا الشأن، وإنما صلاحياتُها محصورة في بعض الجزئيات التي لا تمس بالجوهر، فالخمورُ في المغرب باتت دعامة أساسية من دعامات الرواج الاقتصادي، ويرتبط بها أكثرُ من قطاع، وخاصة في مجال اللهو والترفيه والسياحة عامة، والخليجية الجنسية بصفة خاصة. وتابع مجدوب بأن أضعف الإيمان هو أن يسري على هذا القطاع ما يسري على القطاعات التي تخدم المواطنين، وتسعى من أجل كرامتهم وصحتهم وراحتهم واستقرارهم؛ فما بالك بصناعة غايتها التدمير والإفساد، مشيرا إلى أن ما يقالُ عن الخمور يمكن أن يشمل صناعة "الدخان"، وما يتعلق بها من استغلال واحتكار وتدمير وإفساد". ومن جهة أخرى، عبَّر محللون عن خشيتهم من أن تؤثر الزيادة في الضرائب على الخمور بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، وخاصة على قطاع السياحة الذي يعول عليه المغرب كثيرا في المرحلة الحالية التي تتسم بالأزمة المالية العالمية. وحذر آخرون من أن تفضي هذه الزيادة في الضريبة على الخمور إلى تنامي ظاهرة تهريب المشروبات الكحولية، حيث قد يكثر لجوء المغاربة إلى سبتة ومليلية من أجل اقتناء الخمور، باعتبار أن أسعارها ستعرف زيادة في البلاد نتيجة الرفع من الضرائب المفروضة عليها.